دعوات عراقية تحذر من انهيار شرعية الانتخابات وسط تصاعد نفوذ الأحزاب المسلحة وتمويلها الغامض

قسم الأخبار الدولية 01/07/2025
أطلقت مائة شخصية إعلامية وثقافية عراقية مبادرة جديدة تحت عنوان «عراقيون»، حذّرت فيها من خطر فقدان شرعية الانتخابات المقبلة، نتيجة تصاعد نفوذ الأحزاب السياسية المرتبطة بأجنحة مسلحة وبمصادر تمويل غير معلنة. وتهدف هذه المبادرة، التي تزامن إطلاقها مع انطلاق الحملات الانتخابية استعداداً لاقتراع نوفمبر 2025، إلى الضغط من أجل إصلاح عاجل للقوانين السياسية قبل أن تدخل البلاد في ما وصفه المبادرون بـ«مرحلة فقدان الشرعية الشعبية».
وركزت المبادرة، التي ما تزال في طور الحراك المدني غير المرتبط بأي طرف سياسي، على ما اعتبرته انهياراً في الثقة الشعبية بالعملية الانتخابية، مشيرة إلى تزايد العزوف الجماهيري وتراجع الحماسة للمشاركة، وسط مخاوف من أن تؤدي الظروف الإقليمية إلى تأجيل جديد للاستحقاق الانتخابي.
وأبدى المبادرون تخوفهم من استمرار احتكار السلطة من قِبل قوى سياسية محددة تملك المال والسلاح، مؤكدين أن عدم تطبيق قانون الأحزاب، وغياب قانون انتخابات عادل، قد أفرغا الديمقراطية من مضمونها الحقيقي، ما يهدد بإعادة إنتاج طبقة سياسية مسيطرة بقوة النفوذ وليس عبر تمثيل شعبي حقيقي.
وفي حديث لـ«الشرق الأوسط»، أقر أحد الموقعين بصعوبة تبنّي القوى النافذة لبنود المبادرة، قائلاً إن الاعتراف بها يعني فعلياً إقصاء الذات من المشهد، لكنّه اعتبرها «الحد الأدنى من التحرك الواجب» وسط مناخ سياسي آخذ بالتدهور.
وركّزت المبادرة على القصور في تطبيق قانون الأحزاب الذي أقرّه البرلمان عام 2015، والذي يمنع تأسيس الأحزاب على أسس طائفية أو ارتباطها بتنظيمات مسلّحة أو تمويل أجنبي. ورغم النصوص القانونية، فإن المبادرة أكدت أن معظم بنوده المهمة لا تُطبق، ما أتاح نشوء ما يُعرف بـ«الحزب المسلح»، وتضخُّم قدرته على التأثير في صياغة النظام الانتخابي.
كما لفتت إلى إغفال المواد المتعلقة بالتمويل، مشيرة إلى أن بعض المرشحين أنفقوا ملايين الدولارات في حملاتهم أمام أعين مفوضية الانتخابات وديوان الرقابة المالية، دون محاسبة أو كشف للمصادر. وأشارت إلى انتهاك واسع للمادة 25 من القانون، والتي تحظر استغلال موارد الدولة في النشاط السياسي.
وانتقدت المبادرة قانون الانتخابات المعدّل لسنة 2023، معتبرة أن اعتماد نظام “سانت-ليغو 1.7” أدى إلى إهدار أصوات القوائم الصغيرة وتعزيز هيمنة القوى الكبرى. كما هاجمت التناقض في تحديد عمر الترشح (30 عاماً) مقارنة بإمكانية تأسيس حزب في سن الـ25، ووصفت ذلك بأنه رسالة مبطنة لإقصاء الكفاءات الشابة.
وتطرقت كذلك إلى ما وصفته بـ«خلل أخلاقي وقانوني» في السماح للمشمولين بجرائم سرقة المال العام والإرهاب بخوض الانتخابات بعد صدور عفو عنهم، مما يخالف نص المادة 6 من القانون الانتخابي الجديد.
واختُتمت المبادرة بجملة توصيات إصلاحية، أبرزها: التطبيق الفوري لقانون الأحزاب، مراجعة ملفات الأحزاب المسجّلة، حظر القوى المسلحة، وضبط مصادر التمويل. كما دعت إلى مراجعة آليات احتساب الأصوات وتعديل شروط الترشح، بما يضمن عدالة المنافسة وتوسيع التمثيل الشعبي داخل البرلمان.
وتأتي هذه المبادرة وسط أجواء سياسية مشحونة، وتحذيرات من تحول الاستحقاق الانتخابي المقبل إلى استعراض شكلي يُكرّس هيمنة أطراف ذات نفوذ عسكري واقتصادي، على حساب المسار الديمقراطي الذي لا يزال هشاً منذ عام 2003.