آسياأخبار العالمإفريقيا

خلال الملتقى التونسي الصيني: السفير الصيني وان لي لـجريدة المغرب: ستواصل بيكين دعم تونس في اتباع مسار التنمية

قسم الأخبار الدولية 25/08/2025

يحي الشعب الصيني هذه الفترة الذكرى الثمانين للانتصار في حرب مقاومة الشعب ضد الفاشية خلال الحرب العالمية . وبهذه المناسبة نظمت سفارة الصين بتونس بالتعاون مع المركز الدولي للدراسات الإستراتيجية والأمنية والعسكرية ندوة دولية بحضور نخب أكاديمية تونسية ودولية ، وتم خلالها التطرق الى تجربة الصين بعد ثمانين عاما من حرب المقاومة وكذلك الى العلاقات بين تونس والصين ورهاناتها ومستقبلها . وكذلك تم التطرق الى واقع العلاقات الدولية اليوم وما تواجهه من تحيات في سياق الأزمات الراهنة والحروب المتواصلة.

فحرب مقاومة الشعب الصيني ضد الفاشية في القرن العشرين تعتبر احدى اهم الفصول في تاريخنا الحديث . منذ ثلاثينيات القرن الماضي، وأمام التهديدات الخارجية، انخرط الصينيون في تعبئة شاملة. فقد شهدت البلاد مظاهرات شعبية واسعة، وحملات عسكرية منسقة، ومشاركة جماعية لكل القوى الحية من أجل الدفاع عن الاستقلال وكرامة الأمة.
وقد أصبحت الوحدة والتضامن في تلك المرحلة كلمات السر. فبعد «حادثة شيآن» سنة 1936، تشكّل جبهة وطنية واسعة تخطّت الانقسامات السياسية الداخلية، لتضع الدفاع عن الوطن فوق كل اعتبار. ووجد هذا الروح من الوحدة الوطنية تعبيره الأوضح في الحملات العسكرية الكبرى، حيث توحد الجيش والشعب في استعادة مواقع استراتيجية والحفاظ على سلامة البلاد.
تُعدّ هذه الحرب الطويلة والشاقة واحدة من أهم حركات التحرر الوطني في القرن العشرين، وقد تُوجت بالنصر الكامل سنة 1945، في انسجام مع الانتصار العالمي على الفاشية وعلى الهجوم الياباني.
الشراكة الصينية التونسية …
واكد سفير الصين بتونس وان لي بأن زيارة الرئيس قيس سعيد الى الصين العام الماضي مثلت فرصة لفتح مرحلة جديدة من العلاقات الاستراتيجية بين البلدين والى مزيد تمتين التعاون في كافة المجالات . وفي رده على سؤال “المغرب” حول العجز في ميزان التجارة بين البلدين لصالح الصين وعن الحلول لمعالجة اختلال التوازن التجاري بين البلدين؟ قال ان الجانب الصيني يشجع على مزيد ارتقاء علاقات الشراكة مع تونس وان الاختلال ليس ناجما عن إرادة صينية . وتحدث عن ان عديد الشركات الصينية بدأت بتعزيز الاستثمارات في تونس على غرار شراء مصنع اسمنت .وقال ان هناك عديد الشركات الصينية التي ترغب بمزيد اجراء التعاون لاستكشاف الفوسفات في ولاية الكاف “. وأشار السفير الى ان الرئيس الصيني اعلن عن منح جميع الدول الافريقية التي لها علاقات دبلوماسية مع الصين بما في ذلك تونس معاملة صفر للتعريفة الجمركية للمنتجات الخاضعة للضريبة .
وكان السفير قد تحدث خلال الندوة في كلمته خلال الندوة” يصادف هذا العام الذكرى الثمانين لانتصار حرب المقاومة الشعبية الصينية ضد العدوان الياباني والحرب العالمية ضد الفاشية. في هذه المناسبة، ستُقيم الصين احتفالاتٍ تذكارية مهيبة، يحضرها الرئيس الصيني شي جين بينغ، الذي سيُلقي خطابًا رئيسيًا ويستعرض القوات. شهدت الصين وتونس عملياتٍ عسكريةً كبرى خلال الحرب العالمية الثانية. واليوم، نُقيم هذه الندوة لنُحيي معًا ذكرى هذه الأحداث التاريخية الهامة، ونُشيد بالأبطال والشهداء، ونُوجّه معًا نداءً رسميًا للحفاظ على السلام العالمي والسعي لضمان مستقبلٍ أفضل للبشرية جمعاء.
وأضاف :”حقق الشعب الصيني، بتكلفة باهظة بلغت 35 مليون ضحية وخسائر اقتصادية تجاوزت 600 مليار دولار، أول نصر شامل في نضال التحرير الوطني في التاريخ الحديث. وباعتبارها المسرح الشرقي الرئيسي للحرب العالمية ضد الفاشية، كانت حرب المقاومة الشعبية الصينية ضد العدوان الياباني هي الأسبق في بدء الحرب، والأطول أمدًا، والأكثر تكبدًا للخسائر. وقد احتوت هذه الحرب القوات العسكرية اليابانية الرئيسية وأبادتها بفعالية، وقدّمت مساهمة مهمة في انتصار الحرب العالمية ضد الفاشية.
وتابع :”ومن المهم أيضًا التذكير بأن عودة تايوان إلى الصين تُمثل جزء لا يتجزأ من إنجازات النصر في الحرب العالمية الثانية والنظام الدولي بعد الحرب. تؤكد سلسلة من الوثائق، بما في ذلك إعلان القاهرة وبيان بوتسدام، إلخ، سيادة الصين على تايوان. وبالمثل، يؤكد قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم 2758 أن ممثل جمهورية الصين الشعبية هو الممثل الشرعي الوحيد للصين لدى الأمم المتحدة. إن سلطة هذا القرار لا جدال فيها، وتمثل إعادة التوحيد الوطني اتجاهًا تاريخيًا لا رجعة فيه. واضاف :”في العام الماضي، وبمناسبة زيارة الدولة التي قام بها الرئيس التونسي قيس سعيد للصين، أصدر الجانبان بيانًا مشتركًا حول إقامة شراكة استراتيجية بين الصين وتونس، أكد فيه الجانب التونسي مجددًا احترامه لقرار الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم 2758. ويود الجانب الصيني أن يعرب عن تقديره وامتنانه للجانب التونسي على تمسكه الراسخ بمبدأ الصين الواحدة. كما ستواصل الصين دعم تونس بحزم في اتباع مسار التنمية المناسب لظروفها الوطنية.”

وأشار الى ان الشراكة الاستراتيجية بين الصين وتونس تشهد حاليًا زخمًا قويًا وتُظهر آفاقًا واسعة للتعاون. منذ عام 2019، تضاعف حجم التجارة تقريبًا. ويتقدم التعاون بين الجانبين في المشاريع الكبرى بثبات. ونشهد عددًا متزايدًا من الشركات الصينية التي تأتي إلى تونس لاستكشاف الفرص وتوسيع أنشطتها التجارية. وقد أعلن الرئيس الصيني شي جين بينغ مؤخرًا عن تطبيق معاملة التعريفة الجمركية الصفرية على جميع فئات المنتجات من 53 دولة أفريقية تربطها علاقات دبلوماسية مع الصين. تعمل تونس والصين معًا لتنفيذ هذا الإجراء، مما يُمكّن عددًا أكبر من المنتجات التونسية عالية الجودة من الوصول إلى السوق الصينية في أقرب وقت ممكن، وذلك لتخفيف اختلال التوازن التجاري وتعزيز تعاون تجاري سليم ومتين ومستدام، يعود بالنفع على الطرفين.”
وعلى هامش الندوة أقيم معرض للصور الفوتوغرافية لإتاحة الفرصة لجميع الحاضرين لاستحضار هذه الفترة التاريخية الهامة .
الحوار الحضاري والتعاون
وتطرقت الندوة الى ثلاثة محاور هامة الاول تحت عنوان “الحرب العالمية الثانية درس مؤلم على الإنسانية” وترأس الجلسة د. طارق بوعتور وقدم خلالها
د فرج معتوق مداخلة تحت عنوان دروس مشتركة من حركات التحرير في الصين وتونس: من النضال الشعبي إلى بناء الدولة. وقدمت د. ليو بيشيا من جامعة الشؤون الخارجية الصينية مداخلة تحت عنوان التحرر من الفاشية: الانتصار في حرب المقاومة الشعبية الصينية ضد العدوان الياباني وتأسيس جمهورية الصين الشعبية. وقالت في كلمتها :” 80 عامًا مرت منذ انتصار الصين في حرب المقاومة ضد الاضطهاد الياباني. واليوم، بعد ما يقرب من عقدين من الزمن، حققت الصين إنجازات ملحوظة في المجالات العلمية والتكنولوجية، من الطاقة إلى الابتكار. وتشهد هذه الإنجازات على التزام البلاد بالدروس العظيمة للحرب المناهضة للفاشية، التي لا تزال توجه تطورها الوطني”. واوضحت :” يقول المثل الصيني القديم: «الدولة المتقدمة لا ينبغي أن تفقد ما اكتسبته أبدًا». وبفضل هذه الحكمة، تمكنت الصين من النمو بسرعة، مع مقاومة أي شكل من أشكال الهيمنة، مفضلة التعاون والازدهار المشترك على الصراع.” ولفتت الى انه بالاعتماد على هذه الدروس التاريخية، استطاعت الصين أن تتطور بسرعة ومرونة، مع المساهمة في تقدمها الوطني. واليوم، من الضروري الحفاظ على هذا التعاون وهذه الرؤية المشتركة من أجل تعزيز المبادئ المناهضة للفاشية على المستوى العالمي”.
مسار الاستقلال التونسي
وتحدث د.عبد اللطيف الحناشي عن تونس ومسار الإستقلال: من المقاومة الوطنية إلى بناء الدولة الحديثة . وتناول خلالها ثلاثة عناصر أولها جذور الحركة الوطنية: ثانيا: الحركة الوطنية التونسية المدنية وثالثا: بناء الدولة الحديثة.
وقال ان الحركة الوطنية التونسية تعتبر سليلة الفكر الإصلاحي الذي عرفته البلاد قبل الاحتلال . وأشار الى ان جهود النخبة التونسية اتجهت بعد الاستقلال نحو بناء الدولة الوطنية واستكمال السيادة وتحديث المجتمع ومن الإنجازات الدولة الحديثة
وقال ان احتلال تونس من قبل فرنسا استمر لمدة 75 سنة كما استمر النظام الملكي نحو قرنين ونصف .تمكنت النخبة السياسية من تحقيق استقلال البلاد وإلغاء النظام الملكي بعد نحو قرنين ونصف من سيادته وبناء النظام الجمهوري ورغم الإنجازات التي تحققت على جميع المستويات غير ان النخبة الحاكمة لم تحترم دستور البلاد الذي اكد في فصله السادس على حرية الراي والتعبير وحرية التنظم برغم انتماء هذه النخبة للفكر الليبيرالي التحرري وتشبعها بالفكر التقدمي… ورغم العديد من الانجازات الاقتصادية والاجتماعية والثقافية لم تتمكن من بناء اقتصاد وطني متين يحقق الرفاه لكل السكان.
الانتصار الاقتصادي هو الأساس
اما المحور الثاني فكان تحت عنوان الصراع الدولي ودعوة الصين للسلام والأمن الشامل وترأس الجلسة د. حسان قصّار وتحدث خلالها ماهر قديدا عن الهيمنة الغربية الإستعمارية على العالم وتقسيم خارطة العالم.
اما د. رضا اشكندالي فقد شرح تأثيرات حرب التجارة العالمية وفرض التعريفات الجمركية وخطورتها على اقتصاديات العالم والاستقرار الدولي واكد في كلمته بان شكراً لمنظمي هذه الندوة على هذه الدعوة الوطيفة. وقال :” الانتصار لا يكون فقط على المستوى الميداني والعسكري ولكن يكون انتصاراً عظيماً عندما يكون في المجال الاقتصادي. وأضاف :”نذكر أنه في سنة 1962، الأرقام الأولى المتوفرة على مستوى معهد الإحصاء ان الناتج المحلي الإجمالي للصين واليابان كان تقريباً متساويين أي حوالي 47 مليار دولار. في السنة الماضية 2024، الناتج المحلي الإجمالي للصين هو أربعة مرات. فالناتج المحلي الصيني 18.4 تريليون دولار واليابان 4.2 تريليون دولار. أعتقد هذا هو الانتصار الحقيقي. هو الانتصار بعد المقاومة، يعني الانتصار في الجانب الاقتصادي.” وفق قوله.
من جهته تحدث عدنان ليمام عن الضغوطات الغربية على الدول ومنعها من الانفتاح على شراكات جديدة.
ومن الصين تحدث د. وانع هوانفيي من المعهد الصيني-الإفريقي. وركز على موقف الصين الثابت من القضية الفلسطينية وتجربة الصين في ترسيخ السلام من خلال الحوار والوساطة الدبلوماسية مقدمة نفسها كنموذج بديل للقيادة الدولية الهادئة.
المحور الثالث تحت عنوان رسم رؤية مستقبلية من أجل التعاون الثنائي التونسي الصيني وتكريس مبدأ الحوار الحضاري . وتحدث خلاله المتدخلون عن كيفية تطوير العلاقات الثقافية والشبابية بين تونس والصين من خلال مبادرات عديدة هامة. وتحدث خلاله د. تانغ شييوان من جامعة الشؤون الخارجية الصينية في حرب المقاومة ضد الاحتلال الياباني والنصر العالمي على الفاشية. وقال :” نجتمع لتبادل الآراء حول مبادئ الحوار والحضارة والتضامن الإنساني. قبل ثمانين عامًا، دفعت القوى المعادية للسامية في العالم ثمنًا باهظًا لولادة النظام العالمي، وهو صراعٌ طال مصير البشرية جمعاء وكلف عشرات الآلاف من الأرواح”. وتابع :” يُظهر هذا الإرث التاريخي قيمة السلام وضرورة حمايته جيلًا بعد جيل. لقد عانت تونس من معاناة الحكم الاستعماري، بينما عانت الصين من إذلال الغزو، وأظهر كلاهما روحًا لا تلين في سعيهما نحو الاستقلال والحرية. تُغذي هذه التجربة المشتركة علاقاتنا المعاصرة: سواءً في معارضة التدخل الخارجي، أو الدفاع عن القانون الدولي، أو تعزيز نظام عالمي متعدد الأطراف، فإن التعاون الصيني التونسي مثالٌ حيّ. ولا يزال يُثمر، كما يتضح من استحواذ المجموعة الوطنية الصينية لمواد البناء (CNBM) على مصنع إسمنت تونسي بأكثر من 100 مليون دولار، مُمثلًا أحد أهم مشاريع الاستثمار المباشر بين بلدينا.” وفق قوله.
الحروب الراهنة ومخاطرها
رئيسة المركز الدولي للدراسات الإستراتيجية الأمنية والعسكرية الدكتورة بدرة قعلول تحدثت في كلمتها عن ان تونس والصين يعملان يدا بيد من أجل السلام الإنساني الذي ينتهك اليوم على يد النازيين والفاشيين الجدد. وأضافت بالقول :” فالعالم اليوم يعيش اضطرابات كبرى، بعد عقود من انتصار الإنسانية والشعوب على الاستعمار والفاشية، وإعلان نهاية الحرب العالمية الثانية، وانتصار حركات التحرر الوطني وطرد قوى الاحتلال، ورفع رايات النصر على النازية والفاشية.
وقالت ان السنوات الأخيرة شهدت تصاعدًا في التوترات الدولية، وأصبح العالم يحبس أنفاسه خشية اندلاع صراع عالمي جديد قد يهدد البشرية جمعاء، بسبب التقدم التكنولوجي الهائل في صناعة الأسلحة المدمّرة، وخصوصًا بعد إدماج الذكاء الاصطناعي في الأنظمة العسكرية… كذلك أصبحت شهية المافيا العالمية والنازيين الجدد مفتوحة لضرب مقومات العدالة الإنسانية ونسف مبادئ الاستقلال والحرية وقتل الابرياء في كل بقاع العالم”.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق
إغلاق