أخبار العالمالشرق الأوسط

خلافات وإنشقاقات في الداخل الإسرائلي بين العسكريين والسياسين

قسم البحوث الأمنية والعسكرية 09-01-2024

في آخر تطورات العدوان الإسرائيلي على غزة، تشير تقارير لم يكشف عنها الى أي مدى  تتنامى الخلافات الحادة في الكيان الصهيوني بين السياسيين من جهة، والعسكريين من جهة أخرى في وقت ينزل فيه الشيكل الإسرائيلي الى أدنى مستوياته وهو مافشلت البروباغاندا الصهيونية في إخفائه  .

وتتعمق هوّة الخلافات في مجلس الحرب الصهيوني المنعقد مؤخرا بين السياسيين والعسكريين الذين يمثلون واجهة السلطة بمختلف مؤسساتها حزب الليكود وبين معظم قطاعات ما يسمى المجتمع الصهيوني الذي أنهكته الصدمات المتلاحقة ويأتي كل ذلك في ظل تدهور علاقات الكيان مع المجتمع الدولي وخاصة الفشل العسكري وإنهيار صورة الجيش المتطور والاقوى والذي لا يقهر ولا يهزم.

 وتهاوي التعاطف الذي حصده عبر آلته الإعلامية إثر هجوم المقاومة الفلسطينية في السابع من أكتوبر الماضي، لينقلب الرأي العام الغربي بعد ذلك على الكيان مائلا كل الميل لجهة فلسطين ضد كيان اسمه “إسرائيل” والذي أصبح يعيش عزلة دولية خانقة بسبب ما ترتكبه من مجازر وتهجير في حق المدنيين بقطاع غزة يوميا وإكتشاف العالم المغييب بأن إسرائيل هي دولة “إحتلال” وجرائم وضد القيم الإنسانية وترتكب جريمة “الإبادة الجماعية” فتعرت وكشفت وكل شعوب العالم بنسبة تفوق التسعون بالمائة ضد ممارساتها الوحشية التي كذلك أثّرت على صورة أمريكا أمام الأمريكان نفسهم وأمام العالم.

أخذت الخلافات بين السياسيين والعسكريين في نظام الكيان الصهيوني منحنى تصاعديا شديدا، بات يؤثر بشكل واضح في مستوى الأداء العسكري الصهيوني فقد خلت العمليات العدائية التي ينفذها جيش الاحتلال ضد قطاع غزة من أبسط مظاهر التكتيك الحربي والمهارة القتالية، وبدا أن هذا الجيش يعمل ما بوسعه لتفادي ضربات المقاومة وليس لتحقيق نجاحات إستراتيجية ضدها!

وفي المقابل، فإن هذه الخلافات “في أعلى هرم سلطة الاحتلال” خدمت المقاومة الفلسطينية التي تسعى دائما إلى تثبيت معنويات العدو وتأليب المجتمع الإسرائيلي على رئيس وزراء سلطة الكيان بنيامين نتنياهو.

 أما على المستوى الميداني، فإن المقاومة الفلسطينية الباسلة تكبد جيش الاحتلال بإستمرار مزيدا من الخسائر في الجنود والمعدات من خلال عمليات نوعية تنفّذها يوميا بمناطق عدة في قطاع غزة بما كرّس وحدة الساحات واتساع رقعة المقاومة الفلسطينية واللبنانية والعراقية وفي سوريا واليمن ..

لقد اعترف الإعلام الإسرائيلي بوجود خلاف حاد بين رئيس الوزراء ووزير الدفاع يوآف غالانت، على خلفية منع نتنياهو رئيسي جهاز الاستخبارات “الموساد” ديفيد برنيع، وجهاز الأمن الداخلي “الشاباك” رونين بار من حضور جلسة عقدتها حكومة الحرب، وهو ما يشير إلى انهيار الثقة بين مكونات وأطياف النظام السياسي لدى الكيان.

الأمر هنا يتعلق بصراع بين ممثلي حزب الليكود في الحكومة، إذ لم تعُد الأزمة بين رئيس الوزراء ورئيس الأركان هرتسي ليفي، وإنما بين نتنياهو ووزير الدفاع غالانت الذي ينتمي إلى حزب الليكود.

والأسوأ من كل هذا، أن انهيار الثقة أخذ أبعادا مؤسساتية، إذ ساد جو من التنافر على مستويين أساسيين السياسي والعسكري الأمر الذي تخفيه إسرائيل .

المعركة السياسية قائمة اليوم بين الحكومة وشركاء نتنياهو، وتحديدا جماعة وزير الأمن القومي، إيتمار بن غفير ووزير المالية، بتسلئيل سموتريتش، والقاعدة اليمينية المتشددة أيضا في حزب الليكود، وما بين مؤسسة الجيش الذي حرص الكيان منذ إقامتها أن تبقى خارج كل التجاذبات السياسية، فقد كان الجيش يوصف في سبعينيات وثمانينيات القرن الماضي بـالبقرة المقدسة في التحريف العبري، بسبب منع انتقاده.

لقد ترسّخت قناعة لدى النخبة العسكرية الصهيونية بأن نتنياهو ينفّذ  منذ بداية العدوان المتواصل حتى الآن ضد قطاع غزة حملة تحريض واسعة ضد الجيش والأمن، ويحمّلهم الإخفاق الكبير في السابع من أكتوبر 2023 وما تلاه، بما يعني أن البعد السياسي طغى على العمل العسكري، وهو ما ظهر جليا على ميدان المعركة.

في مقابل كل مل سبق الإشارة إليه، فإن المقاومة الفلسطينية في غزة استثمرت الانقسامات الداخلية لدى الكيان، واستمرت ترصد كل كبيرة وصغيرة وتعمل على تعزيز هذه الانقسامات فالمواد الإعلامية التي تبثها المقاومة بشأن المحتجزين الإسرائيليين لديها تهدف أغلبها إلى تعزيز دوافع نشوب حراك مجتمعي ضد حكومة نتنياهو، وهو ما نجحت فيه فعليا.

صحيفة هآرتس الإسرائيلية  كانت قد نقلت عن أعضاء في المجلس الوزاري المصغر قولهم إن الجيش لم يحقق حتى الآن أي هدف من أهداف العدوان في قطاع غزة، وسط احتدام الخلاف الداخلي حول من يتحمل مسؤولية الفشل الأمني والعسكري في مواجهة عملية طوفان الأقصى التي شنتها المقاومة الفلسطينية في 7 أكتوبر الماضي.

وأضافت الصحيفة أن أعضاء المجلس الوزاري المصغر اعترفوا بأن قدرات حركة المقاومة الإسلامية حماس توسعت إقليميا وباتت  قائمة وتؤدي وظائفها على أكمل وجه، وأن قادتها العسكريين  تمكنوا من صناعة خلفاء لهم وهم ورثتهم في التكتيك والقتال، كما أن أغلبية الأنفاق لم تهدم بعد، وذكر المسؤولون أيضا أن نزع سلاح عن حماس  يحتاج عدة شهور أخرى الى تفكيك المسالك والمصادر وهي أشبه بشبكة معقدة، وأكدوا أنها ما تزال تسيطر على قطاع غزة رغم أشهر العدوان الثلاثة.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة


زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق
إغلاق