خطة لتسوية الخلافات المزمنة بين بغداد وأربيل تتقدم بحذر وسط تعقيدات سياسية وأمنية

قسم الأخبار الدولية 09/07/2025
بادرت الحكومة العراقية الاتحادية وحكومة إقليم كردستان بخطوة جديدة نحو تسوية الأزمة المستعصية بين الطرفين، عبر تبادل ورقتي مقترحات تتعلقان بتسليم إيرادات النفط والموارد غير النفطية وتوطين رواتب موظفي الإقليم، في محاولة لتحقيق حل مستدام طال انتظاره منذ أكثر من 15 عامًا. وتزامنت الخطوة مع زيارة مستشار الأمن القومي قاسم الأعرجي إلى أربيل لبحث الملفات الأمنية المرتبطة بالعلاقة الثلاثية بين بغداد وأربيل وأنقرة.
وكلّف رئيس الوزراء محمد شياع السوداني مستشاره قاسم الأعرجي بعقد لقاءات سياسية وأمنية مع القيادات الكردية، فيما أعلنت الحكومة الاتحادية تشكيل لجنة وزارية برئاسة نائب رئيس الوزراء محمد تميم لمناقشة ورقتي الحل مع نظرائهم في الإقليم، ورفع توصياتها إلى مجلس الوزراء تمهيدًا لاتخاذ قرار حاسم في أقرب وقت.
وتنص الورقة المقدّمة من أربيل على تسليم النفط عبر شركة “سومو” أو من خلال الشركات العاملة داخل الإقليم، مع استثناء 65 ألف برميل يوميًا للاستهلاك المحلي. في المقابل، تشترط ورقة بغداد تسليم كامل الإنتاج النفطي للإقليم البالغ 282 ألف برميل يوميًا، على أن يُسلَّم 236 ألف برميل منها إلى “سومو”، وتُخصص الكمية المتبقية للاستهلاك المحلي مع تحميل الإقليم تكاليف النقل والتوزيع.
وفيما يتعلق بالإيرادات غير النفطية، تتفق الورقتان على تسليم 50% منها للحكومة الاتحادية، غير أن بغداد حددت حدًا أدنى يبلغ 200 مليار دينار شهريًا. أما بشأن الرواتب، فتطالب أربيل بصرف رواتب شهري مايو ويونيو الماضيين بشكل استثنائي، استنادًا إلى قرار المحكمة الاتحادية بعدم ربط الرواتب بالخلافات السياسية. لكن الحكومة الاتحادية ربطت الصرف بتنفيذ إجراءات شاملة تشمل الموافقات الرسمية، وتشكيل لجان مشتركة، وتوطين الرواتب خلال 90 يومًا.
ويرى كفاح محمود، المستشار الإعلامي لزعيم الحزب الديمقراطي الكردستاني مسعود بارزاني، أن الأزمة أعمق من مجرد خلاف مالي، معتبراً أن جوهرها سياسي متعلق بعدم إيمان بعض القوى في بغداد بالنظام الفيدرالي والديمقراطي، وسعيها لفرض هيمنة شمولية.
زيارة الأعرجي تطرقت أيضًا إلى ملفين شائكين؛ الأول يتعلق بالاتفاقية الأمنية الثلاثية بين بغداد وطهران وأربيل الخاصة بوجود المعارضة الإيرانية قرب الحدود، والثاني يدور حول ملف حزب العمال الكردستاني الذي يعد نقطة توتر بين بغداد وأنقرة، لا سيما مع استمرار وجود فصائل تابعة للحزب في سنجار ومخمور بدعم من بعض تشكيلات الحشد الشعبي، رغم إعلان زعيم الحزب عبد الله أوجلان رغبته في إنهاء العمل المسلح.
وتُظهر المؤشرات أن مسودة الاتفاق تحمل بعض الجدية، لكنها تصطدم بواقع سياسي مركب قد يُعيد إنتاج الحلول المؤقتة إذا لم يُترجم التفاهم المالي إلى التزام سياسي واضح من الطرفين، ما يعيد إلى الواجهة الحاجة إلى تسوية شاملة تتجاوز الحسابات النفطية نحو تفاهم أعمق حول شكل العلاقة الاتحادية والفيدرالية في العراق.