طرابلس – ليبيا- 03-01-2020 زهور المشرقي
تعيش العاصمة الليبية طرابلس حالة حرب حقيقية منذ إعلان القائد العام للجيش الوطني الليبي المشير خليفة حفتر “انطلاق ساعة الصفر” لتحرير العاصمة وتطهيرها من الميليشيات المسلحة والإرهابيين المدعومين من قبل كل من حكومة الوفاق منتهية الشرعية، وتركيا وقطر.
منذ إعلان ساعة الصفر حقّق الجيش الليبي تقدّما هاما في عدّة المحاور إلى جانب استرجاع العديد من المناطق التي كانت تحت سطوة الجماعات التكفيرية.
وتعيش ليبيا منذ سنوات وبخاصة منذ مؤتمر الصخيرات نسختها الخاصة من مسلسل “لعبة العروش”، في حالة مستمرة من الصراعات القوية على السلطة، التي تشمل ميليشيات متناحرة، وحكومات متنافسة، ولاعبين دوليين يتزايدون.
والأكثر تعقيدا في الأزمة الليبية ، التدخل التركي لإحياء مشروع “الإخوان المسلمين” الذي أُطيح به في سوريا ومصر وغيرهما من البلدان، ليحاول السلطان العثماني ” أردوغان ” إحياءه مجددا في ليبيا بمعية السراج وتشكيلته.
التدخل التركي لم يقف عند حدّ الدعم المادي واللوجستي للميليشيات وإيواء القيادات الإرهابية الهاربة إلى تركيا، بل وصل إلى حد إبرام معاهدتين مع السراج تبيحان التدخل في الشؤون الداخلية لليبيا.
لم يكتف الرئيس التركي بإشعال المشهد في شمال سوريا، ولا بإثارة المزيد من العداوات مع محيطه الإقليمي من خلال تهديد أوروبا بفتح الأبواب لملايين اللاجئين للزحف تجاه القارة العجوز، فها هو يمضي في طريق الكراهية التي تقتل صاحبها نحو البحر الأبيض المتوسط، في محاولة لدق طبول الحرب وزعزعة الإستقرار.
ويعتبر عديد الخبراء أن ما يفعله أردوغان هو حالة من حالات الهروب التكتيكي بسبب عجزه الإستراتيجي في الداخل، وعدم مقدرته على مواجهة الأزمات المتراكمة يوما تلو الآخر داخل بلاده.
تركيا تلعب دورا تخريبيا واضحا للعيان في دعم المتشددين منذ ما يعرف “بالربيع العربي”، والبداية من”الإخوان المسلمين” في مصر، وقد خيل لأردوغان أن الإمبراطورية العثمانية البائدة في طريقها إلى الرجوع مرة جديدة، وأنه أوان العثمانيين الجدد قد حل.
وفي ها الإطار، قال الدكتور تميم علي، المتخصص في شؤون الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، في حديث مع صحيفة (ستراتيجيا نيوز) اليوم الجمعة 3 يناير 2020، إن أنقرة لن تتوقف عن دعم المليشيات مهما كلفها ذلك، لكنها قد تحجم عن إرسال قواتها إلى ليبيا إذا توقف الجيش عن الهجوم على حكومة السراج غير الشرعية.
وتحدث المحلّل السياسي، عن موضوع نقل المرتزقة من سوريا إلى ليبيا عبر تركيا بواسطة طائرة تابعة لعبد الكريم بلحاج والخطوط الجوية الإفريقية،مشيرا إلى أن الإتفاق بين أردوغان والسراج جاء ليفتح للمشير حفتر والجيش الوطني الليبي، بابا تاريخيا للإنتصار بتعبئة الليبيين ضد الغزو الخارجي حيث أغضبت الإتفاق مع السراج شيوخ قبائل مصراتة،وأغلب القبائل الليبية،وبدأت المظاهرات الشعبية تُسمع صوتها رفضا لهذا الفصل الجديد من التآمر على الوطن وانتهاك سيادة واستقلال ليبيا.
من جانبه قال منير أديب، الخبير في شؤون الحركات الإسلامية والإرهاب الدولي ، إن السماح للقوات التركية بغزو ليبيا عبر البرلمان التركي مؤشر في غاية الخطورة على المنطقة العربية بأكملها وعلى أمنها ،لافتا إلى أن الهدف الأساسي هو دعم المليشيات المسلحة المغتصبة للعاصمة الليبية طرابلس ما يعيد مشهد الإرهاب من جديد في ثوب داعش أو تنظيمات أخرى.
ووصف الخبير التدخل التركي بالغزو لمخالفته القانون الدولي ،معتبرا أنه لن يكون بمثابة النزهة. وأضاف أن التدخل التركي سيعيد من جديد تنظيم داعش ومختلف التنظيمات الأخرى إلى المنطقة العربية وستتوغل أكثر وتقوى بمساعدة تركية ، مشيرا إلى أن أنقرة هي الداعم الأول للإرهاب في المنطقة عبر دعم المليشيات المسلحة لوجستيا وماديا ،محذرا من تداعيات الموقف التركي.
وأكد أن ما سيقوم به أردوغان هو بداية لحرب إقليمية تستفيد منها المجموعات المتطرفة للتمركز من جديد وإعادة “الإنتاج” لتحقيق مصالح سياسية وإنجاح مشروع السلطان الإخواني العثماني المتغطرس.
من جهته، قال المختص في الشأن الليبي هادي عمر، في حديث مع (ستراتيجيا نيوز) اليوم الجمعة 3يناير 2020، إن لتركيا مطامع في نفط البحر المتوسط حيث تسعى إلى السيطرة عليه عن طريق احتلال ليبيا وغزوها.
وذكّر عمر، بأن تركيا سبق أن أرسلت دعما مخابراتيا لإدارة غرف العمليات العسكرية خاصة غرفة إدارة الطائرات المسيرة منذ عام 2014 وأقدمت على دعم الإرهابي عبدالحكيم بلحاج.
وكان تقرير للأمم المتحدة اطلعت عليه رويترز،قد أكد أن تركيا أرسلت بالفعل إمدادات عسكرية إلى حكومة السراج بالرغم من حظر تفرضه الأمم المتحدة.
إلى جانب ذلك أدانت المنظمة العربية لحقوق الإنسان في بريطانيا، دور الرئيس التركي أردوغان، في تجنيد مرتزقة من سوريا، لدعم ميليشيات حكومة السراج في العاصمة الليبية طرابلس.
وأفاد بيان صادر عن المنظمة بأن “قيام أردوغان بفتح الباب على مصراعيه أمام الميليشيات المسلحة في شمال سوريا للإنضمام إلى حكومة السراج في ليبيا مقابل أجر مادي، دليل على دعم تركيا وأردوغان للمرتزقة، وخرق لاتفاقيات الأمم المتحدة”.
محاولات أردوغان العدائية ضد ليبيا لم تتوقف عند هذا الحد، فقد سعى من قبل إلى إيجاد أكثر من موطئ قدم في عمق القارة السمراء، وخير مثال على ذلك جزيرة سواكن السودانية التي خسرها بعد سقوط نظام عمر البشير.
وكان البرلمان التركي، قد صوت أمس الخميس ، على إرسال قوات إلى ليبيا لدعم ميليشيات حكومة السراج ، وسط تنديد إقليمي ودولي.
ومن المؤكد أن هذا اليوم سيكون بداية خطيرة ومرحلة تنذر بزلزال آخر قد يقود المنطقة إلى المجهول بسبب الصلف التركي وتسلط جماعة”الإخوان”في ليبيا.