حين ينكسر المثقّف… وينكفىء

إعداد فخري كريم: قسم البحوث والدراسات الاستراتجية 24-10-2025

أعاد زهير الجزائري إظهار مقالٍ له نُشر في أواخر التسعينيّات عن يوسف الصائغ، يحاول فيه أن ينبش في ضمير الصائغ وسلوكه بحثاً عن الدوافع أو المحرّك الخفيّ وراء تحوّله السياسي والفكريّ: هل كان ذلك “انكساراً أم شيئاً يتجاوز هذا الحدّ؟”
يحيط المقال بحالة الصائغ وكأنّها، إن لم تكن بالفعل كذلك، ظاهرة سياسيّة انعكست في المجتمع والحياة السياسيّة في العراق والحركة الثقافية بوجه خاصّ. انشغلت بنتائجها أوساط واسعة من المبدعين، وأدّت إلى اصطفافات فكريّة ومفاهيميّة للعمليّة الإبداعيّة نفسها، ولمعنى الانتماء، ولدور المثقّف، وللعلاقة العضويّة بين الثقافيّ والسياسيّ.
جاءت تداعيات تلك الظاهرة لتخلّف انكساراً عامّاً في المجتمع تجلّى في تساؤلات سلبيّة وانكفاءٍ أفرَغ الحياة السياسية و”الحزبية” من نخبٍ لعبت دوراً رياديّاً مشهوداً في اليقظة الوطنيّة، وفي الارتقاء بالوعي والمسؤوليّة الوطنية خلال مسيرة التحوّل والتغيير.
تحكّمت تلك الظاهرة، ظاهرة الانكسار العامّ الذي أعقب انقلاب “البعث” الاستباحيّ في 8 شباط 1963، بوتائر وأساليب لم يسبق لها مثيل، من حيث التنكيل وأدواته بمصائر العراقيّين. ورسمت ملامح مسيرة وخيارات جيل من المثقّفين والمبدعين الذين كابدوا عذابات تفوق ما في قدرة الإنسان على احتماله، في ظلّ هيمنة “البعث” وزبانية صدّام حسين، ذلك الكائن الملتبس المشكوك في تكوينه وسيرته، المفتقر إلى أيّ ملمح إنسانيّ.
هذا بالضبط ما كان هدفاً لـ”البعث” وفي أساس نهجه وتوجّهاته منذ افتضاح ما رُسم له من دور في إجهاض ثورة 14 تمّوز 1958، والعمل على ارتدادها والانحدار بالبلاد إلى ما آلت إليه عبر خمسة عقود عجاف.
على الرغم من خطورتها وتداعياتها السلبيّة اجتماعيّاً وسياسيّاً، ظلّت هذه “الظاهرة” مخبوءة في ثنايا النتائج الكارثيّة لانقلاب “البعث” وفي ضمائر ومعاناة ضحاياه، ولم يجرِ التوقّف عندها أو إخضاعها لمراجعة تقويميّة من شأنها التمييز بين مواقف مَن كانوا موضوعاً للتعذيب والتصفية الجسديّة أو الإسقاط السياسيّ، وبين مستويات تجاوبهم مع الجلّادين وتعاونهم معهم في بلوغ أهدافهم بانتزاع اعترافات على رفاقهم، أو بالبراءة والتطوّع للإدلاء بمعلومات تدين رفاقهم تحت هول التعذيب وانكسار الجسد.
بين الضّعف الإنسانيّ والانهيار الكامل
ينبغي أن تميّز مثل هذه المراجعة والتقويم بين حالات الانكسار والضعف الإنسانيّ وبين الانهيار الذي يتحوّل فيه الضحيّة إلى جلّاد يتماهى معه ويصبح أداة في خدمته. لم يقتصر الإهمال على عدم تناول ظاهرة الانكسار لدى مناضلين فاقت أهوال ما تعرّضوا له من عذاب وانتهاك طاقة البشر، بل اتّخذ التقويم طابعاً تبسيطيّاً لمفهوم “الضعف”.
اكتفى بتوصيف يفتقر إلى البعد الإنساني، مع قدر من القسوة وعدم الإحاطة بما يواجهه الضحيّة بوصفه إنساناً من أهوال التعذيب والانتهاك والعزلة التي تجعل الموت في تلك اللحظة الأمنية الأخيرة للخلاص.
لقد حاولتُ، في وقت مبكر، تناول هذه الظاهرة في إطار مفهوم “الضعف الإنسانيّ” حين يُستباح الجسد إلى الحدّ الذي يتوحّد فيه مع كينونته الممزّقة وذاته المنتزعة المعزولة عن نوازع الضمير وتأثيراته الأخلاقية. يتعرّى أمام الجلّاد جسداً بلا روح، في عزلة صامتة لا يُرى فيها مصدر قوّته كإنسان ومناضل جزءاً من كلّ يتقوّى وهو يتّكئ على الجماعة!
في النصف الثاني من سبعينيّات القرن الماضي، وفي مواجهة حملة القمع والتصفية البعثيّة التي تعرّض لها الحزب الشيوعي، تحت وهم “إركاع الحزب وشلّ إرادته وتخلّيه عن هويّته الفكرية واستقلاله السياسي والدخول في خيمة البعث”، قرّرت اللجنة المركزية أن يتولّى كلّ رفيق قياديّ جانباً من المساهمة الفكرية والسياسية والتنظيمية لمواجهة الحملة الفاشية، عبر الارتقاء بمستوى الصمود والتحدّي لدى الشيوعيّين وهم يواجهون آلات القمع والبطش والتعذيب البعثيّة.
لم أجد شخصيّاً نموذجاً بطوليّاً أسمى من ملحمة قائد الحزب الشيوعي التشيكوسلوفاكي، الصحافي يوليوس فوجيك، في كتابه “تحت أعواد المشنقة”، الذي كتبه في زنزانته قبل إعدامه على يد الغستابو النازيّ. كانت مساهمتي آنذاك كتابة مقدّمة للكتاب بعنوان “المفهوم البطوليّ للحياة”، تناولت فيها جانباً من معنى البطولة وقيمها، والانكسار وتجلّياته، آخذاً بالاعتبار ما كنّا نجتازه من مكابدات كشيوعيّين.
أعادتني مقالة الكاتب زهير الجزائري إلى تلك المرحلة بتناقضاتها وأخطائها وطابعها الملحميّ من جهة، والانكسار من جهة أخرى. ومن هنا رأيت من الضروري، في سياق معالجة حالة يوسف الصائغ وتحوّلاته الفكريّة والسياسيّة، التوقّف بعمق ومسؤوليّة عند مفهوم “البطولة” صموداً وانكساراً وانهياراً. يتطلّب التعامل مع هذه الحالات رؤية لا تجرّد الإنسان من جسده الممزّق وهو يواجه عذابات يصبح الموت، بالمقارنة معها، خلاصاً.
يوسف الصّائغ: مسيرة التّناقضات
كان الصائغ قد أصبح شيوعيّاً بإرادة واعية، وتعرّض لِما تعرّض له أغلب المثقّفين والمبدعين على أيدي جلاوزة البعث والحرس القومي بعد انقلابهم الدمويّ المشؤوم في 8 شباط 1963. لم يثنِه انكساره تحت التعذيب عن انتمائه الحزبيّ، لكنّه وجد مكانه بعد انهيار حكم البعث بعد أقلّ من سنة على حكمه الجائر في 18 تشرين 1963 في تنظيم القيادة المركزيّة المنشقّ عن الحزب الشيوعي، الذي عصفت به صراعات فكريّة وسياسيّة وتنظيميّة لم تكن بمعزل عن النهج “غير المسؤول” لقيادته.
لكنّ يوسف عاد ثانية إلى الحزب، مستعيداً صلته، وبقيتُ على تماسّ معه كما مع مثقّفين آخرين في مسعى إلى “لمّ شمل الشيوعيّين” وإعادة الصلة بمن انقطع عن التنظيم في ظلّ حملات القمع أو الاعتقال.
لم يتخلَّ يوسف عن طروحاته المتياسرة ولا عن نقده لنهج الحزب وسياساته. مارس هذا الحقّ في نشاطه الحزبيّ والاجتماعي، وشاركته في ذلك نخبة من مثقّفي الحزب وأصدقائه، بينهم كثيرون تعرّضوا للاعتقال والقمع بعد انقلاب 1963، مثل الشاعر الكبير سعدي يوسف، الذي لم يبدُ عليه ما يوحي بانكسار قناعاته أو تراجعه عن انحيازه للحزب، وإن لم يرتبط تنظيميّاً. غادر سعدي إلى الجزائر للعمل هناك، ربّما ابتعاداً عن البيئة السياسيّة التي أعقبت سقوط سلطة البعث، مع ظلال باهتة لأولئك الذين أسقطوا النظام وحلّوا مكانه.
يوسف الصائغ
بعد انضمام الحزب المشؤوم إلى “الجبهة الوطنيّة والقوميّة” وصدور جريدة الحزب الأسبوعيّة “الفكر الجديد – بيري نوي” باللغتين العربيّة والكرديّة، ثمّ صحيفة “طريق الشعب” اليوميّة لسان حال اللجنة المركزيّة للحزب، انضمّ يوسف الصائغ إلى أسرة تحرير الجريدة، في القسم الثقافي، إلى جانب الشاعر سعدي يوسف وآخرين، فيما تولّت الدكتورة سلوى زكو سكرتارية القسم.
ممارسات متناقضة
عندها كان الصائغ قد استعاد عضويّته في الحزب، من دون أن يتخلّى عن آرائه أو نزوعه النقديّ. لكنّ ممارساته حملت تناقضات في طروحاته وأثارت التباسات بين الرأي المغاير المشروع وبين الشبهة السياسية، خصوصاً ما تعلّق منها بالموقف من الجبهة أو نهج الحزب وما يواجهه من ظروف وتحدّيات.
كانت تلك الممارسات لا الآراء مثار تساؤلات تبادلتُها مع الرفيق الراحل عزيز الصافي ونحن نتمشّى على كورنيش دجلة بعيداً عن أجهزة التنصّت، ونتأمّل مغزى ما يثيره الصائغ ودوافعه وما تستهدفه إثاراته.
لم تقتصر نتائج تلك المواقف على الضحايا أنفسهم باعتبارهم موضوعاً للمكابدة، بل انعكست أيضاً على الحزب الشيوعيّ.
في نهاية القسم الأوّل من الدوام اليوميّ، بعد أن تُقدّم جميع الأقسام صفحاتها لأطّلع عليها وأُجيزها، تأخّر القسم الثقافيّ عن تقديم صفحته. طلبت أكثر من مرّة الإسراع لارتباطي بموعد يستلزم خروجي. عندما خرجت محتجّاً من مكتبي، جاءت الدكتورة سلوى وهي تحمل الصفحة. تصفّحتها كعادتي، أقلّب الموضوعات والعناوين، وأتوقّف عند ما يقتضي القراءة.
أصبح هذا التقليد سارياً بالنسبة للصفحات التي لا تنطوي على حساسيّة سياسيّة أو حزبيّة، وقبل أن أطوي الملفّ وأوقع صفحاته، لفت نظري نصّ بدا كما لو أنّه “قصّة قصيرة جدّاً”، وكان هذا النوع شائعاً آنذاك. حملت القصّة كما أتذكّر عنوان “موت كلب”.
ما إن قرأت بضعة أسطر حتّى اتّضح أنّها محاولة إسقاط رمزيّة لحادثة موت ابن أحمد حسن البكر في حادث سير على الطريق الدولي كما تشير وقائع القصّة. خرجت غاضباً، فوجدت يوسف يشير إلى سعدي وسلوى وهما يبتسمان قائلين: “اكتشفها”.
في يوم آخر، خلال النصف الثاني من الدوام المخصّص لقراءة وتدقيق الموادّ السياسية والفكرية وكتابة الافتتاحيّة اليوميّة، دخل يوسف الصائغ مكتبي وهو يحمل مقالاً ناوله لي طالباً قراءته. رجوته أن ينتظر حتّى أنتهي، لكنّه أصرّ على أن أقرأه وأجيزه فوراً. نزولاً عند رغبته بدأت القراءة، فهالني ما تضمنه من مديح وتقويم “للقائد” صدّام حسين، وللجبهة، ولمسيرة الثورة.
بصيغٍ وعبارات تمجيدٍ غير مألوفة في سياسة الجريدة ولا في نهج الحزب أنهيت المقال من دون أن أرفع بصري، خافياً انزعاجي وتوتّري ومحافظاً على هدوئي. لأنّ المقال لم يذَيّل باسم، وقّعته باسم يوسف وأجزت نشره وناولته إيّاه. ما إن رأى اسمه أسفل المقال حتّى مزّقه ورماه وغادر مكتبي بصمت. كانت تلك الحركة مثار شبهة لا تخطئ، ونحن تحت ضغط حملة القمع والملاحقات لإسقاط الحزب وضمّه إلى خيمة البعث.
تبادلت الوساوس، في مشيتنا اليوميّة على كورنيش دجلة كالعادة، مع عبدالرزّاق الصافي ونحن نمشي لنتنفّس هواءً غير ملوّث، بعيداً عن لاقطات وعسس الطاغية، واتّفقنا على أن نغضّ النظر عمّا جرى، من دون إشعار يوسف أو سواه بردّ فعلنا، مكتفين بما يقتضيه ذلك السلوك من انتباهة وحذر. إلى هنا، ما حاول القيام به يوسف الصائغ يمكن أن يُدرج في باب الاجتهاد أو الخطأ الذي لا يتجاوز حدود الهواجس.
غير أنّنا، ونحن في الشام بعد انتقالنا إلى المعارضة في أواخر السبعينيّات من القرن الماضي، فوجئنا بمقالة منشورة في مجلّة “ألف باء” المكرّسة للنيل من الحزب والشيوعيّين، وقد وقّعها يوسف الصائغ نفسه، مستنداً في اتّهاماته وتشكّكه وما اعتبره دليلاً على خيانة الحزب، إلى إشارته إلى محاولته إمرار مقالته عن “القائد والجبهة” وتعامل فخري كريم معها برفض النشر “فاضحاً” بذلك نوايا الحزب المعادية للجبهة ولـ”القائد الضرورة”.
كان يتلقّى زهير الجزائري، الذي كان عضواً في مكتب الإعلام للحزب، كلّ ما يصل من صحافة ومعلومات توضع تحت تصرّف أعضاء المكتب لمتابعة تطوّرات الأوضاع وصياغة ما تتطلّبه من كتابات ومعالجات سياسيّة. ولربّما خانته ذاكرته وهو يكتب مقالته عن الصائغ ونسي ما يعينه على تجنّب النبش في ضمير الصائغ ليتأكّد أنّ سقوطه لم يكن انكساراً وحسب.
الذّاكرة النّقديّة وتجربة الجيل
لقد تساءل البعض في صيغة اتّهام للحزب: لماذا لم يُحتضن يوسف الصائغ ولم يسعَ الحزب إلى حمايته من محنة مواجهة ما كان ينتظره من مصير بتحقيق انتقاله إلى الخارج مثل مئات المثقّفين. والحقيقة أنّ قيادة الحزب عرضت عليه ذلك، مثل آخرين، لكنّه رفض وقرّر البقاء..!
إنّ حالة الصائغ الذي لم يتعرّض للاعتقال ويكابد أهوال التعذيب لينقلب على نفسه ويتحوّل إلى صوتٍ مستفزّ في صحافة النظام وتبوّأه منصب رفيع، تقابلها حالات العشرات من المثقّفين والمبدعين الذين آثروا البقاء في الوطن والانزواء بعيداً عن الأضواء وكلّ ما يريب ويحرّض النظام عليهم. بل إنّ شخصيّات بارزة منهم مارست الكتابة الإبداعيّة والنقدية والسرديّة في الصحافة من دون أن تسقط في متاهات الإشادة بالحزب الحاكم والقائد الضرورة.
مع ذلك أيّ تقويمٍ لظاهرة الانكسار بكلّ تتابعاته، باستثناء الخيانة والوشاية القاتلة تحت فعل التعذيب والإرغام، ينبغي أن يميّز بين الموقف من الضحيّة سياسيّاً والعمليّة الإبداعية ونتاجاتها. وهو ما لم يُراعَ حتّى من قبل بعض المثقّفين أنفسهم.
بين الجلّاد والضّحيّة
إنّ تبسيط العلاقة بين الجلّاد والضحيّة في تناول ظاهرة انكسار المناضل وهو يواجه الموت دفاعاً عن خياره الفكريّ، وعدم التمييز بين الضعف الإنسانيّ وخيانة الضمير، بتجلّياتهما المتفاوتة، أدّيا إلى ممارسات فظّة وغير إنسانيّة فاقمت عزلة المئات، بل ربّما الآلاف، من ضحايا مجازر البعث واستباحاته.
لم تقتصر نتائج تلك المواقف على الضحايا أنفسهم باعتبارهم موضوعاً للمكابدة، بل انعكست أيضاً على الحزب الشيوعيّ والحركة الوطنيّة، فأدّت إلى خسارة نخبة لم تتخلَّ عن خيار الضمير، وحُرمت من الاحتواء والإنصاف والتسامح. هذا لا يمنع أو يحول دون مواجهة الضعف في صورته الحقيقيّة، خصوصاً حين يتحوّل إلى انهيار ونكوص، أو ينزلق إلى الوشاية والإيقاع بالآخرين، والسقوط في وحل الخيانة.
إنّ قدر المثقّف، كما سائر المنحازين إلى قضايا العدالة والحرّية والنزوع الإنسانيّ نحو عالمٍ يصبح فيه الإنسان سيّد نفسه ومصيره ومستقبل مواطنيه، أن يصطدم أحياناً بظرفٍ تهيمن فيه قوى العسف والاستبداد وإلغاء المختلف، في فضاء مفتوح على الاستباحة بكلّ أدوات امتحان طاقة الجسد والروح. إذ يُدفع المناضل إلى تحمّل عذابات تفوق طاقة البشر، ويتفنّن الجلّادون في العبث بجسدٍ محرّمٍ وتشويه روحه ووجدانه، حتّى يتحوّل، في لحظة مقاربة للاحتضار، إلى مثال للإغراء على الاستسلام.
عند تلك اللحظة، حين يتهاوى الجسد، وتتنمّل مسامات الروح وتتخدّر اليقظة، يتداعى الجسد ويفقد المناضل القدرة حتّى على التأوّه أو الصراخ أو الاستجارة، ويغيب وعيه فيبدو وكأنّه استسلم. لقد عرفت مثل هذه الحالات من الانكسار، حين يبكي المناضل كطفلٍ فقد أمّه، أو حين يتمرّد على جسده المستسلم وهو يصرخ نافياً ضعفه، مصغياً إلى نداء ضميره، متشبّثاً بالمُثل التي وضعتْه في مواجهة ذلك المصير.
لن أنسى ما حييت إنساناً من ذاك الزمن المكابر الجميل، وهو يخاطب بعض رفاقه ممّن تهاووا: “أرجوكم، اتركوني أدافع عمّا تعاهدتُ على الحفاظ عليه، كما تركتكم في ما اخترتم من دون إدانة”.
هل يحتاج يوسف الصائغ، ومثل حالته، إلى نبشٍ في أعماق الضمير، لاكتشاف مكامن الضعف التي قادته إلى تطوّعٍ مُخِلٍّ في صفّ البعث وطاغيته؟



