حيرة وقلق في أوروبا حيال انعطافة ترمب الأخيرة بشأن الحرب في أوكرانيا

قسم الأخبار الدولية 26/09/2025
أربكت تصريحات الرئيس الأميركي دونالد ترمب الأخيرة الأوروبيين مجدداً، إذ بدت متناقضة مع مواقفه السابقة من الحرب في أوكرانيا، وأثارت مخاوف من أن تكون واشنطن في طريقها إلى تقليص ارتباطها المباشر بالنزاع، وترك عبء المواجهة لبلدان الاتحاد الأوروبي. ففي حين كان ترمب يؤكد أن كييف «لا تملك الأوراق الكافية» لمواجهة موسكو، عاد ليقول إن أوكرانيا قادرة، بدعم أوروبي، على استعادة أراضيها كاملة، وهو ما فسّره قادة أوروبيون بأنه تمهيد لـ«غسل يديه» من الحرب.
أكثر المواقف وضوحاً جاء من رئيس الوزراء البولندي دونالد تاسك الذي اعتبر أن تصريحات ترمب «تخفي وراء تفاؤلها اتجاهاً نحو الانكفاء الأميركي وإلقاء المسؤولية على عاتق الأوروبيين»، فيما حاول آخرون، مثل الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته، تقديم قراءة أكثر تفاؤلاً، قائلين إن هذا التحوّل «قد يكون مفصلياً». لكن خلف الأبواب المغلقة، هيمنت الحيرة والقلق على النقاشات، وسط شكوك متزايدة في مصداقية الشريك الأميركي.
ويشير دبلوماسيون في بروكسل إلى أن ترمب أطلق في خطابه أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة انتقادات مباشرة للاتحاد الأوروبي، وذكّر بأن الحرب «أوروبية بامتياز»، وأن بلاده تبيع الأوروبيين السلاح ولا تقدمه مجاناً كما فعلت إدارة بايدن. وفي ظل النقص الحاد في الذخائر والموارد البشرية لدى الجيش الأوكراني، يرى الأوروبيون أن غياب الدعم الأميركي النوعي سيجعل قلب المعادلة الميدانية شبه مستحيل.
ويستحضر المسؤولون الأوروبيون وعود ترمب السابقة بأنه سينهي الحرب «في 24 ساعة»، معتبرين أن فشله في إقناع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين خلال اللقاء الأخير في ألاسكا دفعه إلى ممارسة ضغوط اقتصادية إضافية على أوروبا، أبرزها الدعوة إلى وقف استيراد الطاقة الروسية، ما يجعل اقتصادات عدة دول تحت رحمة البدائل الأميركية.
في مواجهة هذا الغموض الأميركي، تتحرك العواصم الأوروبية لتعزيز قدراتها الدفاعية، وتوسيع الدعم المالي لأوكرانيا. وفي خطوة لافتة، أعلن المستشار الألماني فريدريش ميرتس موافقة بلاده على استخدام الأصول الروسية المجمّدة لتمويل قرض بقيمة 140 مليار يورو لكييف، مؤكداً أن السداد لن يتم إلا بعد دفع موسكو التعويضات. هذا التحول الألماني يعكس إدراكاً أوروبياً متنامياً بأن الاعتماد على واشنطن لم يعد مضموناً، وأن على القارة أن تتحمل العبء الأكبر في هذه الحرب الطويلة.