حوار أنقرة وبرلين يعيد رسم أولويات التعاون بين تركيا وأوروبا وسط أزمات الشرق الأوسط والهجرة

قسم الأخبار الدولية 29/10/2025
أجرى الرئيس التركي رجب طيب إردوغان، الخميس في أنقرة، محادثات معمقة مع المستشار الألماني فريدريش ميرتس في أول زيارة رسمية له إلى تركيا منذ توليه منصبه في مايو الماضي، تناولت قضايا شائكة تتعلق بالأمن الإقليمي، والهجرة، والدفاع، ومستقبل العلاقات بين أنقرة والاتحاد الأوروبي.
ركزت المباحثات على الملفات الجيوسياسية الأكثر إلحاحاً، وفي مقدمتها الحرب في غزة وجهود إحلال السلام في الشرق الأوسط، إضافة إلى تطورات الحرب الروسية الأوكرانية. وناقش الجانبان كذلك سبل تعزيز التعاون الدفاعي، لا سيما بعد توقيع أنقرة اتفاقاً مع بريطانيا لتسلم 44 طائرة «يوروفايتر»، التي تشارك ألمانيا في تصنيعها، ما يفتح الباب أمام مرحلة جديدة في التعاون العسكري الثلاثي بين تركيا وأوروبا.
وتطرقت المحادثات إلى ملف انضمام أنقرة إلى «برنامج دعم صناعة الدفاع» الأوروبي، الذي تبلغ ميزانيته 150 مليار يورو، وتسعى تركيا للحصول على دعم برلين لتجاوز «الفيتو» اليوناني الرافض لمشاركتها في البرنامج بسبب خلافات بحر إيجه. وتعد ألمانيا من أبرز الدول الأوروبية المؤيدة لإشراك تركيا في مشاريع الدفاع الأوروبية بالنظر إلى موقعها الجغرافي ودورها في «الناتو».
وفي الشق السياسي، تناولت المباحثات علاقات تركيا بالاتحاد الأوروبي، حيث أكد ميرتس ضرورة تحقيق تقدم في ملفات تحديث الاتحاد الجمركي وتحرير تأشيرات الدخول للمواطنين الأتراك، مع التشديد على أهمية احترام الديمقراطية وسيادة القانون في تركيا.
أما قضية الهجرة فكانت محوراً أساسياً في اللقاء، إذ شددت ألمانيا على ضرورة تطبيق اتفاقية الهجرة الموقعة مع الاتحاد الأوروبي عام 2016، وتسريع عمليات إعادة قبول اللاجئين السوريين. وفي المقابل، طالبت أنقرة بدعم مالي وسياسي أكبر من الاتحاد لمساعدتها على إدارة أعباء اللاجئين، خاصة مع ارتفاع الضغوط الاقتصادية والاجتماعية الداخلية.
كما أثار ميرتس ملف حقوق الإنسان في تركيا، ولا سيما احتجاز المعارض البارز أكرم إمام أوغلو، في حين اعتبر مراقبون أتراك أن برلين تحاول موازنة مقاربتها بين القضايا الديمقراطية من جهة، والحفاظ على علاقات استراتيجية مع شريك أساسي في الأمن الأوروبي من جهة أخرى.
وتعكس الزيارة محاولة ألمانية لإعادة صياغة العلاقة مع أنقرة، بما يجمع بين المصالح الدفاعية ومكافحة الهجرة غير النظامية، وبين تطلعات تركيا نحو دور أكبر داخل المنظومة الأوروبية في مرحلة تشهد تحولات كبرى في الشرق الأوسط وأوروبا.



