«حزب الله» يدعو لاعتماد استراتيجية دفاعية وطنية لتبرير احتفاظه بسلاحه في ظل التوترات الإقليمية المتصاعدة
قسم الأخبار الدولية 26/012/2024
دعا «حزب الله» اللبناني إلى وضع استراتيجية دفاعية وطنية تبرر استمرار احتفاظه بسلاحه، معتبرًا أن السلاح يشكل جزءًا أساسيًا من منظومة الدفاع عن لبنان في مواجهة التهديدات الإسرائيلية المتكررة. جاء هذا الموقف وسط نقاشات متزايدة في الأوساط السياسية اللبنانية حول مستقبل سلاح الحزب ودوره في الدولة.
خلفية الدعوة
يعود الجدل حول سلاح «حزب الله» إلى ما بعد انتهاء الحرب الأهلية اللبنانية واتفاق الطائف عام 1989، حيث استثني سلاح المقاومة من عملية نزع السلاح العام آنذاك، باعتباره أداة أساسية لتحرير الأراضي المحتلة من قبل إسرائيل. وبعد انسحاب القوات الإسرائيلية من جنوب لبنان عام 2000، تجددت التساؤلات حول جدوى استمرار الحزب في حمل السلاح، خاصة في ظل امتلاكه ترسانة عسكرية ضخمة تفوق قدرة الجيش اللبناني.
مبررات «حزب الله»
أكد قياديون في الحزب أن سلاحهم ليس موضوعًا قابلًا للتفاوض، مشددين على أن استراتيجية دفاعية وطنية يجب أن تأخذ بعين الاعتبار المخاطر المحدقة بلبنان، خاصة مع استمرار الخروقات الإسرائيلية الجوية والبحرية. ويرى الحزب أن الجيش اللبناني، رغم جهوده الكبيرة، يفتقر إلى القدرات العسكرية الكافية لمواجهة أي عدوان واسع النطاق، ما يبرر الحاجة إلى قوة ردع إضافية تمثلها المقاومة.
كما أشار الحزب إلى تصاعد التهديدات الإقليمية، سواء في الجنوب اللبناني أو على مستوى التوترات في المنطقة، ما يستدعي تعزيز التنسيق بين الجيش والمقاومة لضمان الدفاع عن السيادة اللبنانية.
الانقسام الداخلي
في المقابل، تطالب قوى سياسية لبنانية معارضة للحزب بوضع سلاحه تحت سيطرة الدولة اللبنانية، باعتبار أن وجود سلاح خارج إطار المؤسسات الرسمية يهدد سيادة الدولة ويعمق الانقسام الداخلي. وترى هذه الأطراف أن أي استراتيجية دفاعية يجب أن تكون مبنية على تقوية قدرات الجيش اللبناني ودعمه بالأسلحة والمعدات المتطورة.
ويشكل التوافق على استراتيجية دفاعية تحديًا كبيرًا بسبب التباين الحاد في الرؤى بين الأطراف اللبنانية المختلفة. فبينما يرى «حزب الله» أن سلاحه ضرورة استراتيجية لمواجهة إسرائيل، تعتبره بعض الأطراف الأخرى أداة لتعزيز نفوذه السياسي الداخلي والإقليمي.
وتتطلب أي استراتيجية ناجحة توافر بيئة سياسية مستقرة وثقة متبادلة بين مختلف الأطراف اللبنانية، وهي عوامل تبدو بعيدة المنال في ظل استمرار الأزمات الاقتصادية والسياسية التي تعصف بالبلاد.
أبعاد إقليمية ودولية
لا يقتصر ملف سلاح «حزب الله» على الداخل اللبناني، بل يمتد إلى أبعاد إقليمية ودولية. فإسرائيل تعتبر ترسانة الحزب تهديدًا مباشرًا لأمنها، بينما تنظر الولايات المتحدة ودول الخليج إلى الحزب كقوة مسلحة مدعومة من إيران تهدد استقرار المنطقة. هذه العوامل تجعل النقاش حول السلاح جزءًا من معادلات إقليمية أوسع تتجاوز حدود لبنان.
وتبقى الدعوة إلى استراتيجية دفاعية وطنية خطوة معقدة في ظل الانقسام الداخلي الحاد والتجاذبات الإقليمية. ومع ذلك، يمثل التوصل إلى تفاهم وطني شامل حول هذا الملف ضرورة حتمية لتجنب المزيد من الانقسامات الداخلية وتحصين لبنان في مواجهة التحديات الأمنية الإقليمية والدولية المتزايدة.