“حرب شعارات” تاريخية بين الديمقراطيين والجمهوريين الحمار والفيل
قسم البحوث والدراسات الاستراتجية والعلاقات الدولية 29-10-2024
الفيل والحمار رمزان تاريخيان للحزب الجمهوري والديمقراطي
منذ سنوات طويلة، اعتمد الحزبان الديمقراطي والجمهوري “أسلوب السخرية” كوسيلة في الحرب الانتخابية، فاعتمد كل منهما على رسومات فنان الكاريكاتير الأمريكي توماس ناست في اختيار شعار كل منهما.
لعب قيام النظام الفيدرالي، ومنح ولايات أمريكية صلاحيات لمواجهة السلطة المركزية في واشنطن، دورا بارزا في انقسام موقف المعارضين للنظام الفيدرالي، ليقرر أندرو جاكسون تكوين حزب منفصل باسم الحزب الديمقراطي عام 1828، ثم خرج إلى النور الحزب الجمهوري عام 1854، ويظل الحزبان هما الأكبر أمريكيا وتنحصر المنافسة بينهما لعقود.
“الحمار” الديمقراطي
في عام 1728، استقر الحزب الديمقراطي على شعار شكل الحمار، باختيار من جاكسون لانتخابات الرئاسة الأمريكية، مرفقا بثلاث كلمات (لنترك الشعب يحكم)، لكن معارضيه قابلوه بموجة سخرية واسعة، دفعته للتمسك على الدعاية باختيار شكل حمار رمادي اللون.
ورغم ذلك لم يعتمد الحزب الديمقراطي “الحمار” شعارا رسميا له إلا في عام 1780، بعد أن قام رسام الكاريكاتير الشهير توماس ناست برسم كاريكاتير بعنوان “الحمار سيركل أسدا ميتا” اعتبره الديمقراطيون رمزا للصمود والعناد، ودليل على امتلاكهم رؤية واحدة بالحزب.
وأظهرت الرسمة المبارزة بين الحمار والفيل، ليصبح بعدها الحمار الشعار الرسمي للحزب الديمقراطي، وتظهر أهميته في أيام الانتخابات البرلمانية والرئاسية بوضعه كجزء من الدعاية مع شعارات الحملات الانتخابية.
تاريخيا كان الحزب يسمى بالحزب الجمهوري-الديمقراطي، الذي تأسس عام 1792 وعرف بالفكر المحافظ وارتبط بحماية مؤسسة العبودية قبيل الحرب الأهلية الأمريكية التي نشبت عام 1862، وكانت له شعبية كبيرة في الجنوب امتدت من نهاية الحرب إلى السبعينيات من القرن العشرين في ظاهرة سميت بالجنوب الصلب.
لكن الحزب الديمقراطي تحول جذريًّا تحت قيادة الرئيس فرانكلين روزفلت عام 1932 فأصبح ممثلًا لتيارات الليبرالية ومناصرًا للنقابات العمالية والتدخل الحكومي في الاقتصاد، ولا يزال مرتبطًا بما يسمى بالأفكار التقدمية.
ويروج الحزب لفكرتين أساسيتين هما الليبرالية والتقدمية، حيث يدعم الحزب جميع الأعراق والديانات داخل الولايات المتحدة أيا كانت، ويشدد على حرية الفرد في التعبير عن الرأي بكافة السبل، في ظل القانون المدني.
ولدى الحزب مواقف داعمة ومؤيدة تجاه قضايا مثل الإجهاض والهجرة حيث يدعم “حق المرأة” في اختيار أن تجهض نفسها وإتاحة الفرصة للاجئين في الاندماج داخل المجتمع الأمريكي.
وأبرز الرؤساء الذين تولوا منصب رئاسة الولايات المتحدة هم: فرانكلين روزفلت، الذي قاد الولايات المتحدة خلال الحرب العالمية الثانية، وخلفه هاري ترومان، وجون كنيدي وليندون جونسون، وجيمي كارتر وبيل كلينتون وباراك أوباما والرئيس الحالي جو بايدن
“الفيل” الجمهوري
في المقابل، تأسس الحزب الجمهوري عام 1854 من بعض المنشقين الشماليين عن الحزبين اليميني (الويغ) والديمقراطي، وكان بعض هؤلاء المؤسسين ضد وضعية الرق القائمة آنذاك وضد مطالبات الانفصال الإقليمية، وبسرعة أصبح الحزب الجمهوري بديلًا عن الحزب اليميني وندا للديمقراطيين.
وبالفعل، تبنى الحزب الجمهوري سياسات أفضت إلى تحرير الأمريكيين من أصل أفريقي من العبودية، لأن فكرة تأسيس الحزب انبثقت من تحرير العبيد في القرن التاسع عشر، حيث يؤمن بالأفكار الأمريكية المحافظة، والتي يدعمها التيارات اليمينية والإفانجيلية (البروتستانتية).
ويتخذ الحزب موقفا متشددا من القضايا المثيرة للجدل مثل الهجرة والإجهاض مناهض تمامًا، حيث إنها تتعارض مع المبادئ المحافظة للحزب الذي كان قبل إعادة تنظيم نفسه عام 1960 بدون توجه فكري واضح أو عقيدة مذهبية سياسية ثابتة، وتخترقه العديد من التيارات الداخلية المختلفة لدرجة التناقض أحيانًا، حيث يضم المحافظين الماليين والمحافظين الاجتماعيين و”المحافظين الجدد”، والمعتدلين والمدافعين عن الحريات.
واختير رمز الفيل للحزب سنة 1874، حيث رسم الفيل الجمهوري كسخرية من رمز الحمار الخاص بالديمقراطيين، والذي يخيف جميع حيوانات الغابة لضخامته وثباته، كناية عن شعبية الحزب وأصوله العريقة.
ومن أبرز الرؤساء الجمهوريين الذين تولوا رئاسة الولايات المتحدة: دوايت إيزنهاور الذي بدأ الحرب الباردة مع الاتحاد السوفييتي، ورتشارد نيكسون صاحب فضيحة واترجيت، ورونالد ريجان وجورج بوش الأب وجورج بوش الابن ودونالد ترامب.