تونس تحتفل بعيد المرأة في الذكرى الخامسة والستين لصدور مجلة الأحوال الشخصية
تونس-13-8-2021
تحيي تونس اليوم الجمعة 13اغسطس 2021اليوم الوطني للمرأة، وهو ذكرى تحتفل بها بلادنا منذ 65 عاما أي منذ 1956.
وتحتفل تونس بالذكرى التي خلّصت نساء تونس من الجهل وحملتهم على عالم النور ، حيث أصدر الزعيم الراحل ‘أبو تونس’ الحبيب بورقيبة، مجلة الأحوال الشخصية التي تحوي على تغييرات جوهرية بضمّها عددا من التشريعات منها المساواة بين المرأة والرجل في مختلف المجالات ومنع تعدد الزوجات بموجب القانون، وإقامة شكل قانوني للطلاق إذْ أصبح من حقّ الزوجة طلب الطلاق مثل الرجل، وفرض شرط الحصول على موافقة كل من المرأة والرجل للزواج قانونًا وغيرها من التشريعات الأخرى.
وقالت الناشطة النسوية سعاد الخميري في تصريح لصحيفة ‘ستراتيجيا نيوز ‘إنّ مجلة الأحوال الشخصية التي فتحت باب الإصلاح لكنها لم تعد تستجيب إلى تطلّعات نساء تونس ورغبتهن في التحرر بعد عقود من المساهمة في بناء المجتمع والإنفتاح على العالم ، كما أنهن خرجن إلى العمل سواء في القطاع العمومي أو القطاع الخاص وشاركن في العمل النقابي والنشاط الثقافي.
وأفادت الخميري بأن نساء تونس اللواتي واجهن الاستغلال والقمع في ظل الدكتاتورية، كانت لهن مشاركة كبيرة في الثورة التونسية وهنّ يساهمن في هذا الإنجاز التاريخي، يطمحن إلى تحقيق مطلبهن في التحرّر التام والحقيقي.
وأردفت، “، “لقد ألغت المجلة تعدّد الزوجات وأكسبت الزواج طابعا مدنيّا نسبيّا وأعطت المرأة حقّ اختيار شريك حياتها. كما منحتها الحق في الطلاق، لكنها حافظت على مؤسّسة المهر (وهو شرعا وتقليدا ما يدفعه الرجل مقابل عقد الزواج)”
وتابعت، “ومنحت المجلة رئاسة العائلة للرجل مع ما ينجرّ عن ذلك من واجب الطاعة وخدمة الزوجة الزوج والولاية على الأطفال ومن اختيار مقر السكنى وتلقب العائلة بلقب الزوج. كما كرّست الميز في الإرث وتعاملت معه كتشريع مقدس، لا كنتاج اجتماعي، تاريخي ونسبي، مثله مثل كل التشريعات المحدّدة في الزمان والمكان”.
وكانت المجلة تتويجا لمسار إصلاحي تعود جذوره الى القرن التاسع عشر أي قبل الاستعمار الفرنسي.. ففي 1868، كتب خير الدين التونسي كتابه “أقوم المسالك في معرفة أحوال الممالك” الذي قال فيه إن مستقبل الحضارة الإسلامية مرتبط بتقدمها. وفي 1897، كتب الشيخ محمد السنوسي رسالة علمية عنوانها “تفتق الأكمام عن حقوق المرأة في الإسلام” حيث روّج لفكرة تعليم البنات.
بدورها ترى الصحفية التونسية المهتمة بالمجال النسوي درة سعيدان في حديث مع صحيفتنا ان العيد جاء في ظل وضع سياسي جديد ومع بداية تصحيح مسار الثورة التي نهبت منذ 2011، داعية إلى أهمية ايلاء أهمية قصوى للنساء وتشريكهن في مراكز القرار ، مشددة على ان التونسية نجحت في إثبات ذاتها في مختلف المجالات وهي تستحق ان تكون حاضرة بقوة في مراكز القيادة .
وأفادت بأنه من المقلق جدّاً لكل النساء في تونس أن يتم الاحتفاء بهن وتذكّرهن مرتين في السنة في اليوم العالمي للمرأة والعيد الوطني”، لافتة إلى أن “التهليل والاحتفال الذي يكون مع المناسبات لا تتحقّق مطالبه”.
وأشارت إلى “الإقصاء الممنهج للمرأة وعدم تكريس السلطات مبدأ المساواة بين الجنسين خاصة داخل سوق العمل، فضلاً عن تفاقم معدلات البطالة في صفوف النساء لا سيما في المناطق الداخلية الأكثر فقراً”.
و هنأت الفنانة التونسية سلاف الذهيبي المرأة التونسية في عيدها، معتبرة أن “كل ذكرى هي مناسبة للتذكير بحقوق المهمّشات المغيّبات في كل مجال ومن ضمنها المجال الثقافي”.
وأكدت الذهيبي أن “المرأة هي الحامل للأمل في التغيير والإصلاح”، لافتة إلى “تحدّيها كل التيارات الرجعية في البلد منذ 2011 ووقوفها صفّاً واحداً ضدّ المسّ من كرامتها ومكتسباتها التي جاءت بها مجلة الأحوال الشخصية”.
وأشادت بدور المرأة الريفية التي تساهم في تأمين قوت التونسيين، منتقدة تغييبها عن كل المنابر وعدم إيلائها ما تستحق من اهتمام.
بدورها هنّأت الدكتورة بدرة قعلول رئيسة المركز الدولي للدراسات الإستراتيجية الأمنية والعسكرية المرأة التونسية، معتبرة ان المجلة انجاز تاريخي يحق للتونسيات الاحتفاء بها والافتخار .
وقالت قعلول ان تونس تعيش اليوم وضعا استثنائيا بعد القرارات التي أصدرها الرئيس قيس سعيد، مطالبة بضرورة تفعيل القوانين التي انتصرت للمرأة وتطوير التشريعات لما يخدم التونسية.
وبمناسبة الذكرى ،دعت وزيرة المرأة والأسرة وكبار السن إيمان الزهواني هويمل إلى وضع ميثاق وطني مشترك وجامع لمناهضة العنف في المجتمع التونسي وخاصة المسلط على النساء والفتيات والخروج بخارطة طريق.
وأصدرت 5 منظمات وطنية تونسية( الاتحاد الوطني للمرأة التونسية والاتحاد العام التونسي للشغل والاتحاد التونسي للفلاحة والصيد البحري والاتحاد التونسي للصناعة والتجارة والصناعات التقليدية غرفة النساء صاحبات الأعمال)، بيانا مشتركا وأشادت فيه بالدور الطلائعي للنساء التونسيات، سليلات النضال الوطني وبنات أجيال من المصلحين وفي مقدمتهم المفكر الطاهر الحداد، في مختلف المجالات والاختصاصات والمواقع وما أبرزته من حس وطني وروح نضالية عالية للحفاظ على مكتسبات الدولة الوطنية ومنها مكتسبات المرأة التونسية وتصديهن لكل ما من شأنه المس من حقوقهن أو التشكيك فيها والتي أثمرت دسترة مجلة الأحوال الشخصية وتكريس مبدأ المساواة والتناصف بالدستور التونسي.
وتدعو الحكومات القادمة إلى إيلاء قضايا النساء أولوية قصوى للقطع مع المشاهد المهينة واللاإنسانية ومنها القتل في حوادث الطرقات وفي المسالك الفلاحية أثناء نقل العاملات وغياب التغطية الاجتماعية واستغلال الأطفال القصر للأعمال المنزلية والاتجار بهم ..
ودعت إلى إقرار مبدأ التناصف بما يضمن المساواة التامة في تمثيلية النساء بالمجالس المنتخبة وتحقيق تكافؤ الفرص في تقلد المناصب العليا مع زيادة معدل مشاركتهن في سوق الشغل والقطع مع سياسة التهميش تجاههن .
من جانبها دعت الجمعية التونسية للنساء الديمقراطيات، إلى مراجعة مجلة الأحوال الشخصية وتطويرها في اتجاه جعل رئاسة العائلة مشتركة بين الزوجين مع إلغاء التمييز على أساس الدين.
وطالبت بإقرار مبدأ المساواة التامة والفعلية بين الجنسين والتصدي لكل مظاهر التمييز، مقترحة الاستئناس بتقرير الحريات والمساواة بإلغاء المهر وإلغاء التمييز على أساس الدين في النسب واللقب والحضانة والولاية والإرث.
كما دعت إلى تفعيل الميزانية القائمة على المساواة بين الجنسين والجهات والفئات.
وأوصت بالتسريع في تفعيل التدابير اللازمة في القانون عدد 58 لسنة 2017 المتعلق بمناهضة كل أشكال العنف على النساء من خلال توفير الوقاية والتعهد وحماية و تتبع المعتدين.