أخبار العالمإفريقيا

تورط مرتزقة من إحدى دول الناتو في حرب الكونغو يفاقم الأزمة ويهدد بتصعيد إقليمي واسع

قسم البحوث الأمنية والعسكرية 31-01-2025

كشفت مجلة نيوزويك الأميركية عن تورط مرتزقة من دولة عضو في حلف شمال الأطلسي (الناتو)، يُعتقد أنهم من رومانيا، في الصراع المتصاعد بين جيش جمهورية الكونغو الديمقراطية ومتمردي “حركة إم 23″، في خطوة تسلط الضوء على تعقيد الحرب الدائرة في شرق البلاد، وتثير تساؤلات حول طبيعة التدخلات الأجنبية في المنطقة.

بحسب المجلة، سلم أكثر من 280 مقاتلًا أنفسهم إلى “حركة إم 23″، وزعمت قوات الدفاع الرواندية أنهم مرتزقة من رومانيا كانوا يقاتلون لصالح الجيش الكونغولي. ونُقل هؤلاء إلى العاصمة الرواندية كيغالي بعد سيطرة المتمردين على مدينة غوما، وهي واحدة من أهم المدن الاستراتيجية في إقليم شمال كيفو، وتشكل بوابة رئيسية للتجارة والنقل في المنطقة.

وأشارت المجلة إلى أن تقارير إعلامية، بينها تقرير لصحيفة رومانيا جورنال، أكدت أن وزارة الخارجية الرومانية أقرت بوجود مدنيين رومانيين وعاملين خاصين تابعين لحكومة الكونغو الديمقراطية، مكلفين بتدريب القوات الكونغولية. كما كشفت أن هؤلاء المرتزقة كانوا جزءًا من جيش خاص يديره العسكري الروماني هوراسيو بوترا، وهو ضابط سابق ذو خبرة واسعة في العمليات العسكرية.

هذا التطور يعزز التقارير السابقة التي أفادت بأن الكونغو الديمقراطية لجأت إلى التعاقد مع شركات عسكرية خاصة لوقف تقدم “حركة إم 23″، خصوصًا مع تصاعد التهديدات الأمنية وافتقار الجيش الكونغولي إلى التجهيزات العسكرية الكافية لمواجهة المتمردين.

يشكل استيلاء “حركة إم 23” على غوما نقطة تحول رئيسية في النزاع القائم منذ سنوات. فالمدينة، التي تضم أكثر من مليون نسمة، تمثل مركزًا اقتصاديًا وعسكريًا مهمًا، ما يجعل سقوطها ضربة قوية لحكومة الرئيس فيليكس تشيسكيدي، الذي يجد نفسه أمام تحدٍّ كبير للحفاظ على السيطرة في شرق البلاد.

ويرى محللون أن استيلاء المتمردين على غوما قد يدفع المنطقة نحو سيناريو مشابه لما حدث في عام 2012، عندما تمكنت “حركة إم 23” من السيطرة على المدينة، قبل أن تضطر إلى الانسحاب تحت ضغط دولي. لكن الوضع الآن أكثر تعقيدًا بسبب الدعم المزعوم الذي تتلقاه الحركة من رواندا، واتهامات الكونغو لها بإذكاء العنف في المنطقة.

ويحذر الخبراء من أن استمرار المواجهات قد يؤدي إلى اندلاع حرب مفتوحة بين كينشاسا وكيغالي، خصوصًا أن الأخيرة تتهم الكونغو باستضافة جماعات معارضة لحكومتها، مثل “القوات الديمقراطية لتحرير رواندا”، والتي تضم فلول المتورطين في الإبادة الجماعية للتوتسي عام 1994.

مع تصاعد التوترات، شهدت العاصمة الكونغولية كينشاسا احتجاجات عنيفة استهدفت السفارات الأجنبية، حيث هاجم عشرات المتظاهرين مقرات سفارات الولايات المتحدة وفرنسا وبلجيكا ورواندا وكينيا وأوغندا، متهمين هذه الدول بعدم اتخاذ موقف واضح من دعم رواندا لحركة إم 23.

وفي محاولة لاحتواء الأزمة، أعلنت مجموعة دول شرق أفريقيا الثماني، التي تضم الكونغو ورواندا، عقد قمة طارئة لبحث التصعيد العسكري وتداعيات سقوط غوما، وسط مخاوف من انجرار أطراف دولية أخرى إلى الصراع، خاصة مع تزايد المؤشرات على تورط أطراف خارجية في تمويل وتسليح الفصائل المتحاربة.

تكشف هذه التطورات عن تعقيد المشهد الجيوسياسي في منطقة البحيرات الكبرى، حيث تتداخل مصالح دولية وإقليمية في الصراع. ففي حين تتهم الكونغو رواندا بدعم “حركة إم 23″، تتهم الأخيرة حكومة كينشاسا بشن حرب بالوكالة ضدها عبر تمويل وتسليح مجموعات مسلحة مناوئة لحكومة الرئيس بول كاغامي.

وفي ظل هذه التعقيدات، يبرز احتمال تحول النزاع إلى مواجهة عسكرية مباشرة بين رواندا والكونغو، أو تصعيده إلى حرب بالوكالة بين القوى الإقليمية والدولية، ما يجعل الوضع في شرق الكونغو مرشحًا لمزيد من التوتر والعنف في الأشهر المقبلة.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق
إغلاق