أخبار العالمبحوث ودراسات

توجّهات الصّراع الدّولي الجديدة

يعيش العالم تطورات متسارعة خاصة على المستوى الجيوسياسي والذي أفضى الى ظهور قضايا جديدة تأثر على توجهات العلاقات الدولية المستقبلية والحالية.

اذ لم يعد خافيا على أحد أهمية الحرب الروسية ضد أوكرانيا التي لم تكن سوى بداية تشكل نظام عالمي جديد متعدد الأقطاب أهمها الصين وروسيا الى جانب الولايات المتحدة الأمريكية التي استفردت بالهيمنة منذ أواخر القرن العشرين خاصة بعد سقوط منافسها الأكبر الاتحاد السوفياتي.

ومما لا شك فبه بينت وريثة الاتحاد السوفياتي خلال الأيام الأخيرة قوتها العسكرية والسياسية الى جانب القوة المستحدثة للصين على المستوى الاقتصادي والتكنلوجي والعسكري.

1 تراجع نظام سياسي أحادي القطب وولادة نظام عالمي جديد متعدد الأقطاب

    *أسباب تراجع النظام العالمي أحادي القطب

   *ولادة نضام عالمي جديد

2 التحولات العالمية

   *التحولات الجيوسياسية العالمية

  *ما ينتظر النظام العالمي في المستقبل

  تراجع نظام عالمي أحادي القطب وولادة نظام عالمي جديد متعدد الأقطاب :

أسباب تراجع نظام عالمي أحادي القطب:

ان الأسباب الأكثر وضوحا في تراجع القوى الأمريكية هي التوسع العسكري و افتعال الحروب للهيمنة مما ضرب نموذج الاقتصادي الأمريكي و يتجلى في الأزمة المالية العالمية 2007-2009

 أما من خلال ما يحدث في الحرب الأكرانية يلعب دور هام في تراجع موازين القوة اذ أن الولايات المتحدة تفقد حبال السيطرة على العالم ولم تعد قادرة على فرض مبادئها الليبرالية والدمقراطية عقبة سلسلة من الهزائم والإخفاقات في عديد الأماكن منها حرب أفغانستان والعراق  و ايران و اخفاقها اقتصاديا أمام الصين و تنافسها العسكري مع روسيا و سببه التوسع الأمريكي المفرط

إضافة الى ذلك تعاني الولايات المتحدة من عدم استقرار داخلي على المستوى الاجتماعي فخلال فترة حكم الرئيس السابق دونالد ترامب، تنامت النزاعات الهوايتية وتفوق العرق الأبيض ففقدت ثقة الطبقة الوسطى الأمريكية،  و ذلك ما وضحه وباء الكورونا في ما يتعلق بالانشقاق المجتمعي و تشتت الأولويات و اختلال مبادئ القيم.

أما على مستوى عدم الاستقرار السياسي الداخلي فالمشهد السياسي الأمريكي ينبؤ بأزمة دستورية بعد الانتخابات الرئاسية القادمة التي قد تعيد ترامب للبيت الأبيض مما يخلق مخاوف من حرب أهلية أمريكية تؤدي الى انقسام مجتمعي وهذه الفرضية بتت أقرب للواقع.

بانت أمريكة مهددة بفقدان مكانتها العالمية و فقدانها المرتبة الأولى اقتصاديا لصالح الصين الشعبية خاصة أن الصين تسعى لفرض هيمنة تكنلوجية عالمية.

ولادة نظام عالمي جديد:

و في ظل تزعزع المكانة العالمية لأمريكة حيث أنها في صدد فقدان سيطرتها على العالم استغلت بعض الدول هذه الوضعية مثل روسيا وهي أكبر قوة عسكرية منافسة لأمريكة الى جانب الصين.

ان الشراكة الاستراتجية بين الصين و روسيا تزداد قوة فقد صرح الرئيس الصيني شي جين يانغ أن العلاقة بين البلدين “في قوتها و متانتها تتفوق على أي تحالف” أم الرئيس الروسي فلادمير بوتين اعتبر الصين ” الشريك الذي يعتمد عليه”.

الى جانب الصعود الاقتصادي السريع للصين يهدد الاقتصاد الأمريكي و يفرض النفوذ الصيني الروسي على الساحة العالمية فروسيا قد باعت منظومة “اس-400” للدفاع الجوي الى تركيا عضو حلف شمال الأطلس أو ما يسمى بحلف الناتو مما يوضح اختراق روسيا للحلف الذي زعزعت استقراره.

كما استفزت محاولات أوكرانيا الانظمام لحلف الناتوروسيا رغم تحذيرات موسكو لها مما استوجب على روسيا وضع 100 ألف جندي على الحدود الأوكرانية و القيام بمناورات نووية استخدم فيها الجيش الروسي صواريخ باليستية كما أن روسيا كانت مدركة أن الغرب لن يتدخل في الحرب و أن الناتو لن يتسبب في اندلاع حرب عالمية ثالثة.

و بعد أن أعلن الحرب صرح الرئيس الروسي فلادمير بوتين أن الهدف من حربه ضد أكرانية ” نزع سلاح أكرانيةو القضاء على البنية الأساسية للجيش الأكراني.

بالأضافة الى تدخل روسيا في الحرب السورية و ترجيح الكفة لصالح بشار الأسد و إرساء قاعدة عسكرية في الشرق الأوسط يهدد مصالح بعض الدول المهيمنة مكنت روسيا من الاقتراب جغرافيا من أعدائها ومحاصرتهم في عمق الشرق الأوسط.

التحولات الجيوسياسية العالمية:

ان النظرة الأمريكية لجملة التحولات العالمية متأخرة ولم تتخذ إجراءات عملية لتداركها كاعلان الرئيس الأمريكي السابق دونال ترامب “بكين عدوا” و تعزيز الحضور العسكري الأمريكي لمواجهة الصين في المحيطين الهندي و الهادي

بالإضافة الى تحالف استخبراتي بين بريطانيا  كندا  أمريكا  استراليا و نيوزيلندا

ويعود هذا الأتفاق التحالفي الأستخبراتي للميثاق الأطلسي في فترة الحرب الباردة لوضع استراتيجيات ما بعد الحرب وهو نظام استخدم في مراقبة اتصالات الاتحاد السفياتي سابقا وفي مخططها احتواء الصين وهذه المواجهة سوف تؤدي الى صراع جيوسياسي اقتصادي وتكنلوجي في المستقبل القريب وهذا ما يفسر أن أمريكا لا تزال مشغولة بالغطرسة والتحكم والتجسس على العالم.

هذا الوضع العالمي الغير مستقر والتسابق حول المراتب الأولى في العالم سيؤول الى حرب اقتصادية تكنولوجية بين الصين وأمريكة ولكن من الصعب الاتجاه الى المواجهة العسكرية المباشرة.

أما روسيا فتسعى الى إعادة هيبة الاتحاد السوفياتي في العالم وتجمعها صداقة استراتيجية لكنهما يتجانبان تشكيل تحالف مشترك.

ولا يخفى هذه التقلبات السياسية أن تؤثر على مصادر الطاقة في العالم فقد تتغير سياسة الدول في ظل التصارع السياسي وضعف التحالفات السياسية على أمن النفط الذي آليا سيؤثر على نسبة مبيعات الأسلحة الى التصارع حول الطاقة المتجددة مما سيصبح هذا الصراع كأداة جيوسياسية ستغير المشهد العالمي.

ومن المتوقع أن يحاول منتجي المواد الهيدروكربونية الحفاظ على مكانة في سوق الطاقة وستتركز المخاوف الأمنية على الأمن السيبراني والأمن الطاقي وحماية المعادن اذ أن هذه التحولات ستلعب دور جيوسياسي هام مما يمكن بعض الدول الغنية بالمعادن اكتساب مكانة عالمية في انتاج المواد الطاقية والمعدنية وهذه الأهمية الطاقية في العالم يمكن أن تخسر القطاعات التقليدية كالفحم.

أما من الناحية الإيجابية للطبيعة والأرض فان هذه الطاقات المتجددة ستمكن من التخفيف على تغير المناخ الذي يهدد الأمن العالمي مما يسببه من كوارث طبيعية.

ما ينتظر النظام العالمي في المستقبل:

ما ينتظر النظام العالمي هو حل النظام اللبرالي ونظام الدولة الوحيدة المهيمنة كما تسعى الصين لإحياء نظامها الامبريالي ونشر قوتها الاقتصادية في مناطق عديدة في العالم خاصة القارة الأفريقية الغنية بالثروات الطبيعة.

الى جانب عدم الاستقرار في العلاقات العابرة للمحيط الأطلسي والمشاكل التي يعاني منها الاتحاد الأوروبي تنذر بحدوث تفكك للتحالف الغربي.

وخاصة بعد خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي وحرب اكرانيا يعاني الاتحاد منى مشاكل اقتصادية الى جانب الهجرة الغير شرعية والهجرة السورية بعد حرب سورية

إضافة الى ذلك ان الوضع العالمي يقلق بعض رؤساء الدول من فقدان الغرب للسلطة الاقتصادية وفقدان التفوق العرقي الأبيض والديني بسبب زيادة الهجرة مع العلم أن هناك حركات مناهضة لنظام أحادي القطب في مناطق عديدة في العالم.

استغل الشرق التراجع الاقتصادي للغرب ويسعى الى تعزيز التحالفات وظم أكبر عدد ممكن من الدول بصفه خاصة الدول العربية التي يشهد التاريخ على معاناتها من الغرب الاستغلالي لثرواتها الطبيعة وحتى البشرية.

وخلاصة القول إن الدولة القومية تسترجع هيبتها وتكتسب مزيد القوة أمام دول رأس المال العالمي.    

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة


زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق
إغلاق