تنافر المصالح الدولية يُعيق تعيين مبعوث أممي جديد إلى ليبيا
تونس-زهور المشرقي-3-6-2020
منذ إستقالة المبعوث الأممي في ليبيا غسان سلامة في 13مارس 2020، عاشت ليبيا فراغا حقيقيا في التنسيق الأممي بين أطراف الصراع، علما أن الدبلوماسي اللبناني لم ينجح -وفق مراقبين-في إنجاز مهام احتار فيها كل سابقيه.
وكان سلامة قد وضع مجموعة من النقاط المهمة في محاولة حلحلة الأزمة الليبية ، كتوسيع دائرة الحوار بين جميع الليبيين، وتعديل اتفاق الصخيرات، وإجراء انتخابات قبل نهاية 2018، لكنه وإن بدأ في العمل على النقطة الأولى، من خلال اللقاءات التي جمع فيها الفرقاء شرقا وغربا، سقطت كل تلك “الاحلام” لتعود الأمور إلى نقطة الصفر بسبب الخلافات الحادة بين الطراف الليبية واتهامه بالإنحياز الى جماعة الإسلام السياسي المسيطرة في طرابلس تحت حراب الميليشيات المسلحة،برغم استعانته بأطراف اقليمية ودولية لتسهيل المهام الموكلة إليه
يذكر أنه توافد على ليبيا 6 مبعوثين أمميين، منذ إسقاط نظام العقيد القذافي بفعل التدخل العسكري للناتو، وقد حاول المبعوثون إيجاد سبل لإخراج البلاد من حالة الإقتتال والإنقسام والفوضى إلى تسوية عادلة تسهم في إعادة الإستقرار إلى البلد الغني بالنفط، وتعيد ترتيب الأوضاع السياسية والأمنية.
وقد عين عبد الإله الخطيب وزير الخارجية الأردني الأسبق في السادس من أبريل عام 2011، من قبل الأمين العام بان كي مون حينها،ولكنه لم يبق في مهمته أكثر من أربعة أشهر، وبعده عُين الدبلوماسي البريطاني إيان مارتن مبعوثاً لدى ليبيا حتى أكتوبر2012.
وعقب رحيل مارتن، أوكلت الأمم المتحدة إلى طارق متري، السياسي والأكاديمي ووزير الإعلام اللبناني الأسبق، مهمة رئاسة البعثة الأممية لدى ليبيا في أغسطس 2012 وظل سنتين ،حيث عمل على إجراء مباحثات مكثفة مع جميع الأطراف في البلاد، ودعا إلى الحوار بينهم، لكن الحرب التي اندلعت في طرابلس وبنغازي لم تمهله طويلاً.
وفي أغسطس 2014، تسلم الدبلوماسي الإسباني برناردينو ليون مهمته الأممية، وساهم في جمع غالبية الأطراف السياسية في البلاد لتوقيع الإتفاق السياسي في منتجع الصخيرات بالمغرب، وكانت فترة ولايته الأصعب والأخطر باعتبار ارتفاع حدة القتال وتسلط الميلشيات المسلحة .
أما المبعوث ما قبل الأخير، مارتن كوبلر، فكانت مهمته محددة، وهي تطبيق اتفاق الصخيرات، لكن الدبلوماسي الألماني، الذي عيّن في الفترة من 17 نوفمبر 2015 إلى 21 من يونيو 2017، أخفق في ذلك بالرغم من تجاربه السابقة في العراق وأفغانستان والكونغو الديمقراطية،وذلك بسبب الخلافات بين الطرفين وسطو المليشيات المسلحة على القرار السياسي وعلى المقدرات الإقتصادية..
ويواجه،حاليا، الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، صعوبة كبيرة في تسمية مبعوثه إلى ليبيا، منذ استقالة غسان سلامة، وسط صراع دولي حول الشخصية التي ستتولى إدارة ملف ساخن تجاوز مجرد كونه نزاعا داخليا على السلطة،بينما جوهر القضية يتمثل في وجود الميليشيات المسلحة إلى جانب ازدياد الأوضاع خطرا بالتدخل التركي السافر وإرسال آلاف المرتزقة في سابقة دولية خطيرة وسط سكوت دولي مفضوح ومخزٍ.
وتم تداول أسماء كثيرة في أروقة الأمم المتحدة لخلافة سلامة، وكان اسم السلوفاكي ميروسلاف لايجاك، الرئيس السابق للجمعية العامة للأمم المتحدة، قد طرح لخلافة سلامة.
ويشترط الإتحاد الإفريقي أن يكون المبعوث الأممي من القارة الإفريقية، في حين ترى الجامعة العربية أن يكون عربيا، فيما رجحت تقارير أن يكون المبعوث القادم من شمال إفريقيا،وهذا ما ذهبت إليه روسيا،وقالت المتحدثة باسم الخارجية الروسية ماريا زاخاروفا، إن “الخيار الأفضل في هذه الظروف، نظرا لموقع ليبيا الجغرافي وانتمائها إلى الأمة العربية، يكمن في اختيار ممثل ذي مصداقية من أي من دول شمال إفريقيا”.
ويقول خبراء، إن تسمية مبعوث أممي جديد في يلبيا تعيقه حسابات خارجية كثيرة ، تسعى إلى تواصل الإقتتال في البلد واستمرار تدفق المرتزقة والإرهابيين للقتال إلى جانب مليشيات السراجّ.
ويقول الكاتب الصحفي محمد حميدة، المختص بالشؤون العربية:من المؤسف القول إن تعيين مندوب أممي في ليبيا من عدمه أصبح غير مؤثر، خاصة أن البعثة الأممية طوال السنوات الماضية لم تستطع تقديم أية حلول فعالة في المشهد الليبي.
وأضاف حميدة، أن الفترة التي قضاها المبعوث غسان سلامة كانت مجرد إدانات ومهادنات، دون رؤية قاطعة وواضحة نحو الإلزام بالمخرجات أو الحلول التي توصلت إليها عدة لقاءات دولية بشأن ليبيا.
ويرى حميدة أن الوضع الآن في ليبيا أصبح مختلفا تماما، ولم يعد يحتاج لبعثة أممية لتقييم الوضع داخليا كما كان عملها في السابق، حيث أصبحت بعض الدول متواجدة وبشكل مباشر في المشهد الليبي، وباتت عملية الحل مرهونة بمواقف علنية وصريحة من الدول الكبرى ومجلس الأمن.
وأشار حميدة إلى أن أحد المؤشرات الأكثر خطورة في المشهد الليبي هو وصول قيادات داعشية إلى ليبيا ومن بينها عناصر من دول المغرب العربي، ما يعني أن هناك مساحات من الإشكاليات أضيفت إلى المشهد، ما يستوجب شمولية الحل واستبعاد المسار السياسي طبقا للمعطيات المطروحة على أرض الواقع ..دوامة الحل السياسي تمثل الدوران في دائرة مغلقة.