تقرير مجموعة الأزمات: تنظيم الدولة يعيد تشكيل نفسه في الصومال ويشكل تهديدًا متزايدًا للمنطقة
قسم الاخبار الدولية 13/09/2024
أفادت مجموعة الأزمات الدولية في تقرير نشرته مؤخرًا بعنوان “الدولة الإسلامية في الصومال: الاستجابة لتهديد متطور” أن تنظيم الدولة الإسلامية في الصومال أعاد ترتيب صفوفه ليصبح جزءًا مهمًا من الشبكات العالمية للجماعات “الجهادية”. نجح التنظيم في إيجاد مساحة للتنفس بعد تصديه لمحاولات منافسه الرئيسي، حركة الشباب المجاهدين، وتعزيز دوره كمركز لوجستي ومالي لتنظيماته الأخرى في أفريقيا والعالم.
وأشار التقرير إلى أن التنظيم، رغم امتلاكه لقوة كبيرة، لا يشكل تهديدًا مباشرًا لأمن الصومال على غرار حركة الشباب، التي تظل الأكثر نفوذاً وثباتًا في المنطقة. يتمركز مقاتلو تنظيم الدولة في المناطق الجبلية شمال شرق البلاد، تحديدًا في منطقة بونتلاند. وبفضل النزاعات القائمة بين مقديشو وسلطات أرض الصومال، تمكن التنظيم من استغلال هذه الفوضى لتعزيز صفوفه وتوسيع نفوذه. ورغم الضربات الجوية الأمريكية المستمرة، إلا أنها لم تحقق تأثيرًا كبيرًا في إعاقة نمو التنظيم.
تصاعد الدور والاهتمام الدولي
ووفقًا لتقرير مجموعة الأزمات الدولية، فإنه مع تزايد قوة تنظيم الدولة الإسلامية في العراق وسوريا، انفصلت مجموعة صغيرة من حركة الشباب -التي تتبع ولاءها لتنظيم القاعدة- في أكتوبر 2015، بقيادة عبد القادر مؤمن. هذه المجموعة أعلنت ولاءها لتنظيم الدولة وأصبحت لاحقًا تمثل فرعًا رئيسيًا له في الصومال.
ومع مرور الوقت، تطورت أهمية هذا الفرع الصومالي ليصبح حلقة وصل رئيسية بين فروع التنظيم الأخرى، حيث وفر دعمًا لوجستيًا وماليًا لباقي الأفرع في أفريقيا والعالم. وقد أشارت الولايات المتحدة إلى قائد هذا التنظيم، عبد القادر مؤمن، كهدف رئيسي لها، وذلك نظرًا لدوره البارز الذي قد يجعله قائدًا عالميًا أو ما يسمى بـ”الخليفة”.
كما ذكر التقرير أن مؤمن نجا من ضربة جوية أمريكية في بلدة نائية بمنطقة بونتلاند في 31 مايو الماضي. هذا الظهور اللافت لشخصية مؤمن قد يزيد من الاهتمام بالفرع الصومالي والدور الذي يلعبه في الربط بين فروع التنظيم المختلفة على المستوى العالمي.
ويبرز تقرير مجموعة الأزمات الدولية مجموعة من العوامل التي أسهمت في قدرة تنظيم الدولة على الاستمرار رغم التحديات التي يواجهها في الصومال.
أولاً، يشكل الموقع الجغرافي للتنظيم أحد العوامل الرئيسية، حيث يتخذ من المناطق الجبلية شرق مدينة بوساسو قاعدة له. هذه المناطق تعتبر وعرة ومعزولة وقليلة الكثافة السكانية، مما يعزز من قدرة التنظيم على التمركز بعيدًا عن الأنظار.
ثانيًا، تلعب الروابط العشائرية دورًا محوريًا في إدارة التنظيم للمنطقة، إذ تسهم في تسهيل العمليات اللوجستية وتعزيز شبكة الدعم المحلية.
ثالثًا، يتمثل العنصر الثالث في إخفاق خصوم التنظيم في توجيه ضربات مؤثرة له. فعلى الرغم من التهديدات التي تشكلها حركة الشباب، التي ترى في التنظيم منافسًا يهدد تماسكها الداخلي ويجذب المقاتلين غير الراضين عن سياساتها، إلا أنها لم تنجح في تحقيق ضربات حاسمة ضد التنظيم. بالإضافة إلى ذلك، تعاني السلطات في بونتلاند من نقص في الموارد اللازمة لمواجهة التنظيم بفعالية، مما يعزز من صمود التنظيم واستمراره في المنطقة.
مخاطر مستقبلية محتملة
كما يشير التقرير إلى أن المسؤولين الأمنيين الأمريكيين يعتقدون أن عبد القادر مؤمن هو القائد الحالي لتنظيم الدولة، رغم أن التنظيم لم يعلن رسميًا عن ذلك بعد. إذا تم تأكيد اختيار خليفة من أفريقيا، فسيكون لذلك تأثير كبير على التنظيم.
ويوضح أيضا أن التهديد الذي يمثله تنظيم الدولة في الصومال وعلى مستوى المنطقة يعتمد بشكل أكبر على طموحاته المستقبلية بدلاً من قدراته الحالية. فقد لعب التنظيم دورًا بارزًا كمركز مالي إقليمي، وساهم بشكل كبير في توسيع نطاق عملياته في القارة الأفريقية.
وذكر التقرير أن مصادر محلية أفادت مجموعة الأزمات الدولية بأن تنظيم الدولة يطمح إلى بسط سيطرته الإقليمية في منطقة بونتلاند كمرحلة أولى على طريق تحقيق الهيمنة على كامل الصومال. ومع ذلك، يواجه التنظيم تحديات كبيرة، منها القاعدة العشائرية المحدودة التي يستند إليها، ومعارضة حركة الشباب، فضلاً عن جهود السلطات المحلية للحد من توسعه.
وأشار إلى أن تنظيم الدولة قد يشكل تهديدًا مستقبليًا يتجاوز الصومال ليشمل معظم منطقة شرق أفريقيا. على الرغم من أن التنظيم اختار نهجًا مختلفًا عن الاستراتيجيات المتبعة في سوريا والعراق، فإنه ينتظر بصبر بينما يجمع الموارد ويعزز قدراته العسكرية، وفقًا لتقرير مجموعة الأزمات الدولية.