أخبار العالمالشرق الأوسط

تغطية ميدانية: غزيات يبلغن عن تعرضهن للعنف أثناء محاولة الحصول على مساعدات أمريكية

استطاعت الفلسطينية سلوى أبو إسماعيل، بعد أن قطعت مئات الأمتار مشياً على الأقدام تحت أشعة الشمس، الوصول إلى مركز المساعدات الأمريكية غرب مدينة رفح جنوب قطاع غزة، أملاً في الحصول على طرد غذائي يساعد عائلتها على البقاء على قيد الحياة في ظل المجاعة التي تعصف بسكان القطاع الساحلي.

وتُعد سلوى أبو إسماعيل (45 عاماً) واحدة من آلاف النساء اللواتي توجهن إلى مركز التوزيع صباح يوم أمس (الخميس)، بناءً على دعوة أطلقتها مؤسسة “غزة الإنسانية”، التي تديرها الولايات المتحدة، أفادت بأن هذا اليوم مخصص للنساء فقط، في خطوة هي الأولى من نوعها منذ بدء عمل المؤسسة.

وقالت المؤسسة، في بيان على حسابها في منصة “إكس”، “نرحب بالنساء فقط للمجيء واستلام صندوق غذائي، وسيحرص طاقمنا المحلي على توجيه النساء إلى منطقة مخصصة حيث سيتم إعطاء كل واحدة منهن صندوقا، يجب على الرجال تجنب الموقع خلال هذا التوزيع”.

وكانت النساء المتوجهات إلى المركز، وبينهن كبيرات في السن وقاصرات، يأملن في تلقي معاملة مختلفة مقارنة بما يحدث عادةً من حالات ازدحام، وقتل، واختناق، وقعت سابقًا عند مراكز التوزيع منذ بدء عمل المؤسسة أواخر مايو الماضي.

وقالت سلوى أبو إسماعيل، التي تعيل خمسة أبناء، لوكالة أنباء “شينخوا”، إن “الأمريكيين المتواجدين على بوابة المركز أمرونا بالدخول فور وصولنا من أجل تلقي المساعدات الغذائية”.

وأضافت، بينما انهمرت دموعها، “بعد دخولنا، بدأوا بالصراخ علينا ومطالبتنا بالخروج، وصاروا يرشون مادة تشبه الفلفل الحار علينا، حرقت وجوهنا وأيدينا”.

وتابعت السيدة التي عادت إلى أطفالها خالية الوفاض “خرجنا من المركز، وأبعدونا مسافة بعيدة، ثم قاموا بإلقاء قنابل غاز مسيل للدموع على النساء العزّل، ما أدى إلى اختناقنا”.

ولم يصدر أي تعليق من المؤسسة بشأن الحادثة، لكنها أكدت التزامها المستمر بتحسين أساليبها لضمان تمكّن سكان غزة من الوصول إلى الغذاء المنقذ للحياة بشكل آمن ومباشر، دون تدخل من حركة (حماس).

وقالت المؤسسة في بيان في وقت سابق إن “تقديم المساعدات في منطقة حرب ليس بالأمر السهل، ونحن نتشرف بخدمة هؤلاء الناس”، في إشارة إلى سكان القطاع البالغ عددهم أكثر من مليوني نسمة.

وكانت مؤسسة “غزة الإنسانية” قد بدأت عملها في 27 مايو الماضي، بإقامة مراكز توزيع في جنوب ووسط قطاع غزة، في خطوة قوبلت بتنديد فلسطيني وأممي على خلفية سقوط قتلى وجرحى من المدنيين أثناء محاولتهم الوصول إلى المساعدات.

وقُتل أكثر من 900 فلسطيني أثناء محاولتهم الوصول إلى مراكز توزيع الغذاء منذ بدء عمل الآلية الأمريكية – الإسرائيلية، بحسب وزارة الصحة في غزة ومؤسسات حقوقية.

في الصورة الملتقطة يوم 24 يوليو 2025، فلسطينيون ينتظرون الحصول على طعام مجاني من مطبخ خيري في مدينة غزة. (شينخوا)

وأظهرت مواقع التواصل الإجتماعي مشاهد لتكدّس النساء قبالة المركز المقام في منطقة رميلة، وهي منطقة وعرة يصعب الوصول إليها بسهولة، فيما بدت على العديد منهن علامات التعب والإرهاق نتيجة الجوع.

وقالت فايزة إرشي (62 عاماً)، والتي تعاني من أمراض مزمنة، إنها تحاملت على نفسها من أجل الحصول على طرد غذائي، مضيفة “وقفنا في طوابير، ومع مرور الوقت بدأنا نسأل القائمين على المركز متى ستأتي المساعدات؟”.

وأوضحت إرشي، التي قطعت مسافة كيلو متر للوصول إلى المركز، أن “حراس المركز طلبوا منا الرجوع إلى خيامنا وأبلغونا بعدم وجود مساعدات، وعندما اعترضنا جرى رشّنا بغاز حارق يشبه الفلفل الحار، ما أدى إلى إصابتي بحروق في ظهري ووجهي”.

وتابعت بينما ترفع كفيها إلى السماء شاكية ما جرى للنساء “لم يكتفوا برشنا بغاز الفلفل، بل ألقوا علينا قنابل غاز أيضًا، ما أدى إلى إغماء عدد من النساء نتيجة التعب والخوف”.

ووصفت إرشي ما حدث بأنه “إهانة وذل”، مضيفة “عمري كبير، وذهبت لإحضار طعام لزوجي وأطفالي، فلا يوجد لدينا طعام أو مصدر دخل، لم نتوقع أن نعيش مثل هذه اللحظات العصيبة”.

ومنذ الثاني من مارس الماضي، منعت إسرائيل إدخال المساعدات الغذائية والإنسانية إلى قطاع غزة، قبل أن تستأنف عملياتها العسكرية في 18 من الشهر ذاته.

وأدى ذلك إلى وفاة 122 شخصاً، من بينهم 83 طفلاً، بسبب المجاعة وسوء التغذية منذ بداية الحرب، وفق وزارة الصحة في غزة.

واعتبرت حركة حماس استمرار ما وصفته بـ”جريمة التجويع” بأنه “وصمة عار على جبين المجتمع الدولي الذي يواصل صمته المخزي أمام واحدة من أفظع جرائم العصر”، على حد تعبيرها.

وقالت الحركة في بيان إن “سياسة التجويع والتعطيش الممنهجة والمُعلنة التي تمارسها حكومة نتنياهو في قطاع غزة، والتي اشتدت حدّتها منذ نحو خمسة أشهر، تشكّل عارًا على المجتمع الدولي الشاهد الصامت على هذه الجريمة الوحشية المروّعة”.

ودعا البيان الأمم المتحدة إلى اتخاذ “إجراءات عملية وملزمة تُجبر الاحتلال على إدخال المساعدات فورًا، دون شروط أو تحكّم، وبما يضمن إنقاذ المدنيين من خطر الموت جوعًا وعطشًا”، محمّلًا الإدارة الأمريكية “مسؤولية مباشرة عن استمرار جريمة الإبادة والتجويع ضد المدنيين الأبرياء في قطاع غزة، بدعمها المطلق لحكومة الاحتلال”، ومؤكدًا أن استمرار هذا الدعم يجعلها “شريكًا في أبشع جريمة عرفها التاريخ الحديث”.

وتشن إسرائيل حربًا واسعة في قطاع غزة منذ 7 أكتوبر 2023، إثر هجوم مفاجئ شنته حركة حماس على جنوب إسرائيل، أسفر، بحسب السلطات الإسرائيلية، عن مقتل أكثر من 1200 شخص واحتجاز رهائن.

وأدت الحرب إلى مقتل 59 ألفا و676 فلسطينيا وإصابة 143 ألفا و965 شخصا، بحسب وزارة الصحة في قطاع غزة، إلى جانب دمار واسع في المباني والبنية التحتية.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق
إغلاق