أخبار العالمإفريقيابحوث ودراسات

تصعيد خطير في السودان قد يمتد إلى دول المنطقة

فشل مبادرة جدة وكل المبادرات ستفشل مستقبلا والميدان العسكري في تمدد في السودان.

 شهدت العاصمة السودانية، الخرطوم، في الأيام الأخيرة، تصعيدا لافتا في وتيرة القتال بين قوات الجيش السوداني وقوات الدعم السريع، وذلك في أعقاب وقف انهيار مباحثات جدة التي ترعاها السعودية والولايات المتحدة.

في هذا السياق، يعكس التصعيد الميداني جملة من الدلالات المهمة، وهو ما يمكن عرضه على النحو التالي:

  1. حشود عسكرية متزايدة: رصدت تحركات مكثفة للجيش السوداني من مختلف المدن السودانية، خاصة عطبرة والدمازين وود مدني وغيرها، باتجاه الخرطوم، وذلك لتعزيز قواته الموجودة هناك. وفي المقابل، تم رصد تحركات لنحو 200 مركبة من قوات الدعم السريع، وهي في طريقها إلى قاعدة لها في شمال كردفان، تمهيدا لشن هجمات جديدة على عاصمة الولاية. كما نشبت اشتباكات عنيفة بين قوات الدعم السريع والفرقة الخامسة من قوات الجيش السوداني في جنوب وسط السودان، حيث أشارت تقارير إلى أن طرفي الصراع يستعدان لهجمات كبرى خلال الفترة المقبلة.
  2. استخدام مكثف للمدفعية: بدأ طرفا الصراع يستخدمان الأسلحة الثقيلة والمدفعية بعيدة المدى، وهو ما سيترك تداعيات سلبية على المناطق المدنية، إذ ينذر ذلك بسقوط ضحايا من المدنيين، ومن ثم استقطاب مختلف القبائل للمشاركة في القتال الدائر لصالح أحد الطرفين على نحو ينذر بحدوث حرب أهلية يترتب عليها تفكيك السودان.
  3. تحركات دبلوماسية موسعة: كثف طرفا الصراع السوداني، خلال الآونة الأخيرة، من تحركاتهما الدبلوماسية الخارجية، في محاولة من جانب كل منهما لحشد دعم خارجي مكثف في مواجهة الآخر.  وفي هذا السياق، يجري المستشار السياسي لقائد قوات الدعم السريع، “يوسف عزت”، حاليا جولة أوروبية، تشمل فرنسا وألمانيا وبريطانيا، في محاولة للترويج لفكرة أن الدعم السريع يعمل جاهدا على حماية المدنيين، بخلاف قوات الجيش السوداني التي تستخدم الأسلحة الثقيلة في قصفها لمواقع داخل الخرطوم، وهو ما يشكل تهديداً للمدنيين.  في المقابل، يعمل الجيش السوداني للترويج لفكرة استهداف قوات الدعم السريع للمستشفيات ومباني المدنيين داخل الخرطوم، في محاولة لدفع الأطراف الدولية لتبني مواقف مناهضة للدعم السريع.

تعكس المتغيرات الميدانية الراهنة اتجاه الصراع السوداني للتصعيد في ظل الحشد العسكري لطرفي الصراع، واتساع نطاق الاشتباكات العنيفة بينهما، وهو ما يمكن عرضه على النحو التالي:

  1.  مساعي الجيش للسيطرة على الخرطوم: يرجح أن تشهد الفترة المقبلة تصعيدا كبيرا من جانب الجيش السوداني في هجماته داخل الخرطوم، في إطار مساعيه لاستعادة السيطرة عليها من قوات الدعم السريع، وهو ما قد يفسر انسحاب الجيش من مباحثات جدة، حيث يسعى الجيش لتحقيق انتصارات ميدانية تعزز موقفه التفاوضي في مواجهة الدعم السريع، خاصة في ظل الحديث عن احتمالية استئناف المباحثات المباشرة بين طرفي الصراع في جدة خلال الفترة المقبلة. ولا تزال قوات “الدعم السريع” تسيطر على مساحات واسعة من الخرطوم، وحتى الآن، لم تشكل الضربات الجوية لقوات الجيش أي فاعلية في دفع قوات الدعم السريع للانسحاب من الخرطوم، ولذلك قد يتجه الجيش السوداني لقطع خطوط الإمداد عن قوات الدعم السريع في الخرطوم، ومنعها من إعادة التزود بالذخيرة والوقود.
  2. تحركات للدعم في بورتسودان: اتهم الجيش قوات الدعم بالاستعداد لشن هجمات واسعة في بورتسودان بشرق البلاد، والتي تخضع حاليا لسيطرة كاملة من قبل الجيش، إذ قام، خلال الأيام الأخيرة، بمنع وصول الحافلات للمدينة، بدعوى وجود تحركات جارية للدعم السريع تستهدف التغلغل داخل المدينة تمهيدا لشن هجمات واسعة في هذه المنطقة، ردا على الهجوم الواسع المرتقب من قبل قوات الجيش في الخرطوم.  
  3. مواجهات حادة في دارفور: يتوقع أن تشهد الفترة المقبلة اندلاع مواجهات أكثر عنفا في دارفور، نظرا لسعي كل طرف لحسم الصراع الميداني هناك في مواجهة الآخر، خاصة في ظل الحديث عن اتجاه قوات الجيش السوداني لتسليم أسلحة لبعض المجموعات المحلية في دارفور ودفعها للدخول في مواجهات ضد قوات الدعم السريع، وهو ما ينذر بانخراط قبلي أوسع في هذا الصراع.

الخلاصة:

على الرغم من إعلان السعودية والولايات المتحدة استئناف المفاوضات غير المباشرة بين طرفي الصراع، في محاولة للتوصل إلى هدنة جديدة تفضي إلى وقف دائم لإطلاق النار، فإنه حتى الآن، تبدو الأوضاع مرشحة للتفاقم ومزيد من التصعيد خلال الفترة المقبلة، في ظل مساعي كل طرف لشن هجمات جديدة، لتوسيع نطاق سيطرته الميدانية وهزيمة الطرف الآخر.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة


زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق
إغلاق