آسياأخبار العالمأمريكا

تصعيد جديد في الحرب التجارية بين واشنطن وبكين: الصين ترد على تهديدات ترامب بفرض رسوم جمركية على المنتجات الزراعية الأميركية

اتخذت الصين خطوة تصعيدية جديدة في مواجهة التهديدات الأميركية بفرض رسوم جمركية إضافية على الواردات الصينية، حيث أعلنت استعدادها لاتخاذ تدابير مضادة تستهدف الصادرات الزراعية الأميركية، وفقاً لما نقلته صحيفة “غلوبال تايمز” المدعومة من الحكومة الصينية. ويأتي هذا التصعيد في سياق الحرب التجارية المستمرة بين أكبر اقتصادين في العالم، والتي تتزايد حدتها مع اقتراب موعد تنفيذ الرسوم الأميركية الجديدة.

تصعيد أميركي وردود فعل صينية قوية

هدد الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب الأسبوع الماضي بفرض رسوم جمركية إضافية بنسبة 10% على المنتجات الصينية، والتي من المقرر أن تدخل حيز التنفيذ يوم الثلاثاء، لترتفع بذلك الرسوم التراكمية إلى 20%. وبرر ترامب قراره باتهام الصين بعدم اتخاذ إجراءات كافية لوقف تدفق مادة الفنتانيل إلى الولايات المتحدة، وهو ما رفضته بكين واعتبرته “ابتزازاً”، وفقاً لوكالة “رويترز”.

وأفادت صحيفة “غلوبال تايمز” يوم الاثنين، نقلاً عن مصادر لم تسمها، بأن بكين تدرس فرض إجراءات مضادة تشمل رسوماً جمركية إضافية وتدابير غير جمركية، تستهدف بالدرجة الأولى المنتجات الزراعية والغذائية الأميركية. ومن المتوقع أن تشمل هذه الإجراءات فول الصويا واللحوم والحبوب، وهي منتجات رئيسية يعتمد عليها الاقتصاد الزراعي الأميركي في تجارته الخارجية.

الزراعة الأميركية في مرمى الإجراءات الصينية

تُعد الصين أكبر مستورد للمنتجات الزراعية الأميركية، حيث استوردت في عام 2024 ما قيمته 29.25 مليار دولار من المنتجات الزراعية الأميركية، بتراجع 14% عن العام السابق. وتشير البيانات إلى أن هذا التراجع جاء امتداداً لانخفاض بنسبة 20% في عام 2023، وهو ما يعكس تأثير النزاع التجاري بين البلدين على حركة التجارة الزراعية.

وفي هذا السياق، قالت جينيفيف دونيلون-ماي، الباحثة في منظمة “أكسفورد العالمية”، إن أي رسوم جمركية جديدة تفرضها الصين على المنتجات الزراعية الأميركية قد تؤثر بشكل كبير على التجارة الثنائية، مضيفة أن “القطاع الزراعي الأميركي ربما يكون قد استعد مسبقاً لاحتمال مواجهة حرب تجارية جديدة، لكنه قد يجد صعوبة في العثور على أسواق بديلة لتعويض الخسائر المحتملة”.

أدى إعلان الصين عن نيتها فرض تدابير انتقامية إلى ارتفاع أسعار العقود الآجلة لفول الصويا وبذور اللفت في الصين بنسبة 2.5%، وسط مخاوف من نقص المعروض وارتفاع الأسعار. وسجل عقد فول الصويا في بورصة داليان للسلع أعلى مستوى له منذ 30 سبتمبر 2024، مما يعكس قلق المستثمرين من تأثير التصعيد التجاري على الإمدادات الغذائية العالمية.

رسوم ترامب “قد تأتي بنتائج عكسية

يعتقد محللون أن بكين لا تزال تأمل في التوصل إلى هدنة تجارية مع إدارة ترامب، إلا أن غياب أي محادثات تجارية حتى الآن يجعل هذا السيناريو غير مرجح. وفي هذا الإطار، قال وانغ دونغ، المدير التنفيذي لمعهد التعاون العالمي والفهم في جامعة بكين:
“الحرب التجارية بين الصين وأميركا ليست حتمية، لكن قرار ترامب بفرض رسوم جمركية في هذا التوقيت قرار سيئ”.

وأضاف أن الإدارة الأميركية قد تكون تعتقد أن هذه الرسوم ستشكل ضغطاً على الصين، لكنها في الواقع قد تؤدي إلى نتائج عكسية، حيث سترد بكين بقوة حتمياً.

إجراءات انتقامية سريعة من بكين

في السابق، ردت الصين على قرارات مماثلة من إدارة ترامب بفرض إجراءات انتقامية، كان آخرها فرض قيود على شركات أميركية، مثل “غوغل” و”كالفن كلاين”، وفرض رسوم جمركية على واردات الفحم والنفط وبعض السيارات الأميركية. وفي ظل عدم وجود مفاوضات جديدة بين البلدين، فإن التصعيد الحالي قد يؤدي إلى مزيد من الاضطرابات في الأسواق العالمية.

يتزامن فرض الرسوم الأميركية الجديدة مع انعقاد الاجتماع السنوي للبرلمان الصيني، وهو حدث سياسي هام قد تستغله بكين للإعلان عن أولوياتها الاقتصادية لعام 2025. كما يأتي القرار الأميركي بعد أسبوع من إصدار البيت الأبيض مذكرة استثمار “أميركا أولاً”، التي وضعت الصين ضمن قائمة “الخصوم الأجانب”، مما يزيد من حدة التوترات الاقتصادية والسياسية بين الجانبين.

هل نحن أمام حرب تجارية جديدة؟

مع اقتراب تنفيذ الرسوم الجمركية الأميركية الجديدة، يبدو أن الحرب التجارية بين واشنطن وبكين تتجه نحو مزيد من التصعيد، ما لم تحدث مفاوضات في اللحظات الأخيرة لتجنب صدام اقتصادي قد تكون له تداعيات على الأسواق العالمية. وفي حال مضت الصين قدماً في فرض تدابيرها الانتقامية، فقد يجد المزارعون الأميركيون أنفسهم في مواجهة تحديات جديدة قد تؤثر على استقرار القطاع الزراعي الأميركي في المستقبل القريب.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق
إغلاق