تصاعد التوتر بين ترمب ووكالات الاستخبارات وسط مخاوف من حملة تطهير جديدة
قسم الأخبار الأمنية والعسكرية الدولية 07-02-2025
أثار التوجه الذي تتبعه إدارة الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب لتصفية المسؤولين غير الموالين لها في الوكالات الحكومية مخاوف داخل أجهزة الاستخبارات من أن تكون هدفًا قادمًا لهذه الحملة، وفقًا لما أوردته وكالة “بلومبرغ”. وذكرت الوكالة أن هذه السياسة، التي شملت وزارة العدل و”الوكالة الأميركية للتنمية الدولية”، قد تمتد إلى وكالات التجسس، وسط تحذيرات من مسؤولين سابقين بأن الأمر قد يكون مسألة وقت فقط.
مخاوف من استهداف وكالات الاستخبارات
نجحت وكالات الاستخبارات حتى الآن في تجنب تدقيق وزارة “كفاءة الحكومة” التي يديرها إيلون ماسك، والتي تركز على تقليص التضخم البيروقراطي وملاحقة ما تصفه بـ”الدولة العميقة”. لكن مسؤولين سابقين رجحوا أن يكون استهداف هذه الوكالات مسألة وقت، في ظل انتقادات ترمب المستمرة لما يصفه بإساءة استخدام سلطات الاستخبارات لأغراض سياسية.
وقال بول بيلار، المسؤول السابق في وكالة الاستخبارات المركزية (CIA)، إن البيت الأبيض لن يكون أكثر تساهلًا مع وكالات التجسس مقارنة بالإدارات الأخرى المستهدفة. واعتبر أن تقييم الاستخبارات بشأن التدخل الروسي في انتخابات 2016 لصالح ترمب يمثل نقطة خلاف رئيسية، وهو ما يفسر العداء الذي يكنّه الرئيس السابق لهذه المؤسسات.
إجراءات تطهير متسارعة
شملت حملة التطهير حتى الآن إقالات في وزارة العدل ومكتب التحقيقات الفيدرالي (FBI)، حيث سلم الأخير أسماء نحو 5000 عميل عملوا على قضايا متعلقة باقتحام الكونغرس في 6 يناير 2021. كما عرض مدير وكالة الاستخبارات المركزية جون راتكليف على الموظفين خيار الاستقالة الطوعية، في خطوة قالت الوكالة إنها تهدف لإعادة التركيز على أولويات مثل الصين، لكنها تتماشى مع سياسة ترمب لتقليص عدد الموظفين.
في غضون ذلك، أثار تعيين مايكل إليس، أحد حلفاء ترمب، نائبًا لمدير الاستخبارات المركزية قلق الديمقراطيين، خصوصًا أن إليس كان من المشاركين في إعداد مشروع 2025 حول إصلاح الاستخبارات، وهي وثيقة تدعو لطرد الموظفين الذين يُعتقد أنهم استغلوا مناصبهم لأغراض سياسية.
تصاعد التوتر بين ترمب والاستخبارات
يعود تاريخ التوتر بين ترمب ووكالات الاستخبارات إلى ولايته الأولى، حيث رفض تقاريرها التي أكدت تدخل روسيا في انتخابات 2016 لصالحه. وبلغ هذا التوتر ذروته خلال مؤتمر صحفي مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين عام 2018، حين قال ترمب إنه “لا يرى سببًا” لتدخل روسيا، متجاهلًا استنتاجات الاستخبارات الأميركية.
كما تفاقمت الخلافات بعد أن كشف أحد ضباط وكالة الاستخبارات المركزية عن مكالمة هاتفية ضغط فيها ترمب على الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي للتحقيق مع جو بايدن، مما أدى إلى أول محاكمة لعزله. وامتدت حملته ضد الاستخبارات إلى يوم تنصيبه، حيث ألغى تصاريح أمنية لنحو 50 مسؤولًا سابقًا انتقدوه علنًا.
مخاوف من تراجع استقلالية التحليل الاستخباراتي
أثارت هذه التحركات قلق الخبراء، حيث اعتبرت إيميلي هاردينج من مركز أبحاث الأمن القومي في واشنطن أن حملة التطهير قد تؤدي إلى كبح قدرة ضباط الاستخبارات على تقديم تحليلات مستقلة، خوفًا من إغضاب الإدارة.
وقالت هاردينج: “إذا شعر ضباط الاستخبارات أن تقديم تحليلات غير مرضية قد يُنظر إليه على أنه خيانة، فقد يكون لذلك تأثير مدمر على موضوعية التحليل الاستخباراتي”.
مع استمرار تصعيد التوترات بين ترمب ووكالات الاستخبارات، يبقى التساؤل مطروحًا حول مدى تأثير هذه الحملة على مستقبل الأمن القومي الأميركي، وما إذا كانت ستؤدي إلى إضعاف قدرة وكالات التجسس على تقديم تقييمات مستقلة بعيدًا عن الضغوط السياسية.