ترمب يواجه امتحان أوكرانيا بعد غزة… بين دبلوماسية الصفقات ورهانات القوة الكبرى

قسم الأخبار الدولية 14/10/2025
اتجهت الأنظار نحو الرئيس الأميركي دونالد ترمب بعد نجاحه في فرض اتفاق وقف النار في غزة، إذ يستعد الآن لاختبار أكثر تعقيداً في الملف الأوكراني، وسط مشهد جيوسياسي شديد التداخل بين طموحات واشنطن، وصلابة موسكو، وقلق أوروبي من تهميش دوره في أي تسوية مقبلة.
جاء تحرك ترمب نحو الأزمة الأوكرانية ليؤكد رغبته في استعادة زمام القيادة الدولية بعد عامين من الحرب في أوروبا الشرقية، مستفيداً من ما اعتُبر نجاحاً في الشرق الأوسط. غير أن المقارنة بين الملفين تكشف اختلاف الموازين؛ فروسيا ليست طرفاً محاصراً بل قوة نووية ذات نفوذ استراتيجي وتحالفات مع الصين وإيران وكوريا الشمالية، بينما يتطلب التعامل معها استراتيجية طويلة الأمد تتجاوز أسلوب الصفقات السريعة الذي ميّز تدخل ترمب في غزة.
ورغم ذلك، يرى مؤيدو الرئيس الأميركي أن «روح الهجوم الدبلوماسي» التي تبناها قادرة على إعادة الولايات المتحدة إلى مركز القرار العالمي، خصوصاً أن كييف بدأت تراهن على هذا الزخم الجديد لانتزاع دعم نوعي من واشنطن. فقد أشارت تسريبات إلى أن زيارة الرئيس فولوديمير زيلينسكي المقبلة للعاصمة الأميركية قد تشهد بحث تسليم صواريخ توماهوك بعيدة المدى، في إطار محاولة أميركية لزيادة الضغط النفسي على الكرملين لدفعه نحو التفاوض.
من جانبها، تواصل موسكو الرهان على عامل الوقت، مدفوعة بإدراكها أن الغرب يعاني إرهاقاً اقتصادياً وشعبياً من استمرار الحرب، وأن الدعم الأوروبي لأوكرانيا بدأ يتراجع تحت وطأة التضخم وأزمات الطاقة والهجرة. غير أن إطالة الصراع تجعل روسيا أكثر اعتماداً على الأسواق الآسيوية، خصوصاً الصين التي صعّدت دعمها التقني من خلال تصدير مكونات حيوية تستخدم في صناعة الطائرات المسيّرة، ما سمح لموسكو بمواصلة القتال رغم العقوبات.
وفي خلفية المشهد، تبدي أوروبا قلقاً متزايداً من أن تتحول الحرب إلى ساحة صفقة أميركية – روسية محتملة، أو حتى تفاهم أميركي – صيني يجري بعيداً عنها. فالدبلوماسيون في بروكسل يخشون أن تكرر واشنطن سيناريو غزة عبر مفاوضات مغلقة قد تتجاهل الحسابات الأوروبية.
ويرى مراقبون أن ترمب يسعى إلى نموذج جديد من الدبلوماسية يقوم على النتائج لا المبادئ، وعلى التفاهمات السريعة لا التحالفات التقليدية، ما يجعله أمام اختبار مزدوج: إثبات قدرته على إنهاء حرب أوروبا من جهة، والحفاظ على صورة «الرئيس القوي» أمام الناخب الأميركي من جهة أخرى.
وبينما تستعد كييف لجولة جديدة من المفاوضات الصعبة، تتجه الأنظار إلى ما إذا كان ترمب سينجح في تصدير تجربة غزة إلى الساحة الأوكرانية، أم أن تعقيدات الحرب وتضارب مصالح القوى الكبرى ستجعل من الملف الأوكراني امتحانه الأصعب في السياسة الخارجية.