أخبار العالمأمريكاإفريقيا

ترمب يعيد ملف سد النهضة إلى واجهة الدبلوماسية الدولية ومصر ترحب بتدخله وسط مخاوف من مقايضات سياسية

رحّب الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي بتصريحات الرئيس الأميركي دونالد ترمب التي أبدى خلالها استعداد بلاده للتدخل السريع لحل أزمة سد النهضة الإثيوبي، واصفًا هذه التصريحات بأنها تؤكد جدية واشنطن في تسوية النزاعات الدولية، وتعكس اهتمامها باستقرار الأوضاع في مناطق التوتر، بما في ذلك أفريقيا والشرق الأوسط.

تصريحات السيسي جاءت بعد لقاء جمع ترمب بالأمين العام لحلف الناتو مارك روته في البيت الأبيض، أكد فيه الرئيس الأميركي أن بلاده ستتولى معالجة أزمة السد “بسرعة كبيرة”، ولفت إلى أن النيل يمثل شريان حياة لمصر، مشيرًا إلى تمويل أميركي سابق لبناء السد، وهو ما وصفه بأنه كان “تصرفًا غبيًا”.

وعدّد ترمب في تصريحاته أولويات تتصل بالمياه والموارد الحيوية، لافتًا إلى أن سد النهضة “أغلق تدفّق المياه إلى ما يُعرف بنهر النيل”، وهو ما اعتبره المصريون سابقة في اعتراف أميركي صريح بمصدر التهديد لمصالحهم المائية.

غير أن تصريحات ترمب لم تمر دون جدل. فقد أشار عضو مجلس النواب المصري مصطفى بكري إلى أن ترمب اعترف للمرة الثانية بضلوع بلاده في تمويل السد، معربًا عن دهشته من عدم قدرة واشنطن على إلزام إثيوبيا باتفاق ثلاثي، كانت رعت التوصل إليه خلال فترة رئاسته الأولى، لكنه انهار بعد انسحاب أديس أبابا.

في خلفية هذا التطور، أعادت بعض التحليلات ربط عرض ترمب بالتدخل لحل أزمة سد النهضة بتصريحاته المتزامنة بشأن غزة، حيث كشف أنه تقدم بمقترح وصفه بـ”التاريخي” لإحلال السلام في القطاع، في إشارة إلى مشروع التهجير وتحويل غزة إلى منطقة سياحية، وهو المقترح الذي قوبل برفض مصري وعربي ودولي واسع. هذا التزامن أثار تكهنات حول احتمال وجود مقايضة سياسية، وهو ما نفاه مصطفى بكري ووصفه بأنه “مرفوض وغير مقبول”.

أما على صعيد التفاوض، فتنتظر القاهرة – وفق مصدر دبلوماسي – خطوات أميركية ملموسة تعكس جدية تصريحات ترمب، مع الإشارة إلى عدم وجود اتصالات رسمية حتى الآن مع الإدارة الأميركية الجديدة بشأن فتح مفاوضات مباشرة حول الملف.

الخبير المصري رأفت محمود رأى في تصريح لـ”الشرق الأوسط” أن ترمب يتعامل مع القضايا الكبرى بمنطق “الصفقات الكبرى”، معتبرًا أنه قد يسعى لصياغة تسوية تقوم على استجابة إثيوبيا لمطالب مصر مقابل تمرير طموحات إثيوبيا الإقليمية، أو انخراط القاهرة في حلول تتوافق مع الرؤية الأميركية تجاه ملفات أخرى مثل غزة أو التقارب مع إيران.

وتأتي هذه التطورات بينما أعلنت إثيوبيا قرب تدشين السد رسميًا في سبتمبر المقبل، بعد أسابيع من إعلان اكتمال بنائه، ما يهدد بفرض أمر واقع قبيل التوصل إلى أي اتفاق مع مصر والسودان، اللذين يتمسكان بضرورة وقف أي خطوات أحادية إلى حين التوصل لاتفاق ملزم بشأن الملء والتشغيل.

وبينما تتصاعد الضغوط السياسية والدبلوماسية، يبقى الموقف المصري متمسكًا بثوابته، مؤكّدًا أن نهر النيل خط أحمر، وأن الحقوق المائية التاريخية لمصر، البالغة 55.5 مليار متر مكعب سنويًا، غير قابلة للتنازل، في انتظار ما إذا كان ترمب سيحول تصريحاته إلى مسار تفاوضي جديد، أو تبقى مجرد تصريحات انتخابية بلا أفق واضح.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق
إغلاق