تركيا تواصل تعميق نفوذها في أفريقيا عبر بوابات الاقتصاد والدبلوماسية والدفاع

قسم الأخبار الدولية 14/04/2025
شدّدت وزارة الخارجية التركية على التزام أنقرة بتوسيع تعاونها مع القارة الأفريقية في مختلف المجالات، مؤكدة أن العلاقة تستند إلى الشراكة العادلة والربح المشترك والاحترام المتبادل، في وقت تستعد فيه تركيا لعقد قمتها الأفريقية الرابعة عام 2026 لتعزيز الروابط الإستراتيجية التي نسجتها على مدى عقدين من الزمن.
وجاء في البيان الصادر عن الخارجية التركية، بمناسبة مرور 20 عامًا على حصول أنقرة على صفة مراقب دائم لدى الاتحاد الأفريقي، أن تركيا نجحت في بناء نموذج تعاون متكامل مع الدول الأفريقية، قائم على استثمارات طويلة الأجل، ومشاريع تنموية، وتوسع دبلوماسي لافت. وأكدت أن تركيا ستواصل العمل لصالح الشعوب الأفريقية عبر مبادرات مستدامة ومتكاملة.
حضور دبلوماسي واسع ونمو متسارع في العلاقات
منذ عام 2005، حين أطلقت أنقرة إستراتيجية “الانفتاح على أفريقيا”، تضاعف الحضور التركي في القارة بوتيرة سريعة. فارتفع عدد السفارات التركية من 12 إلى 44 بين عامي 2002 و2022، لتصبح تركيا رابع أكثر الدول تمثيلًا في أفريقيا بعد الولايات المتحدة والصين وفرنسا. كما ارتفع عدد السفارات الأفريقية في أنقرة من 10 فقط عام 2008 إلى 38 سفارة في 2023، ما يعكس اتساع العلاقات المتبادلة.
وبين عامي 2008 و2023، زار الرئيس التركي رجب طيب أردوغان 31 دولة أفريقية، ووجّه الاستثمارات والجهود السياسية والتجارية نحو القارة، في وقت احتدم فيه التنافس الدولي على الموارد والأسواق الأفريقية.
أسواق واعدة وصفقات تجارية كبرى
استفادت أنقرة من اتساع الأسواق الأفريقية التي تضم أكثر من 1.3 مليار مستهلك، ومن امتلاك القارة نحو 65% من الموارد العالمية غير المستغلة. وقفز حجم التبادل التجاري بين تركيا وأفريقيا من 3 مليارات دولار في 2003 إلى 35 مليار دولار بحلول 2023، فيما تستهدف أنقرة بلوغ سقف 75 مليار دولار وفق ما أعلنه أردوغان خلال القمة الاقتصادية التركية-الأفريقية الثالثة.
وتجاوزت قيمة مشاريع شركات المقاولات التركية في القارة 71 مليار دولار بحلول 2021، بينها نحو 19.5 مليار دولار في دول أفريقيا جنوب الصحراء، وهو ما يعكس الثقل المتصاعد للقطاع الخاص التركي في المشهد الأفريقي.
توسع عسكري وتنافس على النفوذ
في موازاة التحرك الاقتصادي، صعّدت أنقرة من حضورها العسكري، فأنشأت 37 مكتبًا عسكريًا في أنحاء أفريقيا، وقفزت صادراتها الدفاعية من 41 مليون دولار عام 2021 إلى 328 مليون دولار في نفس العام. وبرز دور تركيا في دعم الجيش الصومالي، كما دعّمت إثيوبيا ومؤخرًا دخلت على خط التعاون مع دول الساحل كمالي والنيجر وبوركينافاسو بعد تراجع النفوذ الفرنسي، حيث وقّعت اتفاقيات لتزويد هذه الدول بطائرات بيرقدار المسيرة وأنواع أخرى من الأسلحة.
رؤية توسعية واستراتيجية طويلة الأمد
يعكس هذا التوسع التركي رغبة أنقرة في ترسيخ موطئ قدم ثابت لها في أفريقيا على المديين المتوسط والبعيد، عبر مزيج من الاستثمار والدبلوماسية والدفاع. وبينما تواصل الدول الكبرى التنافس على الموارد والأسواق والنفوذ، تسعى تركيا لأن تكون شريكًا للقارة في حقبة ما بعد الهيمنة الغربية التقليدية، مستفيدة من خطاب متوازن وشراكات متبادلة المنفعة.