أخبار العالمأمريكاالشرق الأوسط

ترامب يطلق صفارة التفاؤل: مفاوضات إيران تمضي على ما يرام… فهل تنجح عمان في صنع المعجزة؟

وسط صراعات معلقة منذ سنوات، تطفو على السطح مجددًا بارقة أمل مع عقد الجولة الأولى من المفاوضات الأمريكية – الإيرانية في مسقط، من خلال الوساطة العمانية التي حظيت بإشادات عربية ودولية واسعة.

هذه المحادثات، التي وصفها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بأنها “تمضي على نحو جيد”، ليست مجرد جولة تفاوضية روتينية، بل قد تشكل منعطفًا حاسمًا في ملف شائك طالما أشعل التنافس بين واشنطن وطهران، وترك تداعياته على كامل منطقة الشرق الأوسط، خاصة في ظلّ تحذيرات من أن أي فشل قد يدفع بالوضع إلى الانفجار. 

لكن هل ستنجح الدبلوماسية العمانية الهادئة في كسر الجمود؟

وهل يمكن أن تتحول هذه المفاوضات إلى جسر للتوصل إلى اتفاق شامل يضمن عدم تصاعد المواجهة العسكرية؟

الإجابات لا تزال مبهمة، لكن المؤكد أن عُمان، بسياسة الحياد الإيجابي وعلاقاتها المتوازنة مع جميع الأطراف، أثبتت مرة أخرى أنها “بيت الثقة” .

من جانبه أعرب الرئيس الأمريكي دونالد ترامب عن تفاؤله حيال سير المفاوضات مع إيران حول برنامجها النووي، واصفًا إياها بأنها “تمضي على نحو جيد”، وذلك في أول تعليق له على الجولة الأولى من المحادثات غير المباشرة التي استضافتها العاصمة العُمانية مسقط يوم السبت. 

وقال ترامب، في تصريحات صحفية على متن طائرته الرئاسية، أن “الأمور مع إيران تسير على نحو جيد للغاية”، رغم تحفظه على الخوض في التفاصيل قبل انتهاء المفاوضات.

وجاءت تصريحاته بعد ساعات من إعلان البيت الأبيض أن اللقاء بين المبعوث الأمريكي ستيفن ويتكوف ووزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي كان “إيجابيًا وبنّاءً للغاية”، مؤكدًا التزام واشنطن بحل الخلافات عبر الدبلوماسية. 

الحوار هو الحل

حظيت الوساطة العُمانية بترحيب عربي ودولي واسع، حيث أشادت عدة دول بالدور المحوري لمسقط في تهيئة مناخ الحوار بين واشنطن وطهران. وتصدرت التعليقات الرسمية من دول الخليج والعالم العربي، حيث أثنت السعودية والإمارات والبحرين وقطر والكويت على الجهود العُمانية، معتبرة إياها خطوة نحو تعزيز الاستقرار الإقليمي. 

من جهته، أشاد وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان، خلال اتصال هاتفي مع نظيره العُماني بدر بن حمد البوسعيدي، بالجهود العُمانية، مؤكدًا تطلع الرياض لنتائج “تدعم الأمن والسلام في المنطقة”. وفي الإمارات، عبّر الشيخ عبدالله بن زايد عن “بالغ التقدير” للدور العُماني، بينما أكدت الكويت أن هذه المساعي “تعزز السلم الإقليمي.” 

انضمت مصر والأردن ومجلس التعاون الخليجي إلى موجة الإشادات، حيث رحبت مصر في بيان رسمي بالوساطة العُمانية، معتبرة أن “التصعيد يزيد المنطقة اشتعالًا”. كما أكد الأمين العام لمجلس التعاون جاسم البديوي أن المحادثات “تفتح آفاقًا جديدة للاستقرار”. 

من جانبها، أشادت إيران بالمناخ “الاحترافي والبنّاء” للقاءات، معربة عن شكرها لعمان. وأكد عراقجي أن الطرفين اتفقا على مواصلة الحوار في الأيام المقبلة، ما يعزز الآمال بتحقيق تقدم ملموس. 

عمان ودبلوماسية الهدوء

كشفت هذه الجولة عن الثقل السياسي المتزايد لعمان كوسيط موثوق في الملفات الشائكة، حيث تكرس مسقط نفسها كـ”بيت ثقة” لقدرتها على الجمع بين أطراف متنافرة، في وقت التي تشهد فيه المنطقة تصاعدًا في التوترات.

و تبرز الدبلوماسية العمانية نموذجًا للعمل الهادئ الذي يفضله المجتمع الدولي، خاصة مع إصرار الطرفين الأمريكي والإيراني على وصف المحادثات بـ”البناءة”. 

يذكر أن الجولة القادمة من المفاوضات مقررة السبت المقبل، وسط ترقب لمدى تحقيقها اتفاقاً  خفف من حدة التوتر في منطقة تعاني من تداعيات سنوات من المواجهات غير المباشرة. 

محطات  في العلاقة الأمريكية-الإيرانية

تعود جذور التوتر إلى انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق النووي (JCPOA)  مع ايران عام 2018 تحت إدارة ترامب، وإعادة فرض عقوبات قاسية على طهران، ما دفع الأخيرة إلى تخفيف التزامها بالاتفاق وتطوير برنامجها النووي بشكل متسارع.

وكانت القوى الدولية قد توصلت إلى الاتفاق النووى مع إيران على ثلاث مراحل بدأت فجر الرابع والعشرين من نوفمبر بالعام 2013 تحت صيغة “الاتفاق المؤقت”، مرورا باتفاق إطار العمل أو “اتفاق لوزان النووى” الذى تم توقيعه يوم 2 إبريل 2015، وانتهاء بخطة العمل الشاملة المشتركة أو الاتفاق النهائى الذى تم توقيعه فى فيينا ظهر الرابع عشر من يوليو 2015

مع عودة المحادثات، في عهد إدارة بايدن تم إحياء الاتفاق ببعض التعديلات، بينما تريد إيران رفع العقوبات أولاً، مع ضمانات بعدم الانسحاب الأمريكي مجددًا. 

موقف إسرائيل: المعارضة والتحذيرات

تُظهر إسرائيل رفضًا قاطعًا لأي تفاهم مع إيران، معتبرة أن الاتفاق النووي السابق “فشل في كبح الطموحات النووية الإيرانية”، لذا تتخذ إسرائيل موقفًا عدائيًا عبر الآتي

– الضغط على واشنطن عبر اللوبي الإسرائيلي في الكونجرس، وحملات إعلامية لتشويه أي تفاهم. 

– التلويح بالخيار العسكري كتهديدات بضرب المنشآت النووية الإيرانية، كما حدث في الهجمات السابقة على مفاعل “نطنز”. 

سيناريوهات محتملة للمفاوضات

السيناريو التفاؤلي 

 إعادة الاتفاق النووي إحياء JCPOA بتعديلات مع ضمانات أمريكية بعدم الانسحاب، ورفع جزئي للعقوبات  مما يؤدي إلى تراجع التصعيد العسكري، وتحسن الاقتصاد الإيراني، وتقليل مخاطر المواجهة في الخليج  ولكن يواجه هذا السيناريو عدد من  التحديات منها معارضة إسرائيل، وصعوبة إقناع إيران بتقييد برنامجها النووي . 

السيناريو الذي يعتمد على اتفاق مرحلي: 

  تجميد إيراني جزئي للنشاط النووي مقابل إفراج أمريكي عن أموال مجمدة   ولكن هذا السيناريو يؤدي إلى تأجيل الأزمة دون حل جذري، مع استمرار التوترات الإقليمي 

السيناريو التشاؤمي انهيار المفاوضات: 

تصعيد نووي إيراني وذلك من خلال تخصيب اليورانيوم بنسبة 90% وبشكل سريع، وعلى الجانب الآخر توقيع عقوبات أمريكية قاسية وشن ضربات عسكرية إسرائيلية أو أمريكية . 

مما قد يتسبب في اندلاع حرب إقليمية، واضطراب أسواق النفط، وتصاعد النزاعات بالوكالة في اليمن وسوريا ولبنان وغزة.

الخلاصة:

رغم التفاؤل الحذر الذي أبداه ترامب، تظل المفاوضات الأمريكية-الإيرانية عصية على التكهن، بسبب تعقيدات الملفات المترابطة (النووي، الصواريخ الباليستية، النفوذ الإيراني)، والصراع بين الرغبة الأمريكية في احتواء طهران دون حرب، والخشية الإسرائيلية من صعود إيران بشكل قوي في المنطقه.

في هذا السياق، تبرز عُمان كفاعل إقليمي قادر على إدارة الأجندة الدبلوماسية، لكن نجاحها مرهون بتحول المفاوضات إلى حوار شامل يلامس جذور الأزمات، لا مجرد ترتيبات تقنية، والسيناريو الأكثر واقعية قد يجمع بين اتفاق نووي محدود وصفقات جانبية لتهدئة المنطقة، لكنه لن يحقق السلام الشامل

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق
إغلاق