أخبار العالمأمريكاالشرق الأوسط

ترامب يسحق العلم والحريات..”رشا علوية” نموذجا

سيظهر الإمام المهدي (عج) ليملأ الأرض قسطاً وعدلاً هذا ما تؤمن به رشا علويّة. وإذا ظهر اليوم، أو غداً، فإنّ “الشيطان الأكبر” الإدارة الأميركية بما تمثل من امبراطورية قمعية فرعونية هي عدوّه الأوّل.

 وبالتالي سيكون كما هو حاليا قائدا لكل المستضعفين لا المسلمين فحسب بل كل الأحرار والمظلومين في مواجهة طواغيت العالم، وهذا ما يعتقد به المسلمون الشيعة لأن حركة الظهور عالمية لرفع الظلم.

وبين الأحرار وترامب، تقف رشا علويّة، لتختصر وقوفنا كلّنا، نحن شيعة، وسنة ومسيحيي لبنان، وكل من يرفض الذل والعبودية في العالم، بين الغيب الذي يبعث على الأمل، والواقع المرير الذي يمر بنا. ولتتكثّف، في حكايتها، عظمة التوفيق بين العالمين، عالم الغيب الذي بات يمسك بقلوبنا فلا تتزلزل، ويتسبّب بصمودنا وعالم الواقع، الذي بات جلياً ويبشرنا بأن الإمبراطورية التي تضطر لتدمير منطقتنا بالقوة هي أضعف من تلك التي كانت بقوتها الناعمة تنهب ثرواتنا ومقدراتنا.

هي شابّة لبنانية من بلدة مارون الراس، تلك البلدة المحاذية لفلسطين المحتلّة. أوّل بلدة لم تستطع دخولها قوّات الاحتلال الإسرائيلية عندما أرادت غزو لبنان، رغم صغر حجم مساحتها وسهولة سقوطها عسكريا، فتمرغ هناك أنف الصهاينة وكان لها العزة. ولا يخفى ان أبناء البلدة هم من دافع عنها بعد ان منعت الولايات المتحدة جيشنا اللبناني من التسلح لمواجهة العدو الصهيوني بل عملت على محاربته بكل الوسائل لتغيير عقيدته القتالية ولم تفلح حتى اللحظة.

ولدت رشا علويّة في بداية تسعينيات القرن الماضي. وكبرت في “زمن” السيّد حسن نصرالله. وأمضت مراهقتها وهي تشهد “انتصاراته الوطنية”، انتصارات لم تكن متوقعة بالمعيار المادي وكان سبب صمود الناس هو ذلك الإيمان الغيبي الذي يربط الصالحين بالسماء ويبث في عقولهم الأمل، لهذا كان بحق انتصارا إلهيا، من تحرير عام 2000 إلى حرب لبنان الثانية 2006، وصولاً إلى تحرير الجزء الأكبر من سوريا من الجماعات الإرهابية والتكفيريين ومساعدة العراقيين في دحر تنظيم داعش، ونقل الخبرات إلى اليمن بعد أن تحالفت عليهم زوبعات العربان لتضييع فلسطين.

في هذه الأثناء قررت رشا دراسة الطبّ، ولم تجد جامعة تحتضنها لأنه ممنوع علينا من عشرات السنين أخذ إجازة لبناء كلية صحة، ولأنها متفوقة قبلتها الكلية السورية البروتستانتية أعني الجامعة الأميركية في بيروت لتدرس الطبّ فيها. وبسبب تفوقها وإبداعها سافرت إلى أميركا حيث تخصّصت في زراعة الكلى. وكانت تساعد زملاءها كما ظهر في مقابلاتهم التي انتشرت، كان لها كغيرها الفضل في تحقيق التفوق العلمي للولايات المتحدة التي تعتمد على استغلال العقول والأدمغة، ونهب الثروات الوطنية بالقوة أو بالإجبار فلا تجد لها مكانا في بلادها المدمرة بسبب الغطرسة الأميركية والبلطجة الإسرائيلية. وتدرّجت إلى أن باتت أستاذة مساعدة في كليّة الطبّ بجامعة براون في ولاية رود آيلند، أي انها باتت مفيدة للأميركيين والمجتمع الذي تعيش فيه وليس العكس.

تأشيرة المتفوّقين

لم تفكّر رشا علويّة في إكمال مسيرتها العلمية في طهران، ولا في أصفهان، ولا في مشهد، ولا في قم، لأن متخرجي تلك الجامعات محرومين من الحصول على حقهم كغيرهم من المتخرجين، وذهبت إلى حيث أمرنا رسولنا بطلب العلم ولو في الصين، لنعود بعدها وننهض بأمتنا كما فعل معظم اللبنانيين مسلمين ومسيحيين.

لم تكن أميركا يوما كريمة على أحد كغيرها من البلاد كالجمهورية الإسلامية، ومصر والعراق وغيرهم، بل أعطتها بسبب كفاءتها تأشيرة تُمنح للمتفوّقين وذوي المهارات العالية. فرضت الدكتورة رشا علوية نفسها في مجتمعها الضيق، وهذا ما لم يعجب أميركا التي تتدخل بالمعتقدات السياسية والدينية لمواطنيها وتهددهم بإخراجهم، وهو أمر مخالف للقانون الأميركي، وطرح أسئلة كبرى حول سيادة القانون والديموقراطية والحرية في هذا البلد، وحول سلوك ترامب تجاه العرب والأجانب عموما. حرمتها السلطات الاميركية من وظيفتها، وهتكت حرمتها كأستاذة في جامعاتها، بعد أن تنقلت بين بوسطن وواشنطن وأوهايو ورود آيلند.

بين ولايات “الشيطان الأكبر”، في خطاب “الحزب” الذي تحبّه رشا ويحبه أبناء وطنها، تنعّمت ابنة مارون الراس، ببركة العلم الذي تعبت في تحصيله بجهدها وتعبها لا الحلم الأميركي الكذبة الذي يحاسب على تقليد المرجع، ويسأل عنه في المطارات.

ذلك الحلم الوهم الذي توسّع إلى حدّ أنّها، هي ومئات الآلاف من العرب والمسلمين هناك، كانوا يعرفون أنّهم مهما كثر عددهم لا يستطيعون ان يعبروا عن رأيهم بحرية، وأن يحملوا بحرية صور مجازر الصهاينة بحق الأطفال والنساء الغزاويين في الجامعات، ليهتفوا معهم ضدّ سياسات رئيس أميركا المتغطرس، وقد شهد العالم كيف كانت الشرطة الأميركية تقمع وتضرب الطلاب الأميركيين المنتفضين في حرم الجامعة وإهانة الأساتذة الأمريكيين هناك.

العلم، التكنولوجيا، والإيمان

تختصر رشا علويّة شيعة لبنان والمنطقة بين هويّتهم الأممية، والعالم الضيق الذي يريدون أن يفرضوا عليهم العيش فيه، فلا مجال لأن يقفوا على أرجلهم، ولا ليدفنوا شهداءهم. يمنعهم الأمريكي من ترميم منازلهم بل وحتى عودة أبنائهم إلى قراهم المدمرة، والتي استغل جيش الاحتلال مهلة ال 30 يوما ليدمر ما تبقى من أثر للحياة فيها.

رغم ذلك خرج من تلك القرى من يقاوم ويريد هزيمة المشروع الأمريكي في المنطقة، فلم يجد غير أسواق محدودة ليشتري منها أبسط أنواع التكنولوجيا، وهذا ما فرضه علينا الصهيوني لنبقى عبيداً عندهم، فقام باغتيال العلماء والمبدعين، ولا يسمح لبلد مثل إيران ان تشتري قطعات طائرة مدنية رغم كثرة الوفيات الناجمة عن حوادث سقوط الطائرات. كما ويحاصر بلادنا بقوانين تمنع تحويل المال من مغترب لعائلته بحجج واهية وآخرها كان قانون قيصر الذي فرض على سوريا وأصاب لبنان في اقتصاده. بل أن الأميركي المتشدق بحلمه الموهوم لم يتحمل المنافسة مع شركة هواوي فقام بحظرها.

رشا علويّة، المحجّبة، نقلت مجلّة “بوليتيكو” عن لسانها أنّها تناصر “السيدّ” لكن “من منظور ديني فقط”. وهذا يعني أنها تتبع الإسلام الذي يدعو لرفض عبودية غير الله بشهادة “لا إله إلا الله”، ويؤمن كما كل الأديان السماوية بمنجي سيأتي لينقذ العالم من الظلم والجور، ومن بلطجة الفراعنة والنماردة… وبحسب الموروث الروائي، إن أول مكان يظهر فيه المنجي المخلص هو في مكة المكرمة فيدعو الناس إلى الحق، ويتخذ من الكوفة عاصمة لدولته المنشودة، حيث حكم جده أمير المؤمنين علي بن أبي طالب(ع). وإن عدو المنجي سيكون دون شك كل متجبر متكبر بغض النظر عن هويته او دينه أو بلده.

لكنّ رشا علويّة في الوقت نفسه تدرس العلوم الوضعية والتجريبية، في أميركا نفسها وهذا ديدن العلماء بإنفاق زكاة العلم، ولو في بلاد حكومتها ظالمة حتى لشعبها، وخاصة في مجال التأمين الصحي وغيره، الدكتورة رشا تعمل بجهد وتتقاضى راتبها بجدارتها وبتفوقها ولا منة لأحد عليها.

رشا” وفصل الدّين عن السّياسة

في التحقيق معها، تبيّن أنّ رشا علويّة تملأ هاتفها بصور سماحة السيد حسن نصر الله، والإمام السيد علي الخامنئي. وحين سألها المحقّقون الأميركيون الوقحون عن الصور، أجابت: “هذا شائع بين الشيعة في بلادي. لا علاقة للسياسة بها. إنّه أمر دينيّ فقط. فهو شخصيّة كبيرة جدّاً في مجتمعنا”. وهذا ما يعرفه الأمريكي الذي أغلق الأرض والسماء، وأزبد وأرعد وهدد كل من يشارك في تشييع شهيد الأمة الذي قتله بطائراته وقنابله بوقاحة وصلافة. لكن رغم ذلك كان تشييعاً مليونياً حضره أحرار من أكثر من ثمانين بلدا.

قبل يومين من وصولها إلى الولايات المتحدة، حذفت رشا العديد من الصور. رغم أنه من حقها ان تحتفظ بالصور التي تريد على هاتفها الخاص، لكنها كانت تعلم نفاق الأمريكي وكذبه حول ادعاءات حقوق الانسان والحريات، وهي تعرف انه لا يحتمل كلمة نقد على مواقع التواصل، ويحارب الصورة، ويقمع الرأي الآخر لا سيما المناهض للصهيونية ولإسرائيل التي أدينت بجرائم الإبادة.

رشا علوية شديدة الذكاء والصدق لم تخفي إيمانها ومعتقدها وواجهت بشجاعة المحققين الأميركيين، لم تخرج من أميركا بطريقة غير شرعية وملتوية بل أعلنت انتماءها السياسي لشخصية وطنية حررت لبنان من الاحتلال، وقامت الطائرات الأميركية بمشاركة الطائرات الإسرائيلية باغتياله عبر اسقاط 82 طنا من المواد المتفجرة على مكان إقامته.

اتضح للرأي العام العالمي ان الأمريكي يسمح لنفسه بقتل رموزنا الوطنية وقياداتنا، وحين يشارك اهل هذه الأرض بتشييع جثامينهم، يهددنا بلقمة العيش، ويضع كل الأعراف والقوانين تحت نعليه، فلا أمان له ولا عهد.

لقد آن الأوان ليخرج الجميع من رماديتهم، ويعلنوا موقفهم بوضوح ضد الاستباحة التي يقوم بها الشيطان الأكبر الأميركي لبلداننا وشعوبنا. هذا ما تدعو له الأديان السماوية، هذا هو دين الإنسانية، وهذا أبسط حقوق الانسان. أما أولئك الذين باعوا أنفسهم للشيطان مقابل حفنة من المال، فلا مكان لهم بيننا، ولا مكان لهم في مستقبل بلادنا وأوطاننا التي سنبنيها بالعلم والايمان رغم أنوف الشياطين وعملائهم.

 

 

 

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق
إغلاق