أخبار العالمأمريكاإفريقيا

ترامب يستضيف خمسة رؤساء أفارقة في واشنطن لتأمين الموارد الحيوية وكبح النفوذ الصيني والروسي

استضاف الرئيس الأميركي دونالد ترامب في الفترة من 9 إلى 11 يوليو/تموز 2025 قمة مصغرة جمعت رؤساء الغابون وموريتانيا وليبيريا وغينيا بيساو والسنغال، في خطوة أثارت تساؤلات عديدة حول دوافعها، خاصة أنها تأتي في سياق حراك دبلوماسي أميركي نشط ومتجدد في القارة الأفريقية.

ورغم أن أفريقيا لم تحتل أولوية بارزة في سياسات ترامب خلال ولايته السابقة، فإن هذه القمة تمثل تحولا لافتا يتقاطع مع أهداف اقتصادية وأمنية وجيوسياسية. وقد سبق القمة توقيع اتفاق سلام بين الكونغو الديمقراطية ورواندا في البيت الأبيض، إضافة إلى قمة الأعمال الأميركية الأفريقية في لواندا التي أفضت إلى صفقات واستثمارات بقيمة 2.5 مليار دولار، مما يشير إلى اتساع نطاق التفاعل الأميركي مع القارة.

اختيار استراتيجي أم انتقائي؟

أثار اختيار الدول الخمس المشاركة تساؤلات بشأن معايير الدعوة. فرغم صغر اقتصاداتها، تتمتع هذه الدول بثراء معدني ونفطي كبير، في مقدمتها الغابون، التي تعد ثاني أكبر منتج للمنغنيز في العالم، وتخطط لحظر تصديره خاماً بدءاً من عام 2029. كما تحتضن ليبيريا احتياطات ضخمة من الذهب والماس وربما الليثيوم والكوبالت، بينما تتوزع في موريتانيا والسنغال وغينيا بيساو موارد أخرى من الغاز واليورانيوم ومعادن الأرض النادرة.

ويشير محللون إلى أن واشنطن اختارت دولاً أقل انخراطاً في تحالفات كبرى وأكثر مرونة في التعاون الثنائي، بهدف بناء شراكات جديدة بعيداً عن نفوذ قوى كبرى مثل الصين وروسيا.

الاستثمار بدلاً من المعونة

جاءت القمة في إطار توجه أميركي جديد يضع الاستثمار والتجارة في صلب العلاقة مع أفريقيا، حيث أكد وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو أن بلاده ستدعم فقط الدول التي تظهر “القدرة والرغبة في مساعدة نفسها”، في ظل سياسة ترتكز على التجارة والفرص بدلاً من التبعية والمعونات.

ويشمل هذا التوجه إعادة تعريف دور السفراء الأميركيين في القارة، حيث أصبح يُقاس أداؤهم بقدرتهم على تسهيل الاستثمارات وعقد الصفقات لصالح الشركات الأميركية.

تأمين سلاسل الإمداد الحيوية

يمثل تنويع مصادر المعادن النادرة أحد أبرز أهداف القمة، في ظل اعتماد الصناعات الأميركية على هذه الموارد الحيوية، ومع هيمنة الصين على سلاسل الإمداد الخاصة بها. وقد دفع الحظر الصيني على تصدير معادن مثل الجاليوم والجرمانيوم واشنطن إلى التحرك استباقياً لتأمين البدائل.

كما يشكل توجه بعض الدول الأفريقية نحو فرض قيود على تصدير المواد الخام (مثل قرار الغابون) عاملاً إضافياً يعجّل بالانخراط الأميركي في سلاسل القيمة المحلية، لضمان استمرار الحصول على هذه الموارد.

كبح النفوذ الصيني والروسي

في الجانب الجيوسياسي، يسعى ترامب إلى تقليص مساحة النفوذ الصيني والروسي المتنامي في القارة. فروسيا قامت بتدريب الآلاف من الضباط في غينيا بيساو، بينما تمارس الصين أنشطة متقدمة على مناجم ومعالجة المعادن الإستراتيجية في أفريقيا.

وفي المقابل، عززت واشنطن من تعاونها الدفاعي مع بعض الدول المشاركة، إذ وقّعت اتفاقات دفاعية، وقدمت مساعدات فنية، ودعمت بناء منشآت مراقبة، وأجرت مناورات بحرية مشتركة، بما يسهم في بناء شبكة ردع مضادة لتحالفات خصومها.

تأتي قمة ترامب المصغرة مع القادة الأفارقة كجزء من إعادة تموضع أميركي أوسع في أفريقيا، يسعى إلى تحقيق مصالح اقتصادية مباشرة عبر تأمين المعادن الحيوية، وتوسيع النفوذ عبر شراكات مرنة مع دول صغيرة نسبياً، ومنع المنافسين من ترسيخ حضورهم الاستراتيجي في القارة. ورغم ضيق نطاق المشاركة، فإنها تمثل، وفق المراقبين، بداية لتشكيل محور جديد من الشراكات الأميركية في أفريقيا.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق
إغلاق