تداعيات التوتّر في الشرق الأوسط على عصب الاقتصاد العالمي
السعودية-زهور المشرقي
أصابت الهجمات المُرعبة على شركة أرامكو الاقتصاد السعودي والعالمي في القلب..
فمن كان يصدق حتى في الأحلام أن الأمر سيصل إلى حد توجيه ضربات تعطل في غضون ساعات أكثر من نصف الإنتاج السعودي من النفط من قبل من وصفتهم الرياض بالمليشيات الخارجة عن القانون في إشارة إلى الحوثيين؟
وإذا ما تجاوزنا الخوض في الجدل والإشاعات والإتهامات حول من يقف وراء الضربات الأخيرة على معامل ومنشآت شركة أرامكو السعودية في بقيق وخريص، لا يبالغ المرء إذا ما وصفها بأنها صادمة ومرعبة، لاسيما وأنه لا توجد ضمانات تمنع تكرارها برغم كل الاحتياطات التي اتخذتها المملكة العربية السعودية.
وقالت تقارير إعلامية إن الضربات أصابت عصب الإقتصاد الذي يعتمد على النفط ومنتجاته بنسبة تزيد على 95 بالمائة ،حسب مؤسسة التجارة والإستثمار الألمانية.
وتستحوذ الشركة على إنتاج النفط السعودي الذي يزيد على 10 ملايين برميل يوميا، وقدرت عائدات الذهب الأسود السوقية بنحو تريليوني دولار قبل الهجمات حسب ولي عهد السعودية محمد بن سلمان.
وبلغت أرباح أرامكو إلى 111 مليار دولار خلال العام الماضي، أي أكثر من أرباح أبل وشركات عالمية أخرى مجتمعة.
ارتفاع أسعار النفط
سجّلت أسعار النفط عقب تلك الهجمات ارتفاعا قارب ال20بالمائة وهو أكبر ارتفاع في يوم واحد منذ حرب الخليج عام 1991 لتعود اليوم الأربعاء 25 سبتمبر2019 إلى النزول بصفة تدريجية.
وقالت وسائل إعلام سعودية إن أسعار خام برنت المؤشر الدولي الذي يستخدمه تجار النفط،بلغت 56.284 دولارا للبرميل الواحد، لكن ثمة مخاوف من استمرار ارتفاع الأسعار في حال تفاقم التوترات في منطقة الشرق الأوسط.
ماذا يعني ارتفاع أسعار النفط للنمو العالمي؟ تحاليل إخبارية أخرى ، توقفت عند التأثير العالمي لأسعار النفط ، ومدى إضراره بدخل الأسرة وإنفاقها وقد يؤدي إلى تسارع التضخم، فالصين مثلا كأكبر مستورد للنفط في العالم معرضة للخطر، وكذلك الحال بالنسبة للعديد من الدول الأوروبية التي تعتمد على الطاقة المستوردة.
من شأن تباطؤ الإقتصاد العالمي أن يضر أيضا بالطلب وبالتالي يقيد ارتفاع الأسعار.
ويرى تحليل أجرته مؤسسة أكسفورد للإقتصاد أن وصول سعر خام برنت إلى مستوى 100 دولار للبرميل بنهاية عام 2019 يعني أن مستوى الناتج المحلي الإجمالي العالمي سيكون أقل بنسبة 0.6٪ مما هو متوقع حاليا بحلول نهاية عام 2020، مع ارتفاع معدل التضخم بمتوسط 0.7 نقطة مائوية.
وكتب الإقتصاديان في مؤسسة أكسفورد جون باين وغابرييل ستيرن في تحليل لهما: “نرى مخاطر متزايدة للإرتفاع الكبير في أسعار النفط على المدى القصير ومن المرجح أن يقابل تأثير العرض ارتفاع الإنتاج في أماكن أخرى، لكن السوق تضيق وكل ما يتطلبه الأمر هو صدمة أخرى للإمدادات وساعتها يمكن أن يصل النفط إلى 100 دولار”.
الموقف الأمريكي من الضربات التي استهدفت ‘أرامكو’
قالت الولايات المتحدة الأمريكية إنه برغم إعلان الحوثيين المدعومين من إيران مسؤوليتهم عن الهجوم إلا أن إيران نفت الإتهامات الموجهة إليها ووصفتها بأنها “أكاذيب قُصوى”.
وأشارت واشنطن إلى احتمالات توجيه ضربة عسكرية ، إلى مواقع ذات صلة بإيران أو رُبما لإيران نفسها.
ومع أن الإيرانيين يعلمون بلا شك أن مثل هذه الهجمات يُمكن أن تستفز الولايات المتحدة لتردّ عليها عسكريًا، إلا أنه يبدو أنهم على استعداد للمُخاطرة ورُبما يعتقدون أن ترامب لن يُجازف بخوض نزاع عسكري خطير ومدمر خلال الفترة التي تسبق انتخابات الرئاسة الأمريكية المُقرّرة عام 2020.
أمريكا في موقف صعب؟
تواجه الولايات المتحدة الأمريكية قرارًا صعبًا، إذ تضع واشنطن في اعتبارها أن هجوما بهذا الحجم طال البنية التحتية النفطية السعودية يستدعي ردًا عسكريًا للردع، لكن حتى الآن، لا يبدو أن ترامب مستعد لاتخاذ إجراءات من شأنها أن تُصعّد الإلتزامات العسكرية الأمريكية في الشرق الأوسط، في الوقت الذي تسعى فيه واشنطن إلى تحويل تركيزها ومواردها إلى غرب المحيط الهادئ وأوروبا.
وكان ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان أعلن، الإثنين الفارط، أن بلاده تدرس كل الخيارات المتاحة لمواجهة الإعتداءات الأخيرة على المملكة والمتمثلة في استهداف منشآت نفطية، مؤكدًا أن “التهديدات الإيرانية ليست موجهة ضد المملكة فحسب، وإنما تأثيرها يصل إلى الشرق الأوسط والعالم”.