أخبار العالم

تحول استراتيجي في العلاقات العراقية التركية وسط انخراط أمني وتفكيك حزب العمال الكردستاني

عززت بغداد وأنقرة تنسيقهما الأمني مع زيارة رئيس جهاز المخابرات التركي إبراهيم كالن إلى العراق، حاملاً رسالة من الرئيس رجب طيب إردوغان إلى رئيس الوزراء محمد شياع السوداني، في وقت تشهد فيه العلاقات الثنائية تحولاً لافتاً مدفوعاً بتطورات إقليمية متسارعة، وتراجع دور أطراف تقليدية، وانهيار التحالفات القديمة، وسط تقارب متزايد بين الجانبين.

وبحث الطرفان ملفات أمن الحدود وتبادل المعلومات الاستخبارية، بالتزامن مع تطورات متعلقة بـ«حزب العمال الكردستاني»، أبرزها إعلان الحزب حلّ نفسه استجابة لنداء زعيمه المسجون عبد الله أوجلان. لكن خطوة التسليم الرمزي لأسلحة عدد من عناصر الحزب في مدينة السليمانية تعثرت، بعدما ألغى الحزب تغطية الحدث المباشر لأسباب وُصفت بالأمنية، وسط حديث عن تنسيق غير مكتمل مع الجانب التركي.

وتأتي زيارة كالن في سياق مسار مؤسساتي جديد في العلاقات بين البلدين، بحسب ما أعلنه مستشار رئيس الوزراء، حسين علاوي، الذي أشار إلى أن العلاقات باتت تقوم على «تنسيق استراتيجي» في مختلف الملفات، خصوصاً مكافحة الإرهاب وضبط الحدود والتعاون ضمن إطار «التحالف الدولي» و«حلف الناتو». وشمل التنسيق أيضاً مكافحة المخدرات والتدريب المشترك وتعزيز إدارة النقاط الحدودية من خلال تعاون بين قوات حرس الحدود العراقية والبيشمركة.

وتزامن ذلك مع ارتفاع مستوى التعاون الاقتصادي، لا سيما ضمن مشروع «طريق التنمية»، الذي ربط العراق بتركيا ودول الخليج عبر ممر بري وسكة حديد بطول 1200 كيلومتر، يمتد إلى الموانئ التركية. وأكد مراقبون أن أنقرة تسعى للعب دور محوري في إعادة رسم خارطة المنطقة، مستفيدة من تراجع النفوذ الإيراني وانهيار النظام السوري، في وقت تروّج فيه بغداد للمشروع بوصفه خطوة لتحويل العراق إلى مركز إقليمي للنقل والخدمات اللوجيستية.

وقال الخبير العراقي مخلد حازم إن تركيا تتحرك بفاعلية لملء فراغ القوة الإقليمية، مشيراً إلى أن تطورات حزب العمال والتفاهمات الحدودية تصبّ في اتجاه إعادة صياغة العلاقة الأمنية بين بغداد وأنقرة، داعياً الحكومة العراقية إلى استثمار هذه التحولات لترسيخ دورها الإقليمي وتحقيق توازن فعلي في علاقاتها مع مختلف القوى المجاورة.

من جهته، اعتبر «حزب العمال الكردستاني» أن مبادرة حلّه تشكّل بادرة حسن نية تجاه أنقرة، لكنه رهن نجاح المسار بوجود تجاوب تركي. وكانت قيادات الحزب قد أعلنت في 12 مايو الماضي قرار الحل عقب مؤتمر سري استجاب لنداء أوجلان الصادر في فبراير، بعنوان «دعوة للسلام ومجتمع ديمقراطي».

وتعكس هذه التطورات مساراً جديداً في العلاقات الإقليمية، مع احتمالات واسعة لتحوّل الملف الكردي من ساحة صراع إلى مجال تفاهم أمني وسياسي برعاية عراقية – تركية مباشرة.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق
إغلاق