بين ساركوزي والقذافي: من استقبال ملكي في باريس إلى نهاية درامية في طرابلس
قسم الأخبار الدولية 03/01/2025
شهدت العلاقة بين الرئيس الفرنسي الأسبق نيكولا ساركوزي والزعيم الليبي الراحل معمر القذافي تحولات حادة، بدأت من استقبال فاخر في باريس عام 2007 وانتهت بمشهد سقوط القذافي المدوي في طرابلس عام 2011.
بداية التحالف: استقبال تاريخي في باريس
في ديسمبر 2007، استقبل نيكولا ساركوزي القذافي في زيارة رسمية إلى فرنسا، حيث نُصبت له خيمة فخمة في حدائق قصر الإليزيه، في مشهد أثار الكثير من الجدل داخل الأوساط الفرنسية والأوروبية. جاءت الزيارة بعد الإفراج عن الممرضات البلغاريات، وهي خطوة نُسبت إلى جهود فرنسية دبلوماسية بقيادة ساركوزي وزوجته السابقة كارلا بروني.
خلال تلك الزيارة، وقّع الجانبان اتفاقيات اقتصادية وعسكرية كبرى، شملت مبيعات أسلحة واستثمارات ليبية ضخمة في فرنسا، مما عكس دفء العلاقات بين الطرفين.
التوترات تظهر على السطح
لم تدم هذه العلاقة الوثيقة طويلًا؛ إذ تصاعدت الشكوك حول تمويل القذافي لحملة ساركوزي الانتخابية عام 2007. ورغم نفي ساركوزي المتكرر، إلا أن الوثائق والشهادات التي ظهرت لاحقًا زادت من تعقيد القضية، ما فتح الباب أمام تحقيقات قضائية طالته بعد خروجه من الرئاسة.
ومع اندلاع الاحتجاجات في ليبيا عام 2011، وجدت فرنسا نفسها في موقف معقد. ساركوزي، الذي كان يومًا حليفًا للقذافي، أصبح من أبرز الداعمين للتدخل العسكري في ليبيا ضمن تحالف غربي قادته فرنسا وبريطانيا.
وبذلك قادت الطائرات الفرنسية الضربات الجوية الأولى ضد قوات القذافي، مما ساهم بشكل مباشر في إضعاف نظامه وصولًا إلى سقوط العاصمة طرابلس في أيدي الثوار ومقتل القذافي في أكتوبر 2011.
السقوط المدوي للقذافي
جاء مشهد مقتل القذافي في سرت ليغلق فصلًا دراميًا في العلاقات الفرنسية-الليبية. بينما رآه البعض انتصارًا للحرية، اعتبره آخرون فوضى ساهم الغرب في تأجيجها.
لا تزال تداعيات العلاقة بين ساركوزي والقذافي تلقي بظلالها على المشهد الفرنسي؛ حيث يواجه الرئيس الأسبق تهمًا متعددة تتعلق بتمويل حملته الانتخابية من أموال ليبية، وهي قضية لا تزال مفتوحة أمام القضاء الفرنسي حتى اليوم.
إرث العلاقة المعقدة
تظل قصة ساركوزي والقذافي نموذجًا لعلاقات المصالح السياسية المعقدة، حيث تتشابك التحالفات المؤقتة مع الأجندات الدولية. وبينما بقيت فرنسا لاعبًا رئيسيًا في المشهد الليبي بعد سقوط القذافي، دفعت ليبيا ثمنًا باهظًا من الاستقرار والأمن نتيجة التدخل الدولي الذي أنهى حكم القذافي.
في النهاية، يظل هذا الملف أحد أكثر الفصول إثارةً للجدل في تاريخ العلاقات بين فرنسا وليبيا، جامعًا بين الدبلوماسية، المال، الحرب، والسقوط السياسي.