أخبار العالمإفريقيا

بيان النخب السياسية الليبية حول جهود بعثة الأمم المتحدة لحل الأزمة السياسية في ليبيا

إيماناً بضرورة الخروج من حالة الجمود والانقسام التي أثقلت كاهل الوطن والمواطن لأكثر من عقد من الزمن، تعبر عن دعمنا لجهود بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا، والمتمثلة في مساعيها الرامية إلى تيسير عملية سياسية شاملة يقودها الليبيون، وتُفضي إلى سلام دائم، ووحدة مؤسسات الدولة، والتحول نحو نظام ديمقراطي مستقر، يرتكز على دستور دائم يُعبّر عن إرادة الليبيين وتطلعاتهم في حماية الحقوق والحريات، وإقامة دولة مدنية حديثة تقوم على سيادة القانون والمواطنة.

إننا نثمن الدور الوطني الذي تضطلع به اللجنة الاستشارية المُشكلة بتيسير من البعثة الأممية، ونعتبر تحملها لهذه المسؤولية التاريخية ومثابرتها في معالجة القضايا الخلافية ضمن إطار وطني سليم خطوة بالغة الأهمية في مسار إعادة بناء الثقة بين الليبيين، وإنهاء حالة الفوضى الدستورية والتشريعية التي تُعيق

مسار الانتخابات، وتُغذّي الانقسام، وتُبقي مؤسسات الدولة رهينة للتجاذبات والولاءات الضيقة.

وانطلاقاً من قناعتنا بأن العملية السياسية يجب أن تتّسم بالتسلسل المنطقي والدستوري الذي يؤمن سلامة الخيار الديمقراطي، ويمنع العودة إلى الحكم الفردي والاستبداد فإننا نرى أن خارطة الطريق الواقعية والضامنة لمستقبل مستقر في ليبيا تتطلب الخطوات الآتية:

1-  إجراء انتخابات برلمانية نزيهة وشفافة تفضي إلى برلمان شرعي جديد يُنهي حالة التشرذم التشريعي، ويُعبر عن إرادة الشعب الليبي بكافة مكوناته، ويُشكّل خطوة محورية في مسار تجديد الشرعية السياسية وفق القواعد الديمقراطية السليمة، على أن تتولى بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا، بالتنسيق مع المفوضية الوطنية العليا للانتخابات والمؤسسات الوطنية الأخرى، ضمان نزاهة وشفافية العملية الانتخابية، وأن تُحدد مدة ولاية البرلمان الجديد بسنتين كحد أقصى، بما يتيح استكمال المسار الدستوري وإجراء الانتخابات العامة وفق إطار دائم ومستقر.

2-  تشكيل حكومة وطنية موحدة من شخصيات تتسم بالكفاءة والنزاهة تُشكل على أساس الجدارة وتكامل الخبرات، وتعمل على توحيد البلاد والمؤسسات وتحسين الأوضاع المعيشية، وتهيئة المناخ العام للاستحقاقات المقبلة، بعيداً عن المحاصصة المقيتة وسطوة السلاح والمال الفاسد، وفي إطار

شفاف يُعيد ثقة المواطن في الدولة ومؤسساتها.

3-  استكمال العملية الدستورية عبر استفتاء شعبي شامل على مشروع الدستور المنجز، بما يضمن ملكية الشعب الليبي الكاملة لخياراته السياسية والاجتماعية والاقتصادية ويُنهي الجدل حول القواعد الدستورية، ويوفّر أساساً قانونياً راسخاً لبناء الدولة.

4- تنظيم انتخابات وطنية شاملة على أساس الدستور المعتمد بما يضمن تأسيس دولة مدنية ديمقراطية حديثة تستند إلى الشرعية الدستورية، وتتمتع بحوكمة رشيدة، واستقرار دائم، وقيادة منتخبة تُعبّر عن الإرادة الشعبية الحرة.

إننا نرفض بصورة قاطعة أي محاولات لاستباق إرادة الشعب الليبي من خلال فرض انتخابات رئاسية بمعزل عن الدستور، أو تمرير تشريعات انتخابية مشوّهة صيغت تحت ضغوط محلية أو إقليمية، لم تُراع

مصلحة ليبيا وشعبها، وقد تُفضي إلى ترسيخ نظام الحكم الفردي وتقويض فرص قيام دولة القانون

والمؤسسات.

كما نؤكد أن إنهاء الفترات الانتقالية المتعاقبة لا يمكن أن يتحقق إلا من خلال التزام صارم بمبدأ الملكية الوطنية للعملية السياسية، وضمان مشاركة حقيقية وشاملة لكافة مكونات المجتمع الليبي في صناعة مستقبل البلاد، كما نصت عليه قرارات مجلس الأمن والولاية الموكلة إلى البعثة الأممية.

وتشدّد على أن الحفاظ على مكتسبات ثورة السابع عشر من فبراير المجيدة هو مسؤولية وطنية لا يجوز التراجع عنها أو التهاون فيها، وفي مقدمتها الحرية والعدالة والديمقراطية، ورفض عودة الحكم الشمولي تحت أي غطاء أو ذريعة. ونُحذر من أن استمرار بعض الأطراف في تعطيل العملية السياسية وعرقلة التوافق الوطني يُعد تهديداً مباشراً لوحدة البلاد، ويُطيل أمد معاناة الليبيين، ويُقوّض فرص السلام

والاستقرار.

ولا يفوتنا أن تثمن جهود بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا، كما عبّرت عنها رئيسة البعثة في إحاطتها لمجلس الأمن بتاريخ 17 أبريل 2025 ، حيث أكدت ضرورة التوافق الوطني والإرادة السياسية لحل الأزمة، محذرة من كلفة التقاعس واستمرار الوضع الراهن. وفي هذا الإطار، نجدد دعمنا الكامل لجهود البعثة الأممية وكل الأطراف الساعية إلى السلام ونرحب بأي مبادرة تُبنى على الشفافية، والملكية الوطنية، والمسار الدستوري الديمقراطي، وتحترم إرادة الليبيين وتطلعاتهم لدولة مدنية مزدهرة.

صدر في طرابلس بتاريخ 20 إبريل 2025 م

الموقعون:

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق
إغلاق