بوتين يراهن على سيف الإسلام القذافي
إعداد الدكتورة بدرة قعلول—-رئيسة المركز الدولي للدراسات الاستراتجية الأمنية والعسكرية-13-8-2021
ضمن الصراع القائم والكبير بين القوى الدولية المتمركزة في ليبيا تخرج روسيا بوتن عن السرب وتتحدى خاصة الولايات المتحدة وأوروبا وكذلك تركيا، وتراهن على نجل القذافي سيف الإسلام ، كرئيس مستقبلي لليبيا، وفقًا لما نقلته وكالة “بلومبيرغ” عن مصادر مطلعة في موسكو.
وكانت روسيا حين كان ميدفيديف رئيسا للدولة، قد امتنعت عن التصويت في الأمم المتحدة على التدخل العسكري في ليبيا وإسقاط القذافي، ولم تستخدم حق النقض، وهو الموقف الذي أغضب بوتين حين كان رئيسا للوزرار، ثم كرر عند توليه الرئاسة اتهامه للغرب وعلى رأسه الولايات المتحدة بتدمير ليبيا وإسقاطها في الفوضى.. بوتين يعتبر ليبيا “مسألة شخصية للغاية” وهو يشعر بالمسؤولية تجاه ليبيا وسيف الاسلام القذافي ولن يتخلى عن ليبيا أو يترك مكانه هناك. وحسب مصادر مطلعة في الكرملين فان بوتين يشعر بالمسؤولية تجاه سيف الإسلام القذافي ويعتبره رجل المرحلة القادمة ورجل البناء في ليبيا بعد مرحلة الاستقرار التي يراهن عليها المجتمع الدولي.
ووفقا لما نقلت وكالة “بلومبيرغ” الأمريكية عن مصادرها المقربة من بوتين، باتت روسيا تضغط على الجنرال خليفة حفتر، لدعم سيف الإسلام ما سيشكل “مزيجًا انتخابيًا لا يُهزم” .. ومهما كانت النتائج الانتخابات فستكون بين حفتر وسيف الإسلام والاثنان يمكن التعويل عليهما خاصة في علاقتهما التاريخية مع روسيا.
كما أن الخطة الروسية والتعويل على الشخصيتين حفتر وسيف الإسلام في هذه المرحلة تحظى بدعم الكثير من الدول وخاصة بدعم مصر الفاعل الاقليمي الرئيسي في الملف الليبي وروسيا واثقة من دعم مصر لخطتها، وكذلك فرنسا وبعض الدول الاقليمية التي تراهن كذلك على الشخصيتين، وتذهب الخطة المصرية إلى أن حفتر يفوز بالانتخابات 2021 وهي مرحلة ارساء الاستقرار وبعدها في 2025 يكون دور سيف الاسلام القذافي في مرحلة البناء.
كذلك تقول بعض المصادر المطلعة إن ايطاليا وفرنسا والولايات المتحدة الأمريكية وبعض الدول الإقليمية تسير إيجابيا مع هذه الخطة المصرية الروسية وتعتبرها واقعية مع الرفض التركي الظاهر والقبول الضمني بهذا المخطط.
كما أن اللقاء الأخير الذي جمع في القاهرة حفتر وعقيلة صالح وسفير الولايات المتحدة في ليبيا يذهب إلى هذا النهج، بل هناك مصادر مطلعة تقول بأنه تمّ الاتفاق على ذلك وسيتقدم المشير خليفة حفتر للانتخابات الرئاسية المباشرة وسيتم الضغط الأمريكي على تركيا لتتخلى عن مشروعها في ليبيا وخاصة سحب المرتزقة وتوزيعهم في الغرب الافريقي.
حسب ناشطين ليبيين وخبراء في الشأن السياسي الليبي فإن ما يسعى إليه الكرملين هو تعزيز نفوذه في المنطقة الإقليمية بعد أن عزز نفوذه في الشرق الأوسط ودعمه لنظام بشار الأسد في سوريا ليصبح له نفوذ على شمال إفريقيا ومدخل على الغرب الإفريقي مع اتفاق بين الروس والأمريكان على أن تتخلى روسيا على دعمها لإيران في العراق.
إذن، إذا نجح مخطط بوتن فإن إعادة حكم القذافي ستكون أجرأ خطوة حتى الآن لبوتين، بل وستكون أقوى صفعة للقوى الأوربية وخاصة للولايات المتحدة الامريكية، ولهذا نفهم لماذا تتخلى أمريكا اليوم عن ورقة الإسلام السياسي وعن وكيلها تركيا بل إنها ستدعم بقوة حفتر وأنصار القذافي في صفقة رابحة مع روسيا ومع مصر التي ستضمن التوازن للوجود الروسي والأمريكي…
ولا يزال المشهد في ليبيا معقدا والميدان لا “ينبئ بخير” بل بالعكس هو قابل للإشتعال في كل لحظة،إلى جانب المشهد التونسي والإطاحة بحكم الإخوان والذي ستكون له تداعيات على الغرب الليبي وخاصة على “إخوان ليبيا” الذين يستمدون قوتهم من حكم “إخوان تونس” وأيضا من العنهجية التركية.
كما أن ظهور سيف الإسلام القذافي للعلن بشكل مفاجئ، نهاية شهر يوليو2021، لأول مرة منذ اختفائه منذ عدة سنوات، يمثل خطوة من شأنها أن تؤثر على المشهد السياسي في البلاد وربما “تزيد من تعقيده”، وتزيد من أنصاره قوة، وتضعف المليشيات والإخوان.
وما يمكن التركيز عليه في خروج سيف الإسلام القذافي بعد اختفاء دام سنوات طويلة هو قوله “إحياء الوحدة المفقودة في ليبيا بعد عقد من زمن الفوضى والإقتتال”، كما لمّح في خروجه الأخير إلى إمكانية ترشحه للانتخابات الرئاسية، وهو المتأكد تماما من أنه يمكن أن يفوز بها ربما من الدور الأول، فأنصاره كثر وكذلك أغلب الدول يمكن أن تراهن عليه لأنه له مفتاح الكنز الليبي المفقود الذي تركه إالى اليوم على قيد الحياة.
كما أن المقابلة مع صحيفة أمريكية وقبل 5 أشهر من الانتخابات يعني أن القوى الدولية تتفق على خروج سيف الإسلام القذافي، بل وتريده أن يشارك ويفوز في الانتخابات الرئاسية ليخرج الكنز الذي يتصارعون عليه وكل يأخذ نصيبه.
ووفقًا لوكالة رويترز، كان البعض ينظرون إلى سيف الإسلام باعتباره خليفة إصلاحيًا محتملًا لوالده في السنوات التي سبقت أحداث 2011، ولا يزال شخصية مهمة بالنسبة لمؤيدي القذافي، وكذلك لعديد القوى العالمية والاقليمية إذ هناك شبه إجماع عليه وحتى في تقارير سرية، فقد كانت هناك محادثات بين سيف الاسلام القذافي والجانب التركي وقد أعطى سيف الإسلام وعودا لتركيا إذا رفعت يدها عن المليشيات وعن الإخوان وربما سيظهر هذا الاتفاق في الأيام المقبلة وعند اقتراب موعد الانتخابات إن لم تتحصل تركيا على الأموال التي تطلبها في هذه المرحلة من إخوان ليبيا.
والسؤال المطروح:
كيف سيتم إسقاط ما تطالب به محكمة الجنايات الدولية التي مقرها لاهاي باعتقال سيف الإسلام القذافي بتهمة ارتكاب “جرائم ضد الإنسانية