أخبار العالمالشرق الأوسطبحوث ودراسات

البحر الأحمر والصهيونية:  اقتربنا من الحرب العالمية الثالثة

تونس 30-10-2023

إعداد: فاتن جباري قسم العلاقات الدولية والشؤون الاستراتيجية

مراجعة: الدكتورة بدر قعلول

    في الوقت الذي يعيش فيه العالم غليانا بركانيا فجر كل قوانين الأرض بل شرائع السماء… بدأت الحروب البحرية، وكان الشرق الأوسط مسرحا لهذه الصراعات، “البحر الأحمر أو بحر الخليج العربي“، أنه من أكبر المحطات العالمية التجارية والاقتصادية والعسكرية، تأثيرا على الأمن والملاحة  الدولية  فمن يمتلك هذا النفوذ يكون قد إقتحم بوبة العالم فهو مكمن ثروات نصف العالم، من النفط والبترول والمعادن والمياه وغيرها والنقطة الفاصلة بين المحيط الهندي الواقع بين افريقيا وأسيا ومنه الى الجزيرة العربية والنيل.

كما يعد مضيق باب المندب من أهم الممرات المائية على مستوى العالم لدوره في الربط بين التجارة العالمية من الشرق إلى الغرب، وقد ازدادت أهميته مؤخراً نظراً إلى ما تمر به المنطقة من توترات وحروب، وبالتالي تسعى عديد من القوى الإقليمية والدولية إلى بسط نفوذها في هذه المنطقة الإستراتيجية، ونتج عن ذلك تزايد أعداد القواعد العسكرية المتوغلة هناك.

يمثل أمن البحر الأحمر وأمن الموانئ البحرية دافعًا قويًّا لتعزيز الحضور الدولي لأكبر القواعد العسكرية المتمركزة والمتناورة وايضا البوارج العائمة والعبارات الروسية، الصينية، الأمريكية، الإيرانية… 

بحجة المساهمة في ضمان حرية الملاحة الدولية، وتأمين مرور التجارة الدولية، ومكافحة عمليات القرصنة عند مضيق باب المندب وخليج عدن، وصد التهديدات الأمنية والإرهابية، كما أن هناك رغبة جماعية لدى القوى الدولية ليصبح الحزام الساحلي الذي يضم إريتريا وجيبوتي والصومال ساحلًا آمنًا لضمان سلامة التجارة بين المحيط الهندي والبحر الأبيض المتوسط عبر البحر الأحمر.

إنها حروب من أجل المستقبل، وتحديدا لأجل مصادر الطاقة والمخزونات الهائلة التي تزخر بها بلدان المنطقة، وخطوط النقل البحري والبري العالمية، التي تعتبر فيها هذه الدول حلقة الوصل والربط الأقرب بين الشرق والغرب والشمال والجنوب بحكم موقعها الجغرافي وتحكمها بأهم المنافذ البحرية العالمية الموجودة حاليا، وموقعها في خريطة المشاريع المستقبلية الكبرى التي تتنافس على تنفيذها القوى العالمية المتصارعة على النفوذ والثروة والسلطة، على غرار مشاريع أنابيب نقل الغاز الأمريكية والروسية، أو المشروع الصيني “طريق الحرير” الأضخم على مستوى العالم وعلى مر التاريخ والمعلن عنه عام 2013 كل هذه التداعيات جعلتنا نطرح سؤالا مركزيا:

 ماهي تداعيات الصراع الدولي عسكريا، اقتصاديا، في عرض البحر الأحمر؟

 كيف ستكون فرضية نشوب حرب بحرية دولية؟

كيف سيكون الدور الجديد للدول المحاذية للبحر الأحمر الخليج العربي والقرن الإفريقي؟  

مضيق باب المندب: “بوابة العالم و صراع النفوذ “

يعتبر “مضيق باب المندب”، ممر مائي عالمي إستراتيجي، فهو يصل خليج عدن وبحر العرب بالبحر الأحمر، ومنه عبر قناة السويس إلى البحر الأبيض المتوسط ويقع بين اليمن في آسيا وكل من جيبوتي وأريتريا في إفريقيا، ويتوسط القارات الخمس.

 وفقا للإحصائيات المتعارف عليها، يحتل مضيق باب المندب المرتبة الثالثة عالمياً بعد مضيقي ملقا وهرمز، حيث يمر عبره يومياً  3.3 مليون برميل نفط، تمثل 4% من الطلب العالمي على النفط.

كما ترتبط حركة التجارة العالمية ارتباطًا قويًا بإستقرار مضيق باب المندب والبحر الأحمر، حيث تمر عبره 21 ألف سفينة سنوياً أي ما يعادل 10% من الشحنات والبضائع البحرية العالمية، بما في ذلك معظم أنشطة التبادل التجاري بين آسيا وأوروبا.

ويعبر المضيق شحنات تقدر بنحو 700 مليار دولار أمريكي سنويًا من حجم التجارة في طريقها إلى قناة السويس ومن ثم إلى البحر الأبيض المتوسط.

كما يمر 1.5 مليون برميل من النفط الخام يوميًا عبر الممرات المائية الاستراتيجية، حيث يتم تصدير ما يقرب من 10% من إجمالي النفط الخام السعودي إلى أوروبا عبر هذا الممر المائي. وبالإضافة إلى ذلك، فإن الكمية الأكبر من الخام الأوروبي الوارد من جميع أنحاء منطقة الشرق الأوسط الكبير يمر عبر منطقة البحر الأحمر.

فالموانئ وحاملات النفط والغاز والاتجار بالبضائع والأسلحة وعبور الأشخاص عوامل جعلت منها نقطة جذب وتركيز وإهتمام من أطراف دولية وإقليمية عديدة تتصارع للحصول على موقع إستراتيجي فيه، وتحقيق مصالح اقتصادية وسياسية وعسكرية ولذلك تحتشد في منطقة القرن الإفريقي القواعد العسكرية فمثلاً في جيبوتي وحدها تسعُ قواعد عسكرية ليست دول مختلفة بما فيها القواعد العسكرية الأمريكية و الإسرائيلية.

 وفي الصومال خمس قواعد، اثنتان منها للإمارات وواحدة لتركيا، وفي إريتريا قاعدتان، واحدة إسرائيلية وأخرى إماراتية.

 ولا يكاد البحر الأحمر اليوم  يهدأ من المناورات البحرية والجوية المكثفة والتي قامت بها دول  كأمريكا وإسرائيل  وتشارك فيها دول عربية  على غرار الأمارات والمملكة السعودية والبحرين وعمان ومصر مواجهة للخطر الاستراتيجي  الإيراني هناك ردعا للتهديدات النووية…

بينما تركز الاستراتيجية الصينية “العملاق الصامت ” و روسيا “الدب الأسيوي” على أي ردة فعل قد تفجر نيران الحرب العالمية الثالثة اذا ما وقع انتهاك مصالحها.

الولايات المتحدة

تركز امريكا على  “الربط بين الأمن القومي الأميركي وأمن الطاقة النفطية”. وقد أنشأت الولايات المتحدة الأمريكية القاعدة العسكرية “ليمونير” في جيبوتي منذ  2007، وهي مسؤولة عن العمليات والعلاقات العسكرية مع الدول الإفريقية، وبلغ تعداد قواتها ما يقارب من(4000) جندي، الى جانب قاعدة “باليدوغل” الجويّة الأميركية  بالصومال وأصبحت مقراً لقواتِ “أفريكوم” في المنطقة، ومهمتها مراقبة المجال الجوي والبحري والبري للسودان وإريتريا والصومال وجيبوتي وكينيا واليمن.

فيما تحدثت مصادر عن وجود قواعد عسكرية سرية لها بالقرن الإفريقي وما حوله، ومهمتها الاستطلاع والتجسّس في شرق إفريقيا.

كما تحتفظ فرنسا بأكبر قاعدة عسكرية أجنبية لها خارج حدودها في جيبوتي. وينتشر نحو (1500) جندي في القاعدة ويقومون بمهام مكافحة الإرهاب وحراسة الممرات البحرية القريبة.

في 19 من أكتوبر 2023، وصل أكثر من ثلاثة آلاف من قوات المارينز وجندي أمريكي إلى الشرق الأوسط  كما أعلن الأسطول الخامس التابع للبحرية الأمريكية، عن دخول السفينة الهجومية البرمائية “يو إس إس باتان” وسفينة الإنزال “يو إس إس كارتر هول” نحو البحر الأحمر عبر قناة السويس، تحسباً لأغلاق مضيق باب المندب من قبل إيران والفصائل الموالية لها في المنطقة رداً على حرب غزة، الى جانب التصدي الى جماعة الحوثي اليمنية والمستهدفة لقواعد برية أمريكية وتشمل عمليات الأسطول الأمريكي الخليج العربي وخليج عُمان والبحر الأحمر وأجزاء من المحيط الهندي و3 نقاط حرجة في مضيق هرمز وقناة السويس ومضيق باب المندب وهناك قاعدة بريطانية في منطقة “بيدوا” يتمّ فيها تدريب القوات الصومالية، حيث تسعى بريطانيا إلى إقامة قاعدة في أرض الصومال وفقا لتقارير استخبارية حديثة.

روسيا و الصين:

روسيا محور مهيمن في الصراع المحتدم بمنطقة الشرق الأوسط من خلال عمليات التخطيط والتسليح العسكري لإيران رغم ظهورها الغير مباشر في الصورة رغم توجيه الاتهامات الأمريكية الإسرائيلية بوجود مخطط ثلاثي روسي صيني، ايراني. وتسعى روسيا للعودة إلى القرن الإفريقي، وذلك عبر البوابة الإريترية، حيث وقّعت إريتريا في فيفري  2023، مذكرة تفاهم مع روسيا تنص على ربط مدينة “مصوع الإريترية” الساحلية مع قاعدة البحر الأسود البحرية سيفاستوبول، ويتيح هذا الاتفاق لموسكو استغلال ميناء مصوع الإريتري تمهيدًا لإقامة قاعدة عسكرية روسية جديدة في البحر الأحمر بالقرب من مضيق باب المندب.

اما الصين فهي ذلك العملاق الصامت، فلم تكن كقوة عظمى بعيدة مما يجري هناك، بل على العكس فقد حاولت منذ تغلغلها في القارة الإفريقية عموماً وفي منطقة القرن الإفريقي خصوصا، فبنت قاعدة بحرية في جيبوتي بحجة مكافحة القرصنة وضمان أمن باب المندب ويعود تاريخ إنشائها إلى عام 2017، أي بعد أربع سنوات من إعلان الرئيس الصيني عن مبادرة “حزام واحد طريق واحد”، التي باتت تعرف بطريق الحرير الجديد.

وتهدف المبادرة إلى الربط بين الصين وأوروبا ووسط آسيا والشرق الأوسط عبر أكبر مشروع بنية تحتية في تاريخ البشرية، يشمل بناء طرقات وسكك حديدية ومناطق صناعية على الرغم من أن المبادرة تبدو تنموية واقتصادية في المقام الأول، إلا أن الدراسات تتفق على أن الهدف الرئيسي منها هو زيادة نفوذ الصين الجيوسياسي، على مستوى الجغرافيا وعلى مستوى توزيع القوة والثروة أيضا بالطبع يمر طريق الحرير الجديد بباب المندب، وسبق أن وقّعت الصين مع حكومة الحوثيين اتفاقية 2019 .

اما تركيا فقد سعت هي الأخرى لتعزيز وجودها عبر البوابة الصومالية، وتعد القاعدةُ العسكرية التركية التي تم افتتاحُها عام 2017 الأهمَّ في الصومال وأكبر قاعدة عسكرية تركية في العالم، وعلى الرغم من أن تركيا أعلنت أن الهدفَ من إنشاء القاعدة هو تدريبُ الصوماليين، ليشكلوا نواة للقوات الصومالية مستقبلًا إلا أن هذه القاعدة كان وراءها العديد من الأهداف الأُخرى، أهمُّها السيطرةُ على “القرن الإفريقي” وممر البحر الأحمر التجاري، ومضيق باب المندب، كونه المعبَرَ البحريَّ الرئيسَ لتجارة النفط العالمية؛ وما يمثله من خطورة لأمن الخليج.

إيران، محور حربي هام في محركة البحر على الجانب الآخر تأمل في بسط نفوذها على باب المندب عن طريق دعمها للحوثيين، الأمر الذي يضعها موضع الاتهام بنقل صراعاتها مع دول الخليج إلى مضيق باب المندب بعد الهيمنة على مضيق هرمز.

 أطلق الحوثيون الصواريخ على البحرية الأمريكية خلال عام 2016 بالقرب من باب المندب، وكيف قاموا ويقومون بزراعة الألغام البحرية بشكل عشوائي في المياه الإقليمية، وكيف قاموا باستخدام قوارب مفخخة مسيرة عن بعد للهجوم على مدينة المخا في البحر الأحمر في 2017، ومهاجمة سفن سعودية في ميناء الحديدة في 2018، وكيف هاجموا مؤخرا مينائي النشيمة في محافظة شبوة، والضبة بمحافظة حضرموت، واستهدفوا ناقلة نفطية في ميناء قناة النفطي بشبوة منتصف نوفمبر  2022.

تفاجأ البنتاغون في 19 أكتوبر 2023، بإطلاق سلسلة من الطائرات بدون طيار الهجومية وصواريخ كروز بعيدة المدى من اليمن، والتي يقول مسؤولو الدفاع الأمريكيون إنها كانت متجهة إلى إسرائيل ولكن اعترضتها مدمرة الصواريخ الأمريكية يو إس إس كارني فوق البحر الأحمر.

ولاحقاً هدد رئيس حكومة الإنقاذ في اليمن التابعة لجماعة الحوثيين عبد العزيز صالح بن حبتور في 22 من أكتوبر 2023، إنهم سيستهدفون السفن الإسرائيلية  التي تعبر باب المندب في البحر الأحمر في حال تواصل القصف على قطاع غزة.

رغم الإتفاقيات الأمنية  التي صادقت عليها جل الدول المحيطة بمنطقة البحر الأحمر نظرا لوجود أهمية إستراتيجية للأمن القومى اذ تطل عليه ثماني دول منها ست دول عربية هي: المملكة العربية السعودية ومصر والسودان والأردن واليمن وجيبوتي ودولتان غير عربيتان هما إسرائيل وإريتريا.

 وتقع أربع دول منها في قارة أفريقيا وهي مصر والسودان وجيبوتي وإريتريا، والأربع الأخرى في آسيا هي السعودية والأردن واليمن وإسرائيل، يظل استقرار أمن المنطقة النسبي مرهونًا بعدم تطور التنافس الدولي والإقليمي فيها إلى صراعات أو صدامات بين القوى الفاعلة، لكن هذا حصل فعلا  اذ تتسابق الدول المسلحة على عسكرة المنطقة وتنفيذ تجارب احدث اسلحة الذكاء المصنع  وأخطرها على الإطلاق…

ان المتأمل في خريطة البحر الأحمر سيجد حتما ان اسرائيل و التي لا يمكن ان نسميها دولة ولا امة، ولا شعبا بل هي نتاج مخطط أمريكي متصهين، لإنشاء مجموعة سائدة عالميا فهي تقارب شيئا فشيئا  من  مصادر الطاقة والمخزونات الهائلة التي تزخر بها بلدان المنطقة وخطوط النقل البحري والبري العالمية، التي تعتبر فيها هذه الدول حلقة الوصل والربط الأقرب بين الشرق والغرب والشمال والجنوب بحكم موقعها الجغرافي وتحكمها بأهم المنافذ البحرية العالمية الموجودة حاليا، وموقعها في خريطة المشاريع المستقبلية الكبرى التي تتنافس على تنفيذها القوى العالمية المتصارعة على النفوذ والثروة والسلطة، على غرار مشاريع أنابيب نقل الغاز الأمريكية والروسية، أو المشروع الصيني “طريق الحرير” الأضخم على مستوى العالم وعلى مر التاريخ فهي حرب لمن يضع موطئ قدم هناك واسرائيل التي ضلت بلا ارض تريد ان تستحوذ على كل الأرض بغطاء امريكي مسلح وهي رهان حرب امريكية في المقام الاول لذلك فأن قانون اللعبة يدور في فلك صهيوني خالص.

البحر الأحمر من المنظور الأمني والاستراتيجي للكيان الصهيوني:

إسرائيل

وجدت إسرائيل مجالاً حيوياً في تلك المنطقة الحيوية، فأسست وجوداً عسكرياً وأمنياً، إستجابة لتعليمات بن غوريون الحاسمة التي أعلن فيها أن حياة دولته أو موتها يعتمد على البحر الأحمر، وإستطاعت دولة الكيان الصهيوني الإستحواذ على شريط ساحلي على البحر الأحمر بطول 11 كم بعد هدنة رودس عام 1948، على إثر انتزاع منطقة  ام الرشراش أي ايلات حاليا من مصر واحتلالها وفرضت نفسها إلى جانب الدول الأخرى المشاطئة له، ومعظمها دول عربية هي اليمن، السعودية، الأردن، مصر، السودان، وجيبوتي .

  كما طورت من علاقاتها السياسية مع بعض أنظمة تلك المنطقة وخاصة النظام الإريتري والأوغندي كي يتيح لها كسرَ دائرة العزلة العربية من خلال مخططات التطبيع العربي العبري،  التي مكنتها من رصد أي نشاط عسكري عربي ضدها، واستخدام التفوق الإسرائيلي لكسر أي حصار عربي مستقبلاً ضدها وضد سفنها في البحر الأحمر ومدخله الجنوبي وبالتالي ضمان الاتصال والأمن للخطوط البحرية العسكرية والتجارية من المحيط الهندي إلى البحر الأبيض المتوسط، والحيلولة دون أن يكون البحر الأحمر بحراً عربياً خالصاً.  

كما أنشأت “إسرائيل” سراً قاعدة استخبارات إلكترونية متقدمة لمراقبة مضيق باب المندب الإستراتيجي الذى تنتقل عبره معظم شحنات النفط الخليجية في طريقها إلى العملاء في جميع أنحاء العالم، وهي تراقب أنشطة “أنصار الله” في اليمن.

ولم تكتف بذلك بل سعت لتنفيذ سياسة خاصة بها تعتمد على تقوية جانب قواتها البحرية، وكسر الحصار والرفض العربي لها بنسج علاقات أمنية واقتصادية مع الدول الإفريقية خصوصا تلك المطلة على البحر الأحمر أثناء الاحتلال الفرنسي، وقامت إسرائيل بتأسيس قواعد عسكرية بحرية، ومراكز للمراقبة وحسب تقرير لوكالة الاستخبارات المدنية الأمريكية “ستراتفور” فإن “الوحدات البحرية الإسرائيلية تتمركز في البحر الأحمر، وهي مواقع تتسم بقدرة استراتيجية متميزة على رصد التحركات البحرية في مدخل البحر الأحمر.”

لقد سعت “إسرائيل” باستمرار لتدويل البحر الأحمر بناء على مخاوفها من حصار عربي ايراني  لما تراه حقها في الملاحة داخل هذا البحر والعبور الحر ابتداءً من ممر تيران والاتجاه شمالا أو جنوبا عبر قناة السويس ومضيق باب المندب، خصوصا امام النفوذ الصيني الروسي.

 ويرى الكيان الصهيوني أن في إبقاء الصراعات بين دول المنطقة وعدم الاستقرار في محيط البحر الأحمر، يوفر ذرائع جيدة لترويج التدويل وتثبيته إما من خلال الاستعانة بمجلس الأمن أو فرض الأمر الواقع عبر تكثيف التواجد العسكري لها ولحلفائها في البحر بما فيها المناطق التي تحت السيادة الخالصة لدولها.

واليوم تستهدف الحليفتين الصهونيتين كل الدول المدافعة عن مناطق سيادتها بذريعة الارهاب وفي مقدمتهم فصائل المقاومة المسلحة، ايران و حماس و نصر الله و حزب الله و حركة الجهاد الإسلامي وجماعة الحوثي اليمني ومن لف لفه ، تحت ستار محاربة الإرهاب والقرصنة البحرية وحماية الملاحة الدولية، ونفس الأمر ينطبق على ما يجري والذي يسوق له في جزء منه أنه لحماية أمن الملاحة الدولية في البحر الأحمر ومضيق باب المندب.

 ومن ضمن الإستراتيجيات التي يشتغل عليها الكيان الصهيوني في المنطقة هي  تشغيل المناورات والاستعانة بالحلفاء لإحتلال بعض الجزر الهامة في البحر الأحمر، ودعمهم في هذا الإتجاه بالتسليح والتدريب والتنسيق المعلوماتي،  كأمريكا وفرنسا وألمانيا واليابان… ويحصل الآن مع الإمارات والسعودية في سياق حربها على اليمن وإحتلالها لموانئه وجزره، ويمكن الحديث عن إعادة مصر جزيرتي تيران وصنافير للسيادة السعودية كجزء من هذا السياق وإن في إطار أوسع يتعلق بما اصطلح عليه مشروع “صفقة القرن”، ونقل التطبيع العربي مع “إسرائيل” من تحت الطاولة إلى العلانية والمجاهرة بالتنسيق والتحالف.

 خلاصة

 يوصلنا هذا التقرير المستفيض الى معلمات خطيرة على أمن المنطقة العربية ككل وهو مخطط صهيوني فضيع :

نري اليوم بوضوح صدق المعادلات التي أشرنا اليها لقد التقت مصالح الكيان مع مصالح الدول الخليجية التي جاهرت بالتطبيع، وبدأوا بكل جرأة بالترويج للسلام الاقتصادي بعيدا عن الحل العادل للقضية الفلسطينية، وقدمت “إسرائيل” مبادرتها لإنشاء ما أسمته “سكة حديد السلام”  لربط السعودية ودول الخليج، بما فيها العراق وربما سوريا مستقبلا، مرورا بالأردن بخط السكك الحديدية للكيان وصولاً إلى ميناء حيفا على البحر الأبيض المتوسط، ومنه إلى أوروبا وإفريقيا والأمريكيتين، ما شأنه إقامة طرق تجارة إقليمية جديدة أقصر وأرخص وأكثر أمانا بالنسبة لها، ودعم اقتصاداتها.

وبحسب مصادر سيمتد هذا الخط شرقا إلى معبر الشيخ حسين الحدود الأردنية مع فلسطين المحتلة، ويتجه جنوبا إلى معبر الجلمة في الضفة الغربية؛ بحيث يمكن للفلسطينيين الارتباط به لتصدير واستيراد البضائع عبر ميناء حيفا، وأيضا باتجاه الشرق نحو الأردن والسعودية ودول الخليج، وجنوبا باتجاه البحر الأحمر عبر العقبة وإيلات، وسيتم إقامة منطقة حديثة كبيرة للبضائع في إربد – الأردن ومن هناك، يتجه خط سكة الحديد جنوبا إلى العاصمة السعودية الرياض، بطول 1590 كم، ومنها إلى ميناء الدمام بالمملكة، بطول 450 كم، ثم ميناء الجبيل بالمملكة أيضا بطول 970 كم، ومن السعودية يمتد الخط إلى ميناء جبل علي في دبي- الإمارات.

ويتضح من المخطط أنّ الربط لا يقتصر على سكك الحديد إذ يمتد أيضا إلى البحر، كما تقدم، الأمر الذي يجعل من إسرائيل مركزاً إقليمياً للنقل البحري بما يعزز اقتصاد الكيان ويجعله الرابح الأكبر على حساب الآخرين، خصوصا نشاط النقل عبر البحر الأحمر ومضائقه.

ف ي إطار كل ما تقدم ورغم تشعبه وتعدد مساراته إلا أنه يقودنا لفهم أشمل للاستراتيجية الصهيونية في البحر الأحمر والمنطقة برمتها، التي تعمل على ضرب المصالح العربية بأيدي أبنائها إذا لزم الأمر في سبيل تحقيق مصالح الكيان الصهيوني العالمي.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة


زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق
إغلاق