بناء محطة بحوث دولية على القمر وجمع العيانات من المريخ وإعادتها… خطة الصين لاستكشاف الفضاء السحيق
قسم البحوث والدراسات الإستراتجية والعلاقات الدولية 27-12-2024
يعد استكشاف الفضاء السحيق مجالا رائدا للتنافس العلمي على الصعيد العالمي. ومن الهبوط على سطح القمر إلى استكشاف الكواكب والكويكبات، قطعت الصين شوطا أبعد وأعمق في استكشاف الفضاء السحيق، بما يعزز استمرار فهم البشرية للنظام الشمسي والكون واستكشافهما.
القمر بداية الاستكشاف وصميم تركيز التعاون الدولي
كشفت الصين في أكتوبر الماضي عن برنامج وطني متوسط وطويل الأجل لعلوم الفضاء، والذي سيوجه تخطيط البلاد لبعثات علوم الفضاء وبحوث الفضاء خلال الفترة ما بين عامي 2024 و2050.
ويحدد البرنامج خارطة طريق من ثلاث مراحل لتنمية علوم الفضاء في البلاد، ففي المرحلة الأولى الممتدة حتى عام 2027، ستركز الصين على تشغيل المحطة الفضائية وتنفيذ مشروع الاستكشاف المأهول للقمر والمرحلة الرابعة من برنامجها لاستكشاف القمر بالإضافة إلى مشروع استكشاف الكواكب.
وسيتم بناء محطة البحوث القمرية الدولية خلال المرحلة الثانية الممتدة من عام 2028 إلى عام 2035. أما في المرحلة الثالثة من عام 2036 إلى عام 2050، فستطلق الصين أكثر من 30 بعثة لعلوم الفضاء، بغية الوصول إلى مستويات رائدة عالميا في المجالات الرئيسية.
ومن المقرر أن يتم إطلاق المسبار “تشانغ آه-7” في عام 2026 لاستكشاف بيئة وموارد القطب الجنوبي للقمر، وإطلاق المسبار “تشانغ آه-8” في عام 2028 لإجراء اختبارات تقنية بشأن استخدام الموارد القمرية في الموقع. وستشكل مهمتا “تشانغ آه-7″ و”تشانغ آه-8” النموذج الأساسي لمحطة البحوث القمرية التي يتم دراسة بنائها حاليا.
والجدير بالذكر أن مصر والبحرين ستنضمان إلى مشروع الحمولات الدولية لمهمة “تشانغ آه-7” القمرية، وسيحمل المسبار “تشانغ آه-7” جهاز التصوير الفائق الطيفي للمواد الموجودة على سطح القمر، الذي طورته وكالة الفضاء المصرية والهيئة الوطنية البحرينية لعلوم الفضاء بشكل مشترك، والذي يستخدم في تحليل وتحديد المواد والبيئة على سطح القمر.
وقد وقعت الصين على وثائق تعاون بشأن بناء محطة البحوث القمرية الدولية مع 17 دولة ومنظمة دولية، بما فيها الاتحاد العربي لعلوم الفلك والفضاء، لتعميق التعاون في مجالات مثل التصميم المشترك للمحطة وتبادل البيانات العلمية.
ومن المتوقع أن تحقق الصين هبوطا مأهولا على سطح القمر بحلول عام 2030. وقال أويانغ تسي يوان، الأكاديمي في الأكاديمية الصينية للعلوم وكبير علماء برنامج استكشاف القمر الصيني، إن استكشاف القمر مجرد بداية، إذ تحولت أهداف الصين نحو الفضاء الأوسع للنظام الشمسي، ولدى الصين ثقة أكبر في أنها ستتمكن في المستقبل من استكشاف المريخ والكويكبات وغيرها من الأجسام خارج كوكب الأرض، فضلا عن جمع العيانات منها وإعادتها إلى الأرض.
استكشاف الكواكب: قفزة جديدة لصناعة الفضاء في الصين
في عام 2020، تم إطلاق مسبار المريخ الصيني “تيانون-1” وقام بالدوران حول المريخ وهبط على سطح المريخ بنجاح، وأجرت مركبة التجوال “تشورونغ” عمليات تفتيش واستكشاف، مخلفة ورائها بصمات صينية على المريخ للمرة الأولى. وحققت صناعة الفضاء في الصين قفزة من الاستكشاف داخل نظام الأرض-القمر إلى استكشاف الكواكب.
ووفقا للهيئة الوطنية الصينية للفضاء، تعمل الصين على تعزيز استكشاف الكواكب، ومن المقرر أن تطلق البلاد مهمة “تيانون-2” خلال عام 2025 لجمع العيانات من كويكب قريب من الأرض وإعادتها لدراسة تطور الكويكبات والتاريخ المبكر للنظام الشمسي، وتنفذ مهمة “تيانون-3” من خلال عمليتي إطلاق في عام 2028 للهبوط على المريخ وجمع عينات وإعادتها في عملية متكاملة واحدة. وتخطط البلاد أيضا خلال مهمتها “تيانون-4” لاستكشاف نظام المشتري لدراسة التاريخ التطوري لكوكب المشتري وأقماره وكشف أسرار البيئة الفضائية والبنية الداخلية له.
وبدوره، قال وو وي رن، الأكاديمي في الاكاديمية الصينية للهندسة وكبير مصممي برنامج استكشاف القمر الصيني، إن الصين بدأت التخطيط لبناء أول مختبر لعينات المريخ في العالم، وفي الوقت نفسه تعمق دراسة مهمة “تيانون-4” لتحقيق الاستكشاف المداري لكوكب المشتري وأقماره، ومن ثم الوصول إلى كوكب أورانوس. وبالنظر إلى التقدم الذي أحرزته مختلف دول العالم، فمن المتوقع أن تصبح الصين أول دولة تعيد عينات من المريخ إلى الأرض.
وفيما يتعلق باستكشاف الكويكبات، قال وو إن احتمال اصطدام كويكب بالأرض ضئيل للغاية، لكن إن حدث ذلك فأضراره ستكون جسيمة. ولذلك، أطلقت الصين خطة دفاعية تستهدف الكويكبات، ومن المتوقع أن تكون البلاد قادرة على إحداث تأثيرات حركية على كويكب يبعد عشرات الملايين من الكيلومترات من الأرض بحلول عام 2027، مما يتسبب في تغيير مداره، ومن المتوقع أيضا أن تكون البلاد قادرة على إجراء تقييم للتأثير في المدار.
ولم تتطور الكويكبات ذات الطاقة والحرارة المنخفضتين بشكل أساسي، ولا تزال تحتفظ بحالتها الأصلية عندما تم تكوين النظام الشمسي، ويمكن أن يساعد استكشاف الكويكبات في فهم ألغاز تكوين النظام الشمسي وأصل الحياة على الأرض وغيرهما من الأسرار العلمية بشكل أفضل.
المصدر وكالة شينخو