بعد تفكيك حلف وارسو:هل بقي هناك مبرّر لاستمرار حلف الناتو؟
بروكسل- 5-12-2019
انتهى المؤتمر الذي جمع قادة حلف شمال الأطلسي ،وأصدر الحاضرون بيانا ختاميا أكدوا فيه “تضامنهم ووحدتهم” برغم انقسامات حول الإنفاق والإستراتيجية سبقت قمتهم.
وقال البيان ” نحافظ على الأمن ويجب أن نتطلع إلى المستقبل معاً” مقرا بـ”التحديات” التي يمثلها تصاعد نفوذ الصين، ومتعهداً بتحرك أقوى”.
وأفاد الأمين العام لحلف شمال الأطلسي،ينس ستولتنبرغ، بأن القمة تطرقت إلى الحديث عن التحديات التي تمثلها الصين، مضيفاً “نعمل على تشجيع الصين على توقيع اتفاقات معنا”.
وأضاف في مؤتمر صحفي: “لدينا خطط لحماية جميع الأعضاء بما فيها دول البلطيق”، مضيفاً أن “كندا والدول من خارج أوروبا اتفقت على زيادة الإنفاق في الحلف”، كما اتفقت الدول الأعضاء على تشغيل أنظمة الجيل الخامس من الإتصالات، وذلك من خلال شبكات مؤمنة .
وحول الخلافات بين أعضاء الناتو، قال ستولتنبرغ”ليست بالأمر الجديد، وقوتنا تكمن في قدرتنا على تجاوزها”، داعيا إلى تعزيز البعد السياسي للناتو.
وأوضح ستولتنبرغ في مايتعلق بروسيا ، أن”حلف الناتو يفضّل الحوار مع روسيا، وعلينا تجنب سباق تسلح معها لأن ذلك سيكون مكلفاً وخطيراً”.
يشار إلى أن الزعماء عقدوا اجتماعات ثنائية أولية في لندن، أمس الأول ، انكشفت خلالها الخلافات الصارخة عندما انتقد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، الذي وصف هو نفسه الحلف في السابق بأنه عفا عليه الزمن”، نظيره الفرنسي إيمانويل ماكرون، بسبب تعليقاته الشهر الماضي عن “الموت السريري” للحلف، ما أغضب ترامب .
وردّ الرئيس الفرنسي أنه متشبث بموقفه بخصوص وصفه ، قائلا إن من المهم أن يناقش القادة القضايا بانفتاح وصراحة إذا أرادوا إيجاد حلول.
وأضاف ماكرون “أثارت تصريحاتي حول حلف الأطلسي بعض ردود الفعل، إنني أتمسك بها (التصريحات)، هذا عبء نتقاسمه”.
ومن ضمن شكاوى ماكرون الرئيسية أن تركيا، العضو في الحلف منذ عام 1952 والحليف ذا الأهمية القصوى في الشرق الأوسط، تصرفت بشكل مستقل على نحو متزايد، عندما توغلت في سوريا، وحملت السلاح ضد وحدات حماية الشعب الكردية السورية التي كانت متحالفة مع القوات الغربية ضد تنظيم “داعش”، وكذلك شراء أنقرة نظام الدفاع الصاروخي إس 400 من روسيا.
من جانبه اتهم ترامب حلفاء واشنطن بالتمتع بحماية القوة العظمى الأمريكية دون تحمل نصيبهم من عبء الأمن الجماعي.
يذكر أن 70 عاما مرت على إنشاء حلف شمال الأطلسي ،لضمان الأمن الجماعي لأعضائه، رابطا أمن الولايات المتحدة بأمن حلفائها الأوروبيين في مواجهة الإتحاد السوفييتي.
وكان الناتو قد وافق على تركيبة جديدة لتوزيع تكاليف الميزانية المركزية للحلف على أعضائه، وهي الميزانية التي تغطي تكاليف المقر الرئيسي في بروكسل والبرامج الأخرى التي يمولها الحلف.
وفي هذه الحالة، ستدفع الولايات المتحدة أقل مما كانت ملزمة به. لكن الجدل الخاص بتقاسم أعباء الحلف مسألة قديمة ولم يخترعها ترامب.
ويبدو أن ترامب يتعامل مع الناتو بنهج تجاري يميل إلى إبرام الصفقات، وغالبا لا يبدو عليه الإقتناع بأن بقاء الناتو قويا هو مصلحة لواشنطن كما هي مصلحة لحلفائها الأوروبيين.
ولم يعد خافيا أن مجرد الإحتفاظ بحلف شمال الأطلسي الذي أنشئ خصيصا لمواجهة الإتحاد السوفييتي وبلدان شرق أوروبا،هو ترجمة لنوايا السيطرة والعدوان والإبتزاز.
وأصبحت شعوب العالم تدرك أن الذراع العسكرية للدول الغربية(الناتو) لم يعد لها مبرر منطقي أو واقعي بعد أن تم تفكيك حلف وارسو الذي كانت تتذرع أمريكا وحلفاؤها بخطورته وإخافة الشعوب بنواياه.