ايران تتحرّك في الخليج لتشكيل قوة ايرانية خليجية بحرية
قال قائد القوات البحرية الإيرانية عن تشكيل قوة بحرية من بلدان المنطقة لحماية الأمن البحرى تضم إيران ودول الخليج، هذا التصريح يعد تطورا بالغ الأهمية، وسيغير العديد من معادلات الأمن فى المنطقة، وهذا ما تسعى اليه دول المنطقة ومعهم ايران التي كانت تريد القفز بثقلها في المنطقة…
تفاصيل هذا الموضوع وردت على لسان “الأدميرال شهرام إيرانى” قائد القوات البحرية الإيرانية بأنه سيتم قريبا تشكيل تحالف مشترك للبحرية الإيرانية مع دول المنطقة بما فى ذلك السعودية والإمارات وقطر والبحرين والعراق والهند وباكستان…
وبحسب مصادرنا هذا أهم سبب جاء من أجله وزير الخارجية الأمريكي الى المملكة العربية السعودية في الفترة السابقة، فأمريكا قلقة جدا من تطور العلاقات الخليجية العربية مع ايران التي عملت منذ عقود على شيطنتها وقد نجحت الى حد ما واذا الأوضاع تتغير بشكل سريع ومن دون مقدمات…
وأن دول المنطقة وصلت إلى نقطة تقول إنه إذا أريد الحفاظ على الأمن فى المنطقة، فيجب أن يتم ذلك من خلال التآزر والتعاون المتبادل، وأن هناك تحالفات جديدة قيد التبلور إقليميا ودوليا.
وعن التحالف البحرى بين إيران وروسيا والصين قال “إيرانى” إن هذا التحالف يجرى تطويره… وبات الخوف الأمريكي معلن ويثير القلق والغضب والخوف من أن يتطور ليصل لدول الخليج والشرق الأوسط ومنها تخسر نفوذها على المنطقة ككل وهذا ما بدأ يحصل فعلا…
وأخطر ما قاله الأدميرال الإيرانى هو أن المنطقة ستخلو من أي قوة غير مبرر تواجدها وستكون شعوب المنطقة هى المسيطرة فى مجالها الأمنى باستخدام جنودها، خاتما بأن كل دول منطقة شمال المحيط الهندى تقريبا باتت تعتقد أنه ينبغى عليها الوقوف بجانب إيران وتحقيق الأمر بشكل مشترك.
مرة أخرى من المنطقى أن يكون كلام الأدميرال الإيرانى به بعض المبالغات، لكن إذا صح أن بلدان المنطقة تبحث فعليا إنشاء هذه القوة المشتركة فسيكون الأمر انقلابا استراتيجيا كاملا فى المنطقة، لأنه يعنى تغير معظم المعادلات العسكرية القائمة فى المنطقة منذ اندلاع الثورة الإيرانية فى الأول من فيفري 1979 التى أطاحت بنظام حكم شاه إيران حليف الغرب ودخلت فى عملية تحدٍّ للمصالح الأمريكية والغربية والإسرائيلية فى المنطقة وماتزال.
وعلينا ألا ننسى أن الإمارات قررت الانسحاب قبل حوالى شهرين من القوة البحرية التى تقودها الولايات المتحدة وتضم 38 دولة وهدفها المعلن مكافحة الإرهاب والقرصنة فى منطقتى البحر الأحمر والخليج، والتقديرات أن السبب هو عدم وفاء واشنطن بتعهداتها عموما وخصوصا فى حماية السفن المارة فى الخليج.
ونعلم أن الخلافات الخليجية والعربية مع إيران منذ عام 1979 أعطت مبررا كبيرا لتواجد العديد من الجيوش الغربية خصوصا الأمريكية والبريطانية والفرنسية لحماية بلدان الخليج من التهديدات الإيرانية خصوصا فى أثناء حرب بين العراق وإيران 1980الى 1988.
ونعلم أيضا أن إيران دعمت الهجمات الحوثية ضد السعودية والإمارات فى السنوات الماضية، وهناك تقارير أنها كانت تقف بنفسها وراء بعض هذه الهجمات خصوصا الهجوم على حقول شركة أرامكو السعودية فى مارس 2022، وضد بعض المنشآت الإماراتية فى شهر جانفي 2022.
وهناك اتهامات خليجية للولايات المتحدة بأنها لم تنفذ تعهداتها بحماية البلدان الخليجية طبقًا للاتفاقات المبرمة. بل إنها حاولت ابتزازها للحصول على مزيد من الأموال وبيع صفقات السلاح خصوصا فى عهد دونالد ترامب.
وحتى شهور مضت كان الصراع الخليج الإيرانى على أشده، وكان المستفيد الأساسى منه شركات الأسلحة الغربية وإسرائيل، التى حلمت بأن تقيم علاقات حميمة واسعة مع بلدان الخليج تسمح لها بتقديم الحماية العسكرية ضد التهديدات الإيرانية…
ولكن النموذج السعودي الاماراتي العربي قد فجأهم وتغير واستغل التحولات العالمية الكبرى وأهم شيء قد حصل هي الحرب الأوكرانية الروسية كذلك الكشف على العديد من المخططات لثورات خليجية واعادة التقسيم لدول الخليج وعلى رأسها المملكة العربية السعودية التي كانت ضمن مخطط التقسيم والحرب الأهلية.
كذلك فشل الثورات العربية من تونس الى مصر الى سوريا والأوضاع اصبحت أكثر وضوحا وكما قال ولي العهد السعودي محمد بن سلمان “الظرفية مواتية لنقود العالم” وفعلا بدأت المملكة في تنفيذ خطتها الاستراتجية مع الصين وروسيا.
لكن المصالحة الإيرانية السعودية التى تمت قبل شهور فى بكين برعاية صينية وقبلها استئناف العلاقات الإماراتية الإيرانية، غيرت العديد من معادلات المنطقة، وسرعت من حلحلة بعض القضايا المزمنة مثل عودة سوريا للجامعة العربية وتهدئة الصراع فى اليمن.
الخلاصة:
إذ صح أن دول المنطقة سوف تشكل قوة بحرية لحفظ الأمن فى الخليج العربى فإن الكاسب الأكبر سيكون شعوب المنطقة العربية، بحيث تتفرغ المنطقة للبناء والتعاون والتنمية، وستكون إسرائيل والولايات المتحدة هى الخاسر الأكبر، لكن بشرط أساسى أنه تصدق إيران فى تعهداتها وتتوقف عن التدخل فى الشؤون الداخلية العربية، ولا تعتقد أن التطورات الأخيرة هى انتصار لها، بل انتصار للمنطقة بأكملها.
ومن الواضح أن هناك تطورات دراماتيكية تتم فى المنطقة، وعلينا أن ندرسها جيدا لنرى كيف يمكننا الحصول على أكبر قدر من المكاسب وأقل قدر من الخسائر.