الهند وقرار الانتشار العسكري عرض البحر الاحمر أي تحديات وأي طموحات
قسم البحوث والدراسات الإستراتجية والعلاقات الدولية 08-03-2024
وسط توترات جيوسياسية في منطقة البحر الأحمر أعلنت القوات التابعة للبحرية الهندية نيودلهي، عن تدشين قاعدة عسكرية تابعة لها، إنجاز يدل على مدى تزاحم الدول لكسب مزيد من النفوذ في هذا الممر البحري الذي يشهد أعنف مقدرات القوى العسكرية المتنافسة عرض أكثر طرق التجارة البحرية استراتيجية بين أوروبا آسيا و إفريقيا.
80 في المائة هو معدل التجارة الهندية مع دول أوروبا التي تقدر بنحو 15 مليار دولار شهرياً، عبر البحر الأحمر المستهدف من قبل المقاومة اليمنية. لقدت أدت الحرب المندلعة عرض البحر إلى ارتفاع تكاليف الشحن وارتفاع أسعار النفط وهو تضخم، سينعكس على اقتصاد الهند بشكل لافت حيث أجبر الحوثيين شركات الشحن على إعادة توجيه التجارة بين أوروبا وآسيا حول أفريقيا.
وبالرغم من عدم انضمام الهند الى التحالف الدولي “حارس الازدهار الا وأن مصالحا الاقتصادية والعسكرية كقطب أفل نجمه هنام جعلها تظهر هي الأخرى في الصورة الحربية ضمن تكتيك دفاعي هجومي جديد من خلال تدشينها “القاعدة العسكرية لنيودلهي” تصديا للتهديدات الأمنية وعمليات القرصنة.
انتشار عسكري هندي غير مسبوق قرب البحر الأحمر
رغم عدم مشاركتها في التحالف الذي أنشأته الولايات المتحدة في البحر الأحمر، قامت الهند بتعزيز وجودها في المنطقة الممتدة من شمال ووسط بحر العرب إلى خليج عدن، وأرسلت 10 سفن حربية بدلاً من اثنتين تتمركزان عادة في المنطقة.
وتسعى الهند من خلال رفع مستوى تواجد قوتها البحرية العسكرية إلى حماية السفن التي ترفع علم الهند في المقام الأول ولكن ذلك لا يمنع أنها كانت من أول المستجيبين في عدد من الحوادث الأخيرة، حيث استجابت مدمرة الصواريخ الموجهة الهندية “آي إن إس فيساخاباتنام” لنداء استغاثة من سفينة تابعة لشركة نقل بضائع مملوكة من الولايات المتحدة “جينكو بيكاردي” حين تعرضت لهجوم بطائرة بدون طيار في خليج عدن.
في تقرير نشرته صحيفة “وول ستريت جورنال”، إن الهند سعت من خلال ذلك لتعزيز التعاون مع الجهد الأميركي لمواجهة عمليات جماعة الحوثي اليمنية في البحر الأحمر، ولكنها في نفس الوقت تجنبت الانضمام رسمياً للتحالف الذي أنشأته واشنطن، لضمان المرور الآمن للسفن في البحر الأحمر حفاظاً على علاقتها بطهران، حيث تقول أميركا إن هجمات الحوثيين على السفن مدعومة من قبل إيران.
طموح الهند نحو التفوق الجيوسياسي
يشير التحول الحالي إلى أن نيودلهي تتحرك الآن إلى ما هو أبعد من تأمين المصالح التجارية وتشمل أهداف الهند الطويلة الأجل طموحات إلى التفوق الجيوسياسي وترسيخ مكانتها في عالم متعدد الأقطاب.
إن تورط الهند في البحر الأحمر يمكن أن يؤدي إلى زعزعة استقرار الشبكات التجارية وإمدادات الموارد النفطية التي تعتبر ضرورية لطموحات البلاد الاقتصادية. وتهدف الهند إلى أن تصبح ثالث اقتصاد في العالم بحلول عام 2030، وهي حساسة تجاه التهديدات التي يتعرض لها اقتصادها ومواردها من الطاقة.
ويشكل البحر الأحمر، ومضيق باب المندب، وقناة السويس، أهمية بالغة للاقتصاد العالمي- الهندي.وفقا لمعهد ابحاث الاقتصاد العالمي فأنه من المنتظر أن يخسر الاقتصاد الهندي قدراً كبيراً بسبب انعدام الأمن الإقليمي حيث يبلغ حجم التجارة البحرية للدولة نحو 200 مليار دولار كل عام ، وهي التجارة التي تتدفق عبر طريق قناة السويس–البحر الأحمر حول رأس الرجاء الصالح. أزمة إقليمية يمكن أن تكلف الهند 30 مليار دولار أمريكي، وتخفض الصادرات بنسبة 6.7 بالمائة.
وقد تؤدي الأزمات الإقليمية أيضاً إلى تعريض إمدادات الطاقة في الهند للخطر، لا سيما في ظل تزايد استهلاك النفط في الهند بمعدل غير مسبوق ما يجعلها ثالث مستهلك للنفط في العالم.
فالهند مستورد رئيسي للنفط الخام الروسي، ولاعب رئيسي في تصدير المنتجات البترولية إلى أوروبا عبر قناة السويس.
ووفقاً لإدارة معلومات الطاقة الأمريكية، كانت الهند ثالث لاعب من حيث حجم النفط الخام والمنتجات البترولية المرسلة شمالاً إلى أوروبا عبر قناة السويس في النصف الأول من عام 2023، كما يشكل حجم واردات النفط الخام الروسي إلى الهند مصدر القلق الأكبر حيث بلغ في النصف الأول من عام 2023 نحو 4 ملايين برميل من النفط الخام عبر قناة السويس إن انعدام الأمن في هذه المنطقة من شأنه أن يلحق ضرراً بالغاً بإمدادات النفط التي يحتاجها الاقتصاد الهندي المتنامي .
خلاصة:
القرصنة هي أحدى أهم التقنيات الإجرامية للميلشيات المتحاربة على أعتاب البحر والدول المشاطئة له حيث أعلنت الصومال وأثيوبيا سيادتها الخالصة وأحقيتها في الإتاوات البحرية للسفن العابرة أمامها… عائدات إجرامية هامة للمجموعات المسلحة المرابطة هنا وهناك بينما توفر المقاومة اليمنية صيدا ثمينا لهؤلاء يبدو المتضرر الأكثر عرضة هو الهند.
فوفقا لمسؤولون عسكريون ودفاعيون هنود عن القوات الخاصة التابعة للبحرية، 250 سفينة وزورق قرصنة استهدف التجارة الهندية وحول وجهتها الى طريق غير معلوم وأضافوا أن البحرية الهندية سجلت ما لا يقل عن 17 حادث خطف وهو مادفع بالقوات المحاربة الهندية الى النزول على الميدان.