أخبار العالمالشرق الأوسطبحوث ودراسات

الملف النووي الإيراني ومفوضات النفط من عقدة الغرب الى غريزة الانتقام

لعل مستوى الجهل بمعلومات وحقائق دقيقة حول البرنامج النووي يتزايد يومًا بعد يوم في ترك حيرة أو لغز كبير لدى المجتمع الدولي ولدى الوكالة الدولية للطاقة الذرية نفسها، وهي التي سبق أن اشتكت من منعها من تفتيش مواقع بعينها من قبل السلطات الإيرانية، ما يفسر عدم إلمامها بالكثير من المعلومات والحقائق اليقينية حول وصول إيران للعتبة النووية وامتلاكها التكنولوجيا والمواد اللازمة لتصنيع القنبلة النووية وتصريح المرشد الأعلى الإيراني أنه بات في الحسبان تغيير الأهداف النووية الإيرانية تقويض للفتوى الاولى .

إن ما يثير الجدل حول إمكانية تعامل العالم مع إيران “كقوة نووية” ما كشفه اجتماع سري لمجموعة “آسبن الإستراتيجية الأمريكية” المكونة من عدد من رجال الأعمال النافذين في أمريكا بجانب مشرعين من الحزبين الجمهوري والديمقراطي وسياسيين عرب…، وقد أكدوا في خلال مناقشاتهم لعدد من الأمور الاستراتيجية المتعلقة بمستقبل الولايات المتحدة الأمريكية إمكانية التعامل والتعاطي مع إيران كقوة نووية في المستقبل قادرة على مواجهة المفاوضات بورقة النفط.

بالتالي سيكون سلاح إيران في التفاوض على تلك النقطة هو “النفط” الذي باتت تعاني الأسواق الدولية من ندرته في ظل الحرب الروسية ــ الأوكرانية وحرب الشرق الأوسط والجبهات والمقاومة… وما خلفته من تبعات تعطش الأسواق العالمية للنفط والغاز، وهي الوسيلة الوحيدة التي تلعب بها إيران في حربها التفاوضية مع الدول الكبرى.

لعل أزمة الولايات المتحدة الأمريكية في التعامل مع إيران كقوة نووية يتمثل في أمرين لهما من الوجاهة ما يجعل مراكز الفكر الإستراتيجية الأمريكية تسعى من جانبها لمحاولات تقويض برنامج إيران النووي وهما:

أولًا: الرغبة الإسرائيلية في تقويض برنامج إيران النووي حتى تصبح تل أبيب هي القوة النووية الوحيدة في منطقة الشرق الأوسط أو المنطقة العربية بالكامل.

ثانيًا: الخوف الأمريكي من سباق تسلح في المنطقة العربية، إذ إن حصول إيران على السلاح النووي يفتح الباب على مصراعيه أمام سباق تسلح عربي كبير، وهو ما وضعه اجتماع مجموعة “آسبن” في الاعتبار، وحصروا مخاوف سباق التسلح النووي في دولتين مهمتين في المنطقة العربية وهما “مصر والمملكة العربية السعودية”.

ولعل امتلاك إيران للسلاح النووي أو حتى وصولها للعتبة النووية هو جرس إنذار للدول العربية بأن تكون على أتم اليقظة الأمنية الصارمة، في ظل وجود تحول جديد في المنطقة، وهو التحول الذي يفتح الباب أمام عدم الإيمان المطلق أو الثقة المطلقة من الدول العربية في التعاطي الأمريكي مع المتغيرات الجديدة. وصلت هذه العمليات الى حد “مبايعة الشيطان الأعظم ومهادنته من قبل دول عربية “.

بنفس الإصرار الذي تتحلى به النخبة الإيرانية لامتلاك سلاح نووي، يسعى المجتمع الدولي لعرقلة امتلاك إيران تلك القوة بشكل أساسي خلال تلك الفترة، وحتى مرحلة ما قبل توقيع الاتفاق النووي في فيينا عام 2015، وهو الاتفاق الذي خرج منه الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب، على اعتبار أنه اتفاق ناقص لم يحقق الهدف المنشود منه، فضلًا عن أن إيران سبق أن خرقت ذلك الاتفاق.

تكمن الرؤية الأمريكية في مسألة محاصرة النفوذ الإيراني في منطقة الشرق الأوسط وتلعب اسرائيل دورا كبيرا من خلال تطويق الحدود الإيرانية وتكثيف الموساد والعملاء والجوسسة من الخارج والداخل من قريب ومن بعيد ،محاولات الاختراق ،ضرب الإستقرار، بث الفتنة والفوضى، تصدير الإرهاب، صنع المؤامرات، تنفيذ الاغتيالات… واسرائيل لها تاريخ أسود يغرق في بحر الاغتيالات والغدر سمة كل فكر صهيوني.

فصمود ايران ضد هذا كله وأكثر زاد من رغبتهم في هدم أيران كما هدموا بغداد من قبل… إيران خرقت الاتفاق النووي منذ لحظة توقيعه، وهو ما أكده بهروز كمالوندي، المتحدث باسم  منظمة الطاقة الذرية الإيرانية، والذي أكد انه حصل على أمر مباشر من المرشد الأعلي لإيران علي خامنئي بضرورة تغيير أنابيب الوقود والتي تم صب الأسمنت فيها لتعطيلها بموجب الاتفاق النووي، فضلًا عن الاستمرار سرًا في تخصيب كمية من اليورانيوم.

بالإضافة إلى مماطلة كبيرة من إيران في مسألة السماح للمفتشين الدوليين التابعين للوكالة الدولية للطاقة الذرية من الوصول إلى أماكن معينة داخل المفاعلات النووية المشبوهة لأنها بإختصار لا تثق في الوكالة التي لها تاريخ أسود وأنها تعمل تحت أوامر أمريكية صهيونية.

تكمن الأزمة الأخرى في الذهن الغربي المتعصب  أن إيران تقوم بتمويل ما يسمونها الميليشيات المسلحة في عدة دول عربية وهي الحشد الشعبي وحزب الله العراقيين فضلًا، علاوة على الحوثيين في اليمن، وحزب الله في لبنان، وحركة حماس والجهاد الإسلامي في قطاع غزة، وعدد من الفصائل السورية، وقد سبق أن تباهت النخب العسكرية الإيرانية بأن إيران باتت تسيطر على خمسة عواصم عربية في المنطقة من خلال توحيد جبهات القتال… فإيران وحدت المقاومة وصنعت جبهات من كل حدب وصوب وبنت طوقا دفاعيا  لضرب النخاع الامريكي- الصهيوني المعربد مع طباعه.

كان ذلك قد سبق أن أثار تساؤلًا حول طبيعة شكل المنطقة حيث زودت إيران تلك الميليشيات المترامية في المنطقة بأسلحة متطورة أو صواريخ باليستية قادرة على حمل رؤوس نووية ففي  وقت قريب باتت إيران تمثل قوة نووية في منطقة الشرق الأوسط.

حالة استنفار كبرى شهدها العالم بأسره على اثر تحطم طائرة بالقرب من الحدود الأذرية فيما تتضارب الروايات حول السر وراء مقتل زعماء وقادة ايران.

لكن هؤلاء تركو فكرا وأيديولوجية وأجيالا أذكى بكثير من كل فكر خائن وجبان وعلى دول الغرب التعامل مع سيناريو المستقبل بقدر من اليقظة والمسئولية على المستويين العقائدي والإيديولوجي والأمني والتكتيكي لأن بلاد فارس والحضارة الفارسية وعبر التاريخ نشأت وتربت على العقائدية القوية التي لا تتزعزع ولأن التاريخ لا يرحم.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة


زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق
إغلاق