المقاومة تفقأ عين الإحتلال: حزب الله يقصف قاعدة “ميرون” العسكرية الإسرائيلية
قسم البحوث الأمنية والعسكرية 06-01-2024
قاعدة “ميرون” العسكرية الإسرائلية تخرج عن الخدمة
هذه المرة الأولى خلال هذه المواجهة التي يتم فيها استهداف “جبل ميرون” وقاعدته العسكرية، التي تعدّ مركزاً استراتيجياً على مستوى الكيان ككلّ، ومركز القيادة الأمني والعسكري الأساسي للحرب الجوية والاستخبارية على مستوى الجبهة الشمالية.
أعلنت المقاومة الإسلامية في لبنان – حزب الله، صباح اليوم السبت، استهداف قاعدة ميرون العسكرية الإسرائيلية، الواقعة على قمة جبل الجرمق، بأكثر من 60 صاروخاً من أنواع مختلفة، وهي المرة الأولى التي يتم فيها استهداف هذا الجبل الذي يعدّ مركزاً استراتيجياً على مستوى الكيان ككلّ، ومركز القيادة الأمني والعسكري الأساسي على مستوى الجبهة الشمالية، خلال هذه المواجهة.
فما هي أهمية استهداف قاعدة ميرون الإسرائيلية على المستويات العسكرية والاستخبارية والجبهة الداخلية للاحتلال؟
وما هي دلالات استهدافها وتبعاتها على الحرب الدائرة؟
قاعدة ميرون مركز للحرب الإلكترونية في المنطقة
تقع القاعدة على بعد 8 كيلومترات عن آخر نقطة حدودية مع لبنان، في مقابل بلدات رميش ويارون ومارون الراس اللبنانية في القطاع الأوسط، وتتربّع على قمّة جبل الجرمق في شمال فلسطين المحتلة، وهي أعلى قمة جبل ضمن الأراضي المحتلة عام 67.
وترتفع القاعدة عن البحر نحو 1200 متر، كما تنتشر منشآتها الظاهرة والأساسية على مساحة تصل إلى 150 ألف مترمربّع، فيما يعتقد أنّ قسماً كبيراً من المناطق المحيطة بها تابعة لها ولأنشطتها العسكرية والاستخبارية.
وقد أعلن بيان المقاومة أنّ قاعدة ميرون هدفها الأساسي المعلن هو المراقبة الجوية، حيث تعدّ المركز الوحيد للإدارة والمراقبة والتحكّم الجوّي في شمال فلسطين المحتلة، من دون أن يكون للاحتلال مراكز قيادة بديلة معلن عنها، ولا سيما أنها واحدة من قاعدتين أساسيتين في كامل فلسطين المحتلة، الأخرى هي “متسبيه رامون” جنوباً.
وبحسب بيان المقاومة الصادر اليوم، تُعنى قاعدة ميرون بتنظيم وتنسيق وإدارة كامل العمليات الجوية باتجاه سوريا ولبنان وتركيا وقبرص، والقسم الشمالي من الحوض الشرقي للبحر الأبيض المتوسط، كما وتُشكّل هذه القاعدة مركزاً رئيساً لعمليات التشويش الإلكتروني على الاتجاهات المذكورة، ويعمل في هذه القاعدة عدد كبير من نخبة الضباط والجنود الإسرائيليين.
وبحسب تقرير نشرته مجموعة أبحاث متخصصة في ولاية تكساس الأميركية منذ أشهر، وأضاءت عليه الصحافة الإسرائيلة، أظهرت نتائج تتبّع أجهزة تحديد المواقع المدنية أنّ مشاكل في تحديد أماكن بعض الطائرات المدنية تطرأ في المنطقة وبشكل خاص فوق جنوبي لبنان وشمالي فلسطين المحتلة، وبعد عدة عمليات رصد دقيق لإشارات التشويش التي تؤدي إلى تعطيل قدرة المستقبلات على اكتشاف موجات الأقمار الصناعية، تمّ تحديد جبل ميرون بالتحديد كمصدر للتشويش ضد أجهزة الـGPS المدنية.
وبالفعل فقد تعطّلت أنظمة تحديد المواقع عبر الأقمار الصناعية بالكامل في الأسبوع الأول بعد عملية طوفان الأقصى، حيث ذكرت وسائل إعلام إسرائيلية أنّ الهدف من تعطيلها خشية الاحتلال من استعمال هذه الأجهزة لتوجيه ضربات دقيقة ضد الكيان بالصواريخ أو المسيّرات أو غيرها من الوسائل الحربية.
كذلك، يكتسب الموقع الجغرافي للقاعدة أهمية كبرى، فهو يكشف قسماً كبيراً من الجغرافيا اللبنانية بشكل مباشر، ويشرف عليها بالرؤية، كما تشرف عليها أجهزة البثّ والاستقبال، ما يتيح قدرة هائلة على التحكّم والاتصال من القاعدة إلى لبنان، وتدعمها بالنسبة لسوريا الرادارات وأجهزة البث والاستقبال الموجودة في قمم جبل حرمون المحتل، والمشرف على الجغرافيا السورية.
وبالتالي فإنّ هذه القاعدة، إضافة إلى كونها تاريخياً مقراً للعمليات الجوية ورادارات الرصد في الجبهة الشمالية للاحتلال، اكتسبت في السنوات الأخيرة قيمة إضافية مضاعفة مع دخول المسيّرات الحربية إلى الخدمة بشكل أكبر بكثير مما كان عليه الوضع منذ عقود.
فبعد أن أصبح اعتماد “جيش” الاحتلال على المسيّرات للرصد الاستخباري في لبنان وحتى في سوريا بشكل شبه يومي، أصبحت القاعدة مركز القيادة الأساس للعمليات الجوية المسيّرة ضد لبنان وسوريا، وأبرز ما تؤمّنه هو اتصال مباشر بالمسيّرات يسمح بعدم فقدان التواصل معها أو يصعّب عمليات التشويش على إشارتها، إضافة إلى كونها تسهّل سير العمليات العسكرية لكون أجهزة الاتصال وغرف القيادة والرادارات متمركزة بمعظمها في جبل ميرون.
قدرات رصد استخباري متقدّمة
تمتلك القاعدة، بسبب ما ذكرناه من إشراف واسع على الجغرافيا اللبنانية، القدرة على استقبال وبثّ الاتصالات اللاسلكية على أنواعها نحو لبنان، وهي بالتالي عنصر أساسيّ في حركة التواصل مع العملاء، إضافة إلى كونها عنصراً أساسياً كذلك في حركة تعقّب الاتصالات اللاسلكية ورصدها والتجسس عليها.
كما تؤمّن الكاميرات الضخمة وأجهزة الرؤية الحديثة إشرافاً ذا أهمية استراتيجية على جزء كبير من الحدود بين لبنان وفلسطين المحتلة، وعلى المواقع الإسرائيلية وما يقابلها في لبنان، وهي بالتالي تعدّ رافداً أساسياً لقدرات الجمع الاستخباري التي كانت موجودة في المواقع الإسرائيلية الحدودية، والتي استهدفتها المقاومة خلال الأسابيع الفائتة ودمّرتها.
استهداف قاعدة ميرون الجوية
لم تكن القاعدة العسكرية، منذ بداية التصعيد العسكري الأخير في جنوب لبنان، بمنأىً عن التهديدات، وهو ما ذكره العديد من محللي الاحتلال أثناء حديثهم عن التطورات المحتملة لبنك أهداف المقاومة.
ويأتي ذلك بشكل خاص بعد أن سبق واستهدفت المقاومة هذه القاعدة في عام 2006 خلال حرب تموز بقصف صاروخي متكرّر، وقد أدى استهداف ميرون إلى مقتل مستوطنين 2 وجرح 5 آخرين بحسب اعترافات العدو.
واليوم، في الحرب الدائرة في جنوب لبنان منذ 3 أشهر بين حزب الله و”جيش” الاحتلال الإسرائيلي، يشكّل استهداف هذه القاعدة ضربة نوعية للمقاومة، لا تتوقّف حدودها عند الآثار المباشرة فقط.