أخبار العالمإفريقيا

المغرب ينافس الكبار على المقعد الدائم لأفريقيا في مجلس الأمن وسط معادلات دولية معقدة

بعد مرور أكثر من سبعين عاماً على تأسيس الأمم المتحدة، لا تزال القارة الأفريقية، رغم وزنها الديموغرافي والسياسي الكبير، خارج معادلة العضوية الدائمة في مجلس الأمن الدولي، وهو ما أعاد طرح ملف الإصلاح الأممي إلى الواجهة مع تصاعد المطالب بتمثيل القارة السمراء داخل الهيئة العليا لصنع القرار العالمي.

ويبرز المغرب بين أبرز الدول المرشحة لهذا المقعد، إلى جانب جنوب أفريقيا ونيجيريا ومصر وإثيوبيا، إذ يراهن على مزيج من الحضور الدبلوماسي الفاعل، والعمق الإقليمي، والتحالفات المتعددة الاتجاهات. وتستند الرباط إلى سجلها في الوساطة الإقليمية، ومشاركتها في عمليات حفظ السلام، وموقعها الجيوسياسي الرابط بين أفريقيا وأوروبا والعالم العربي، لتقديم نفسها كمرشح قادر على تمثيل القارة بمسؤولية وواقعية.

ويأتي هذا الطموح في ظل دعم متنامٍ داخل الأمم المتحدة لإصلاح بنية مجلس الأمن، حيث وصف الأمين العام أنطونيو غوتيريش في عام 2024 غياب أفريقيا عن العضوية الدائمة بأنه «أكبر ظلم مؤسسي»، فيما أبدت الولايات المتحدة تأييدها لإضافة مقعدين دائمين للقارة. إلا أن العقبة الأبرز تبقى في تعديل ميثاق الأمم المتحدة، وهو مسار يتطلب موافقة الدول الخمس الدائمة التي لا تبدو مستعدة للتنازل عن امتيازات الفيتو.

ويراهن المغرب على مقاربة تدريجية لتحقيق هدفه، تشمل بناء توافق أفريقي حول ترشيحه، وتعزيز حضوره الاقتصادي والدبلوماسي في القارة، والانفتاح على القوى الكبرى، ولا سيما الولايات المتحدة وفرنسا والصين. كما يحرص على ربط طموحه بمطالب أفريقيا الجماعية، انطلاقاً من التزامه بمبادئ «توافق إزولويني» و«إعلان سرت»، اللذين يدعوان إلى تمثيل عادل وشامل للقارة داخل مؤسسات الأمم المتحدة.

غير أن الطريق إلى المقعد الدائم لا يخلو من التحديات، إذ تواجه الرباط منافسة قوية من دول ذات ثقل سياسي واقتصادي، كما أن ملف الصحراء الغربية يظل نقطة حساسة قد توظفها بعض الأطراف لعرقلة ترشيحها. ومع ذلك، تعمل المملكة على تحويل هذه القضية إلى رصيد دبلوماسي يعزز صورتها كقوة استقرار، مدعومة بتأييد متزايد لمقترح الحكم الذاتي.

وبين التعقيدات القانونية والمنافسة الإقليمية، يسعى المغرب إلى تكريس حضوره الدولي عبر تنويع شراكاته الاقتصادية والاستراتيجية، وتقديم نفسه كنموذج للحكم الرشيد والاستقرار في أفريقيا. فحتى إن لم يتحقق الإصلاح الأممي قريباً، يبقى هذا الطموح جزءاً من رؤية بعيدة المدى لتعزيز نفوذ المملكة على الساحة الدولية، وترسيخ مكانتها ضمن القوى الصاعدة في الجنوب العالمي.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق
إغلاق