المصالحة الخليجية..عين على البيت الداخلي وأخرى على إيران
الرياض-السعودية-06-01-2021
اختتمت،أمس الثلاثاء، القمة الـ41 لمجلس التعاون الخليجي في العلا، بالمملكة العربية السعودية،والتي حضرها أمير قطر تميم بن حمد آل ثاني بعد مقاطعة له ولبلاده من قبل السعودية ومصر والإمارات والبحرين بسبب خلاف عميق حول احتضان قطر ودعم جماعة”الإخوان” التي صنفتها هذه الدول”إرهابية”.
وكان الرباعي العربي قطع علاقاته مع قطر في يونيو 2017، متهما إياها بالتقارب مع إيران وتمويل حركات إسلامية متطرفة.
وبعد قطع العلاقات، أصدرت الدول الأربع قائمة تضم 13 شرطا، طلب من قطر تنفيذها لرفع الحصار شملت إغلاق شبكة “الجزيرة” الإعلامية وخفض مستوى العلاقات مع تركيا وإيران، لكن الحصار دفع قطر في نهاية المطاف إلى التقارب بشكل أكبر مع هذين البلدين.
وعقب قمة العلا، قال الأمير فيصل بن فرحان بن عبدالله وزير الخارجية السعودي، إن ما تم الإتفاق عليه في قمة العلا يأتي بفضل “حكمة قيادات المجلس الأعلى لدول التعاون الخليجي والأشقاء في مصر، وهو طي كامل لنقاط الخلاف وعودة كاملة للعلاقات الدبلوماسية”.
وذكر وزير الخارجية السعودي في سلسلة تغريدات له على تويتر، أن البيان الختامي”تضمن التزام كل من الدول بإنهاء كل الموضوعات ذات الصلة، انطلاقًا من حرصها على ديمومة ما تضمنه البيان، وأن يتم من خلال المباحثات الثنائية تعزيز التعاون والتنسيق فيما بينها خاصة في مجالات مكافحة الإرهاب، والجرائم المنظمة بجميع صورها”.
وأضاف أن “الدول الأطراف أكدت تضامنها في عدم المساس بسيادة أي منها أو تهديد أمنها، أو استهداف اللحمة الوطنية لشعوبها ونسيجها الإجتماعي بأي شكل من الأشكال، ووقوفها التام في مواجهة ما يخل بالأمن الوطني والإقليمي لأي منها”.
من جانبه، أعلن الأمين العام لمجلس التعاون الخليجي، نايف فلاح الحجرف، مساء أمس الثلاثاء، توقيع قادة وفود دول الخليج على البيان الختامي لقمة مجلس التعاون الخليجي.
وعلى أثر اختتام القمة التي حضرها وزير الخارجية المصري،سامح شكري،وردت انباء عن وصول وزير مالية قطر الى مطار القاهرة الدولي في “زيارة مفاجئة” ستدوم يومين لدراسة استثمارات قطرية في مصر.
كما تحثت تقارير عن أن الدوحة أعلمت الكويت” بالتزامها الكامل” بشروط وضعتها القاهرة مقابل إعادتها الى الحضن الخليجي ورفع الحصار عنها. .
كما تجدر الإشارة هنا إلى أن الدوحة كانت مهددة بفقدان تنظيم كأس العالم القادمة حسب قوانين” الفيفا” إذا لم تفتح السعودية حدودها البرية مع قطر، إذ أن أبرز شرط تضعه الفيفا على عاتق الدولة المنظمة لكأس العالم، هو تمتعها بمنافذ برية مفتوحة،وهو ما لم يكن متوفرا لقطر في صورة ما إذا واصلت السعودية اغلاق حدودها البرية معها.
وصدرت عن القمة قرارت تضمنها البيان الختامي،ومن أبرزها:
موافقة قادة دول الخليج على تعديل المادة السادسة في اتفاقية الدفاع المشترك، وذلك بتغيير مسمى قيادة “قوات درع الجزيرة المشتركة” إلى “القيادة العسكرية الموحدة لدول مجلس التعاون”.
كما صادق قادة دول الخليج ، بحسب البيان الختامي، على قرارات مجلس الدفاع المشترك في دورته السابعة عشرة، بشأن مجالات التكامل العسكري بين دول مجلس التعاون.
وأكدوا على “دعم جهود التكامل العسكري المشترك لتحقيق الأمن الجماعي لدول المجلس”، وأعربوا عن ارتياحهم للخطوات المبذولة في تفعيل عمل القيادة العسكرية الموحدة.
وكان مجلس الدفاع المشترك قد عقد دورته السابعة عشرة عبر الإتصال المرئي يوم 22 نوفمبرالماضي برئاسة محمد بن أحمد البواردي وزير الدولة لشؤون الدفاع الإماراتي.
واختتم أعضاء مجلس الدفاع المشترك بدول مجلس التعاون اجتماعهم بحزمة من القرارات والتوصيات أهمها المساهمة في دفع مسيرة التعاون والتطوير للإرتقاء بالقدرات العسكرية وتسخير كافة الصعاب والتحديات لتحقيق الأهداف المشتركة للقوات المسلحة في دول مجلس التعاون.
وأشار البيان الختامي إلى أن قادة دول الخليج صادقوا في القمة على قرارات وزراء الداخلية في اجتماعهم السابع والثلاثين، مؤكدا “على أهمية تعزيز العمل الأمني الخليجي المشترك لضمان أمن واستقرار دول المجلس”.
وفيما يتعلق بجهود مكافحة الإرهاب، أكد البيان الختامي” على مواقف وقرارات مجلس التعاون الثابتة تجاه الإرهاب والتطرف، أياً كان مصدره ونبذه لكافة أشكاله وصوره، ورفضه لدوافعه ومبرراته، والعمل على تجفيف مصادر تمويله”.
وأكد قادة دول الخليج على “أهمية تعزيز ثقافة التسامح والتعايش والحوار”،ودعوا “كافة قادة دول العالم والمفكرين وأصحاب الرأي إلى تحمل المسؤولية الكبرى التي تقع على عاتق كل من يسعى إلى السلام والتعايش لنبذ خطابات الكراهية وإثارة الضغائن وازدراء الأديان ورموزها، واحترام مشاعر المسلمين في كل أنحاء العالم”.
ولا تفوت الإشارة هنا إلى أن إدارة ترامب المنتهية ولايته ضغطت بشكل واضح كي تتحقق المصالحة مع قطر،حيث
بحث وزير الخارجية الأمريكي في اتصال هاتفي مع نظيره القطري مستجدات الأزمة الخليجية.
وقد سبق للرئيس ترامب أن أرسل وزير خارجيته الحالي، مايك بومبيو، إلى الخليج للتعبير عن المخاوف الأمريكية حيال أزمة الخليج. وعلّق بومبيو في تصريحات مشتركة مع وزير الخارجية السعودي السابق عادل الجبير، بأن “وحدة الخليج ضرورية ونحن بحاجة إلى تحقيقها”.
وشدد ترامب على نفس الرسالة مع الأمير تميم بن حمد القطري خلال مكالمة هاتفية، مشيرًا إلى “أهمية وحدة الخليج للحد من التهديدات الأمنية الإقليمية وضمان الإزدهار الإقتصادي في المنطقة”.
وكانت صحيفة “باديشه تسايتنوغ” الألمانية قد تحدثت في التاسع من ديسمبر 2020)عن مغزى هذا التوقيت لحل أزمة دامت أكثر من ثلاث سنوات،وقالت إن قطر “تحتضن قطر أكبر قاعدة عسكرية أمريكية في الشرقين الأدنى والأوسط، كما تتمركز القوات الأمريكية في السعودية والإمارات. وتقع القاعدة البحرية للأسطول الأمريكي الخامس، الذي يعمل في الخليج والبحر الأحمر، في البحرين. بالإضافة إلى ذلك، تصر السعودية والإمارات على إشراكهما في المحادثات النووية مع طهران التي أعلن عنها جو بايدن. ولهذه الغاية، سيتعين على دول الخليج بلورة رؤية مشتركة بهذا الشأن”.
وقد دابت واشنطن على العمل على احتواء أزمة الخليج وتسويتها،وترى أنه إذا ما تُرك الصراع ليتفاقم فسيؤدي إلى تقويض الجهود الإستراتيجية الأمريكية الأوسع لاحتواء إيران، إذ لا تستطيع الولايات المتحدة التصدي بفعالية لما تسميه”التهديد” الإيراني من دون ضمان أن يتوفر لديها قاعدة حليفة موحدة في المنطقة.