أخبار العالمبحوث ودراسات

المستقبل لحرب الغوصات… من حاملات الطائرات الى عصر الغواصات

إعداد فاتن جباري: قسم البحوث والدراسات الأمنية والعسكرية

تونس 08-03-2024

  لطالما عرف تفوق الولايات المتحدة في الحروب بإستراتيجية “معركة منتصف الطريق” من خلال أسطولها من حاملات الطائرات، التي تجوب المحيطات والبحار فارضة هيمنة عسكرية على باقي الدول وحماية لدول أخرى، معلنة في الآن ذاته سباق تسلح دولي.

لكن عصر حاملات الطائرات يبدو في طريقه إلى الأفول تدريجياً، وقد لا نرى خلال العقد المقبل أي أثر لها في مياه البحر الأحمر أو الخليج العربي أو مضيق هرمز.

ويتوقع المراقبون، بحسب تقرير “مجلة بوبيولار ميكانيكس”، زوال حاملات الطائرات التي ظهرت منذ عام 1945 متفوقة على البوارج الحربية التي تعمل بالطاقة النووية، ذلك أن التجربة قد
أثبتت عدم فاعليتها المطلوبة عند حركة الهجوم أو الدفاع أمام رشقات العدو.

 كما أن الحاملات غير مجهزة للتعامل مع جيل جديد من الأسلحة الهجومية، بما في ذلك “الطوربيدات” العالية السرعة، والصواريخ البالستية المضادة للسفن، والأسلحة التي تفوق سرعة الصوت، إمكانية انقراض هذه الحاملات أمام جيل حربي حديث أمر وارد جدا، وهو ما دفع بالخبراء إلى وضع بعض الأفكار المثيرة حول ما يمكن أن يحل محلها.

تعد السفينة الحربية الأميركية “جيرالد فورد” أحدى رموز قوة العتاد الحربي الأمريكي حيث  كلفت 13 مليار دولار كسفينة قائمة بذاتها من دون حساب الـ74 طائرة التي تكون طاقمها الجوي من مقاتلات سوبر هورنيت، إلى طائرات الهليكوبتر من طراز MH-60R سيهاوك، التي تبلغ تكلفتها 5 مليارات دولار إضافية، ناهيك عن نفقات صيانة وإدارة المقاتلات على متن الحاملة، التي تتخطى الـ44 ألف دولار في الساعة لطائرة أف 35 سي التي تنتجها شركة لوكهيد مارتن.

 ورغم عن ذلك فقد عملت الصين على تقويض أي فكرة تحدي تكنولوجي فائق لدى أمريكا حيث قامت بتطوير أسلحة أسرع وأكثر قوة، ويمكن أن تدمر حاملات الطائرات، فقد طورت الصين صاروخ DF-21D البالستي المضاد للسفن وسلاح DF-17 الأسرع من الصوت.

ففي حربها مع تايوان تدرك أمريكا بأن الغواصة، وهي منصة الأسلحة الوحيدة والبديلة عن حاملة الطائرات التي يمكنها إلحاق أكبر قدر من الضرر بأي قوة غزو صينية تتجه نحو تايوان لكن رغم ذلك لا تمتلك أمريكا القدر الكافي الذي يتيح لها القيام بهذه المهام.

الغواصات، هي مركبة خفية قادرة على حمل مجموعة متنوعة من الأسلحة – النووية وغير النووية على حد سواء  قادرة على المناورة والتخفي والفتك والمهام السرية.

أثناء الحرب الباردة، إعتمدت البحرية الروسية الغواصات التي أثبتت فاعلية خارقة  في المهام الإستخباراتية السرية ولا يزال الأمر كذلك حتى اليوم.

هذا وتعمل الصناعة العسكرية الروسية، على تدعيم أسطولها من الغواصات وذلك من خلال ضم 12 غواصة نووية استراتيجية من نوع “Yasen”

هذا وتوجد في خدمة سلاح البحرية الروسي حاليا غواصة نووية استراتيجية تم تطويرها في إطار المشروع الحكومي “885” هي غواصة ” سيفيرودفينسك” إضافة إلى غواصتي “كازان” و”نوفوسيبيرسك” اللتين طورتا في إطار المشروع 885М، وتخضع جلها لمراحل الاختبارات النهائية، ويفترض أن تنضم إلى الخدمة قبل نهاية العام الجاري.

وفي الوقت الحاضر، يمتلك أسطول البحرية الصينية نحو 49 غواصة هجومية سريعة، و14 غواصة تحمل صواريخ باليستية، وأربع غواصات مزودة بصواريخ موجهة حيث تنتشر هذه الأصول في جميع أنحاء العالم، وتعمل في مسارح مختلفة في أي وقت.

إن الإستراتيجية البحرية الأميركية، التي تركزت على حاملات الطائرات منذ الحرب العالمية الثانية، أصبحت قديمة في بيئة اليوم المتعددة التهديدات.

ومع قيام الصين وروسيا وغيرهما بتطوير تدابير مضادة فعالة مثل الأسلحة التي تفوق سرعتها سرعة الصوت والصواريخ المضادة للسفن، أصبحت حاملات الطائرات الأمريكية أهدافًا ضعيفة.

فمع تبني المنافسين لإستراتيجيات “منع الوصول/حجب المنطقة “، زادت احتمالية إغراق حاملات الطائرات الأمريكية في صراع محتمل، مما يشير إلى الرغبة الملحة للتغيير في التكتيكات البحرية الأمريكية.

  يبدو أن البنتاغون لا يستطيع التوقف عن حاملات الطائرات، حتى لو كان ذلك يعني أن هذه الأعاجيب التكنولوجية ستكون على حساب محاولة تكييف الإستراتيجية البحرية الأمريكية لمواجهة التحدي الصيني.

فكلما طال أمد فشل البحرية الأمريكية في التكيف مع الواقع الحالي، المتمثل في أن حاملات الطائرات باهظة الثمن ومعرضة بشكل واضح للتهديد الصاروخي الصيني الهائل،… كلما تعاظمت احتمالات خسارة الولايات المتحدة لأي ارتباط مفتوح مع الجيش الصيني او الروسي على حد السواء.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة


زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق
إغلاق