المرزوقي :نهاية سياسية مذلة لرجل قطر في تونس
طوت اليوم تونس صفحة الجولة الأولى من الانتخابات الرئاسية المبكّرة، و مزق معها شعبها صفحة لقّبها البعض من المتابعين للشأن السياسي و خاصة لطبقة سياسية في تونس ب”المزعجة” والمُظلمة بل الحالكة .
وودّع التونسيون ما يلقبونه ب” جماعة السيستام”، من بينهم رئيس الحكومة والمترشح يوسف الشاهد ووزير الدفاع عبد الكريم الزبيدي و عبد الفتاح مورو مرشح النهضة الاخوانية و خاصة الرئيس المؤقت الأسبق محمد المنصف المرزوقي.
المؤقت الأسبق ، الذي امتطى حصان ما يسمى بثورة 14جانفي2011 ليدخل قصر قرطاج في صفقة مشبوهة مع حركة النهضة أو فرع تنظيم الإخوان بتونس لُفض للمرة الثانية بعد انتخابات2014 ، لتكتب له نهاية سياسية مُذلّة و مهينة لتاريخه، نهاية رجل اعتقد انه في يوم من الأيام اذكي من الآخرين، و اعتقد انه قد ضحك على ذقون التونسيين بنفاقه و تملقه و بفصاحته أللغاوية و ببكاءه و عويله على موت الاخواني المصري “محمد مرسي” في مغازلة لإخوان تونس التي لم تسعفه هذه المرة.
فلن ينسى له التاريخ و لا الشعب التونسي ما فعل في أيامه عندما سكن قصر قرطاج، فلقد استقبل رموز تنظيم الإخوان المسلمين في قصر قرطاج من الداخل و الخارج و هناك من يقول بان مهامه كانت بالأساس تلويث تلك الرمزية لقصر قرطاج، فقد ادخل لصرح السيادة قرطاج العديد من المصنفين الإرهابيين أمثال الداعية وجدي غنيم الفار من مصر والمقيم في تركيا ” .
المرزوقي الذي علّق في الأذهان طيلة فترة حكمه زمن الترويكا أخطاء جسيمة لم يغفرها التونسيون إلى اليوم انطلاقا من قطع العلاقات الدبلوماسية مع الجمهورية العربية السورية، و ذلك في شطحة من شطحاته، انتصار للمليشيات وجبهة النصر الإرهابية في دمشق باستضافة مؤتمر “أصدقاء سوريا” الذي دعمته ومولته تركيا وقطر وحضرها إخوان مصر عام 2012 ،سقط في الوحل وكشفت أيامه في الرئاسة ”سوءاته“ لأبناء وطنه الذين عاقبوه مجددا ثم جاءت الضربة القاضية بالخسارة الثانية التي لم يسعفه فيها تلميع الإعلام القطري له الذي راهن عليه و قد خبروه في تنفيذ أجنداتهم و مشاريعهم الاخوانية، فقد كان رجلهم المطيع، و ترضية لهم و عبر إعلامهم لم يذخر جهدا للهجوم و التهجم المستمر على الإمارات وجمهورية مصر العربية والمملكة العربية السعودية وليبيا ليقرر التونسيون وضعه في ذيل القائمة وبنسبة تقل عن 5% . بالرغم الدعم المالي الكبير و الدعم الإعلامي.
وتحت الصدمة والضربة القاصمة سارع المرزوقي عبر تدوينة مقتضبة على صفحته الخاصة بالفايسبوك ليلة الاثنين 16 سبتمبر 2019 إلى الإقرار بهزيمته وفشله، مرجعا أسباب ذلك إلى عدم قدرته على إقناع الناخب بشخصه وبرنامجه الانتخابي وفق تعبيره مع انه يعلم جيدا ان شخصيته غير مقنعة و انه اعتلى كرسي قرطاج بالصدفة في 2011.
وأبدى المترشح للانتخابات الرئاسية السابقة لأوانها خيبة أمله من نتائج الدورة الأولى للانتخابات الرئاسية، معلنا أنه يتحمّل كامل المسؤولية في فشل إقناع أغلبية الناخبين لقيادة تونس في الخمس سنوات المقبلة.
واعتبر أنّ هذه الانتخابات ليست إلا مرحلة من مراحل تطوّر من دولة تسلّط إلى دولة خدمات ومن نظم سياسية تحكمها العصبيات والعصابات إلى نظم سياسية تحكمها القوانين والمؤسسات ومن شعب رعايا إلى شعب مواطنين.
كلمات اعتبرها المحللون أنها بمثابة المسكنات بعد هزيمة وصفت بالمذلة والقاتلة له ولأنصاره في الداخل والخارج. و كذلك نعتبر هذه الكلمات هي نوع من الغزل و الاصطفاف الى جانب الدور الثاني للانتخابات قيس سعيد و ربما هي كذلك كلمة سر لمناصريه لانتخاب السيد قيس سعيد رجل القانون.
ضربة الانتخابات كشفت للمرزوقي انه لم يكن لديه في تونس ما يراهن عليه ،وحتى حركة النهضة فقد انقلبت عليها منذ 2014،حين هاجمها بعد تحالفها مع حركة نداء تونس والرئيس الراحل الباجي قائد السبسي ضمن ما يعرف ب”التوافق، و انه ادر كان النهضة تراهن اليوم على عصفور نادر جديد لتمرير مشاريعها و هم قد انتهت صلاحيته منذ 2014.
وكان رئيس حركة النهضة راشد الغنوشي، قد دعا قبل أيام من الانتخابات المنصف المرزوقي، إلى رد جميل النهضاويين والتنازل لصالح مرشح الحركة عبد الفتاح مورو.
وذكّر النائب عن حركة النهضة الحبيب خذر، في تدوينه على صفحته الخاصة بالفيسبوك، بأن النهضاويين صوتوا في انتخابات عام 2014 للمرزوقي مما جعله يمر إلى الدور الثاني، مشيرا إلى أن الوقت قد حان ليرد المرزوقي الجميل، ما لم يروق لأنصار المرزوقي الذين هاجموا خذر في تدوينات عبر مواقع التواصل الاجتماعي عبر هاشتاغ” سنصوّت للدكتور “.
ويرى متابعون للشأن العام التونسي، أن خسارة المرزوقي الرئاسية، لم تكن مفاجئة، لفقدانه القاعدة الشعبية أولا و تخليه عن تونس و سفره الدائم الى قطر و فرنسا، علما وانه قد قفز سابقا للواجهة بتحالفه مع النهضة، شريكته في استخدام المال القطري-التركي الفاسد، إضافة الى الطريقة التي بني عليها برنامجه الانتخابي بمعاداة 4 دول عربية صديقة لتونس وتجمعها بها علاقات دبلوماسية عريقة ومهمة.
الشعب التونسي ايضا لم ينس بعد دعوة المرزوقي عام2013 يوم كان رئيسًا للكف عن التطاول على دويلة قطر بل و هدد التونسيين، وكاد يومها يفقد كرسيّه لولا أن إخوان تونس حموه من نواب قدموا لائحة لتنحيته.
المؤقت السابق الحالم بكرسي قرطاج مجددا انتهى سياسيّا بعد النتائج الأولية للرئاسيةـ وبقي متأرجحا بين ماض كان فيها حقوقي وحاضر الأولوية فيه لدويلة قطر مقابل الأموال التي تمنحها له تحت غطاء عمله لقناة الجزيرة .
ووفقاً للنتائج الاولية للهيئة العليا المستقلة للانتخابات التونسية تأهل المرشحيْن قيس سعيد، ونبيل القروي، للدور الثاني لانتخابات الرئاسة التونسية.
و تقدم قيس سعيد المرشح المستقل بـ 19.50% من الأصوات،فيما جاء القروي رئيس حزب «قلب تونس» في المرتبة الثانية 15.5%.
ومثّلت الانتخابات 2019 الرئاسية التونسية نهاية لكل الظواهر الصاعدة حديثا و المتاجرة بهموم التونسيين منذ الثورة بل القافزة على الثورة و القادمة من وراء البحار، وسقطت كل التحليلات الخبيثة التي طالما تبجّح بها بعض السياسيين، فتونس اليوم ليست تونس الأمس رغم اختلاف الاختيارات وصعوبة الامتحان الحاضر والقادم يوم يوم 29 سبتمبر الجاري أو 6 أكتوبر المقبل وعلى أقصى تقدير يوم 13 أكتوبر 2019لاجراء الدور الثاني من الرئاسية…