أخبار العالمالشرق الأوسط

اللوبي الصهيوني يحدد سياسة البيت الأبيض ومصير القادة الأمريكيين من الجمهوريين الى الديمقراطيون

يعتبر دور اللوبي اليهودي في الولايات المتحدة الأميركية الأكثر وضوحاً في التأثير على السياسة الخارجية الأميركية، على الرغم من أن هناك لوبيات أخرى تشارك في تكييف القرار الأميركي في ظروف معينة وبعض الجوانب المحددة كجماعات الضغط التايوانية، ولكن يبقى اللوبي الصهيوني هو الأكثر تغلغلا وقدرة على التأثير بل وأكثر هو الأقدر على تحديد مصير السياسات الأمريكية في الداخل والخارج.

في هذا الإطار، يمثّل اللوبي اليهودي جدلاً واسعاً حول وزنه كمدخل في صناعة القرار الأميركي وهنا يرى البعض أن الولايات المتحدة تخضع لضغوط اللوبي اليهودي المتغلغل داخل مختلف مؤسسات صناعة القرار الأمريكية خاصة الكونغرس والبيت الأبيض.

 إذ تأخذ أميركا بعين الإعتبار مصلحة حليفها الإستراتيجي في المنطقة، ألا وهو “إسرائيل،” عندما يتعلق الأمر بسياستها تجاه الشرق الأوسط، وخاصة القضية الفلسطينية.

تجدر الملاحظة أن الحركة الصهيونية وجدت أن تحقيق أهدافها باستمالة الدول إلى أجندتها السياسية يأتي بالضرورة من تكثيف نفوذها ونشاطاتها في المواطن الحساسة في القيادة السياسية، وهذا ما دفعها إلى تقوية ارتباطها بصنّاع القرار السياسي في الدول العظمى، منطلقة من افتراض أن السيطرة على مواطن صنع القرار في الدول العظمى، يساهم بالضرورة في التأثير في سياساتها نحو تحقيق طموحات اليهود في فلسطين.

تتمثل أبرز أدوات التأثير للوبي اليهودي على القرار الأميركي خصوصاً الاستراتيجي والتوجه العام للمجتمع الأمريكي في النفوذ المالي والانتخابي والإعلامي، فعلى سبيل المثال، أنفق اللوبي اليهودي خلال الفترة 2016-2020 أي فترة ترامب، ما يقارب 137 مليون دولار، وقد ذهبت هذه الأموال في سنة 2018 مثلاً إلى دعم 269 مرشحاً للنواب و57 مرشحاً للشيوخ.

بالإضافة إلى ذلك، تقوم جماعات الضغط اليهودية بحثّ اليهود على المشاركة العالية في الانتخابات والتصويت لصالح مرشح معين.

في هذا السياق، شكلت لجنة الشؤون العامة الأميركية الإسرائيلية “أيباك” لجنتين للعمل السياسي في السنين الأخيرة، وأنفقت ملايين الدولارات على السباقات السياسية، بعد أن تجنبت المشاركة القاصدة في السياسة الانتخابية، عقوداً من الزمن.

تشارك “أيباك” الآن مشاركة كبيرة في الانتخابات التمهيدية للحزب الديمقراطي، إذ تخطط المجموعة لإنفاق 100 مليون دولار على السباقات الانتخابية سنة 2024، فضلاً عن تجنيد مرشحين، يتحدَّون النواب الديمقراطيين الحاليين.

 ويحاول التقدميون الأميركيون الآن، مقاومة نفوذ أيباك، بتنظيم حملة جديدة لرفض المنظمة، حيث أطلقت مجموعة مكونة من خمس وعشرين منظمة تقدمية، تحالفاً مناهضاً لمنظمة أيباك.

يعتبر المحللون والسياسيون أن النفوذ الإعلامي يعتبر أداة مهمة من أدوات التأثير على المجتمع الأميركي، حيث “يتمثل عمل اللوبي اليهودي في هذا القطاع في تطويع الرسائل الإعلامية لتبرير السياسات الإسرائيلية والتأثير على توجهات الرأي العام الأمريكي، ويتم ذلك من خلال الترويج لأفكار معينة تخدم المصالح الإسرائيلية، أو اتهام كل من يتخذ موقفاً ناقداً للسياسات الإسرائيلية بأنه معادٍ للسامية.

وتظهر نماذج التأثير في وسائل الإعلام من خلال الضغط على هذه الوسائل بشكل مباشر أو غير مباشر لإخفاء الأخبار أو الصور التي تضر بـ”إسرائيل”، والتركيز على نقيضها”.

لعب اللوبي الصهيوني كما يرى جون ميرشايمر دورًا في إدخال القضية الفلسطينية إلى السياسة الأمريكية، من خلال دعمه لكثير من أعضاء الكونغرس، وأعضاء الحزبين الديمقراطي والجمهوري، كذلك من خلال لعبه دوراً في إثارة الشارع الأمريكي للتعاطف مع أهداف الصهيونية ومصالحها، ونشر ثقافة عامة في المجتمع السياسي الأمريكي حول مكانة الكيان الإسرائيلي الدينية، وأن مصلحة الولايات المتحدة ترتبط بمصالح “إسرائيل” بالضرورة.

كما أنشأ اللوبي اليهودي لجان نشاط سياسية عديدة عبر الولايات المتحدة تقوم بالترويج لأفكاره وأطروحاته، والعمل على كسب دعم المرشحين للانتخابات من خلال دعم الحملات الانتخابية للمرشحين من ديمقراطيين وجمهوريين على حد سواء.

دفع هذا النشاط الصهيوني بكثير من السياسيين الأمريكيين إلى الميل بشدة والتأثر بأفكار الحركة الصهيونية وتوجهاتها، وشكّل عاملاً مهماً ساهم بوقوف السياسة الخارجية الأمريكية إلى جانب طموحات الحركة الصهيونية في فلسطين، ولعل هذا التأثر يمكن لمسه بالتأييد الذي أبداه الرئيس ولسون لوعد بلفور، ودعمه لطموحات الصهيونية في فلسطين.

في المقابل، فأن السياسة الأميركية في المنطقة العربية لا تختلف كثيراً من حيث الجوهر عن سياستها في كل المناطق الأخرى التي لا دور فيها لجماعات الضغط اليهودي، فسياستها في جوهرها هي ذاتها بغض النظر عن وجود اللوبي أو عدم وجوده.

بناء على ما سبق، لا يمكن تجاهل دور اللوبي اليهودي كمحدد أساسي في السياسة الخارجية الأميركية، لما يتمتع به من نفوذ منتشر في أروقة صنّاع القرار، لكن بالمقابل تشير السياسات الخارجية الأميركية في المنطقة، بأن تضارب المصالح الاستراتيجية بين الولايات المتحدة وإسرائيل ينتهي عندها القرار الأمريكي لصالح أولوية المصالح الأمريكية.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة


زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق
إغلاق