الكنيسة الأنجليكانية: إسرائيل هي دولة فصل عنصري
13-10-2023
احتل قرار الكنيسة الأنجليكانية في جنوب إفريقيا، باعتبار الكيان الصهيوني هو دولة فَصْل عنصري، صدارة اهتمامات الصحافة الإسرائيلية وكُتّاب مقالات الرأي في إسرائيل، خلال الأيام الأولى من شهر أكتوبر 2023، لتحمل بعض الأقلام تلميحات بأن ثمة علاقة بين القرار وبين انتشار مقاطع الفيديو التي أظهرت يهودًا متدينين وقد اعتادوا البصق على رجال الدين المسيحيين في مدينة القدس؛ لتخرج بعدها شخصيات دينية يهودية، وتُوضِّح أن البصق على المسيحيين إنما يُعدّ “عادة يهودية” بل وواجب شرعي، الأمر الذي أثار عاصفة من الانتقادات من جانب اليهود العلمانيين والسياسيين والمسؤولين الرسميين ضد أصحاب هذا التوجُّه المتطرُّف.
كنيسة تضم ملايين الأتباع تُصدر قرارًا رسميًّا: إسرائيل دولة فَصْل عنصري
تبنَّت الكنيسة الأنجليكانية في جنوب إفريقيا، التي تضم أكثر من 4 ملايين تابع من مختلف دول منطقة الجنوب الإفريقي قرارًا رسميًّا، يَعُدّ إسرائيل دولة فصل عنصري.
بهذه المقدمة استهل الكاتب دانيال إيدلسون مقالته في صحيفة يديعوت أحرونوت بتاريخ 4 أكتوبر 2023م، مشيرًا إلى أن الكنيسة، التي كان يترأسها سابقًا، ديزموند توتو، الحائز على جائزة نوبل للسلام، تعد الأكثر تأثيرًا في كفاحها ضد نظام الفصل العنصري، الذي بدأ في القرن الماضي في جنوب إفريقيا، وتقول في مقدمة القرار الجديد ضد إسرائيل: إن شعبها شاهَد الفصل العنصري نصب أعينه، وبالتالي فهو قادر على التعرف عليه.
ويقتبس الكاتب عن الأمين العام للكنيسة الأنجليكانية في جنوب إفريقيا، الأسقف مالوسي امبوميلوانا، أنهم “كأناس مؤمنين ينظرون بتوتر وقلق إلى احتلال الضفة الغربية وغزة (حسب النص)، ويأملون فقط في إحلال الأمن والسلام لفلسطين وإسرائيل.
لا يمكننا أن نستمر في تجاهل الحقائق على الأرض، إن منظمتنا لا تعارض الشعب اليهودي، بل تعارض سياسة الحكومات الإسرائيلية التي تصبح متطرفة أكثر فأكثر. إن توقيت اتخاذ القرار يأتي الآن على وجه التحديد في أعقاب الثورة القضائية في إسرائيل، وبعدها لن يكون هناك المزيد من الضوابط والتوازنات على الحكومة، وسوف تُعامل الفلسطينيين كما يحلو لها”.
ويقول الكاتب: إن الكنيسة (المنظمة) تضم طوائف مسيحية في ناميبيا وموزمبيق وأنغولا وأسواتيني وليسوتو وسانت هيلانة، إلى جانب جنوب إفريقيا، وأنها تحثّ المؤمنين على تكثيف زيارات الأماكن المقدسة الخاضعة لسيطرة السلطة الفلسطينية، كدليل على التضامن، وتوصي بعقد لقاءات مع الفلسطينيين وزيارة منازلهم كلما أمكن ذلك، وتعزيز التضامن معهم في كل فرصة، بل واستخدام كلمة فلسطين بشكل أكبر، وتشبيه الاحتلال الإسرائيلي بالفصل العنصري بشكل علني.
وبحسب الكاتب الإسرائيلي، فقد أصدرت الكنيسة ذاتها قبل عامين إعلانًا يدعم حركة مقاطعة إسرائيل (BDS)؛ بغية إنهاء الاحتلال، لكن حتى الآن رفض القائمون عليها إعلان إسرائيل دولة فصل عنصري، كجزء من السياسة الشاملة للكنيسة الأنجليكانية العالمية، وسبق أن قال رئيس أساقفة كانتربري، غاستن ويلبي، وهو أبرز شخصية في الكنيسة الأنجليكانية: “أعلم أن هذا رأي لا يحظى بشعبية، لكنني لا أريد استخدام كلمة الفصل العنصري في الحديث عن إسرائيل، لأن نظام الفصل العنصري في جنوب إفريقيا -وأنا أعرف ديزموند توتو، واستمعت إليه مطولًا في هذا الشأن- بُنِيَ على أسس دستورية فعليًّا، نسجت نظام الفصل العنصري. وإذا كان لدى إسرائيل دستور فصل عنصري، فمن الواضح أنها ستصبح دولة فصل عنصري، ولكن إلى أن يحدث ذلك، لن أستخدم هذه الكلمة فيما يتعلق بإسرائيل”.
ويعود إيدلسون للاقتباس عن الأمين العام للكنيسة الأنجليكانية في جنوب إفريقيا، والذي كان قد أشار إلى أنه لم يعد بمقدورها الوقوف مكتوفة الأيدي في مواجهة التطورات الأخيرة في إسرائيل، وسط مخاوف من الثورة الموجهة ضد المؤسسة القضائية.
ونقل عنه القول: “إذا تحلينا بالصمت وتنحينا جانبًا سنُصبح شركاء في القمع المستمر بحق الفلسطينيين، لقد توجهت منظمتنا في هذا الشأن إلى الفاتيكان وإلى مجلس الكنائس العالمي، وكذلك إلى الزعماء اليهود المتدينين في الولايات المتحدة؛ حتى ينضموا إلى الدعوة.
إن المحرقة لا تُبرِّر التسبُّب في صدمة للمجتمعات الأخرى، وهناك فلسطينيون ما زالوا يعيشون في مخيمات اللاجئين منذ عام 1948، وعلى الرغم من أنهم يخضعون للقانون الإسرائيلي، إلا أنهم لا يتمتعون بحقوق متساوية.
وكما يقول الإسرائيليون: إن الفلسطينيين يجب أن يتحملوا مسؤولية ما يسمونه الإرهاب، كذلك يجب على إسرائيل أن تتحمل مسؤولية الفصل العنصري الذي تقوده”.
وكان الزعيم الأسطوري للكنيسة، رئيس الأساقفة ديزموند توتو، الذي وافته المنية قبل عامين، من بين الشخصيات الدولية الأولى التي وصفت معاملة إسرائيل للشعب الفلسطيني باستمرار بأنها فصل عنصري.
ففي عام 2011، على سبيل المثال، نشر عمود رأي في صحيفة “الغارديان” البريطانية، قال فيه: “لقد قمنا بزيارة إسرائيل/فلسطين عدة مرات، وفي كل مرة كنا نُدهَش من التشابه مع نظام الفصل العنصري في جنوب إفريقيا، هناك شاهدنا الطرق والمناطق المفصولة للفلسطينيين، والإذلال على الحواجز ومعابر التفتيش، وعمليات الإخلاء وهدم المنازل”.
وأضاف: “إن أجزاء من القدس الشرقية تشبه المنطقة 6 في كيب تاون؛ حيث دمَّر نظام الفصل العنصري وأخلى مجتمعًا مختلطًا قديمًا في عام 1966، وأعلن المنطقة منطقة للبيض فقط.
ويوضح الكاتب أن إعلان الكنيسة جاء بالتزامن مع العاصفة التي شهدتها الأيام الأخيرة حول إذلال رجال الدين المسيحيين والبصق عليهم في القدس، والادعاء بأن هذا نوع من الواجب الديني.
ويُبين الكاتب الإسرائيلي أنه وفقًا للمشاهد التي جُمعت من الكاميرات الأمنية، ومن خلال الشكاوى المقدمة للشرطة والشهادات الشخصية، يتعرَّض الرهبان ورجال الدين المسيحيين للإهانة والاعتداء بشكل يومي في أجزاء مختلفة من البلدة القديمة في القدس والمناطق المحيطة بها، وأن التعبير الأكثر شيوعًا للاعتداءات هو البصق على الرجل ذاته، أو على ملابسه، أو على الأرض بجواره، أو عند مدخل البنايات الدينية المسيحية.