أخبار العالمأمريكاالشرق الأوسط

الفيتو الأميركي ضد مشاركة حزب الله في الحكومة اللبنانية وسط تصعيد إسرائيلي مستمر جنوباً

تشهد الساحة اللبنانية توتراً متزايداً مع تصاعد الضغوط الأميركية لمنع مشاركة “حزب الله” في الحكومة المرتقبة، بالتوازي مع استمرار إسرائيل في خرق اتفاق وقف إطلاق النار جنوب البلاد. وفي هذا السياق، أكدت نائبة المبعوث الأميركي إلى الشرق الأوسط، مورغان أورتاغوس، أن واشنطن تسعى لضمان تشكيل حكومة لبنانية خالية من “حزب الله”، مشددة على ضرورة نزع سلاحه بالكامل، وهو ما يعكس سياسة أميركية أكثر تشدداً تجاه النفوذ الإيراني في لبنان.

ضغوط أميركية وتهديد بالعزلة الاقتصادية

خلال لقائها الرئيس اللبناني جوزيف عون في قصر بعبدا، نقلت أورتاغوس تهنئة الرئيس الأميركي دونالد ترمب بانتخابه، لكنها شددت في المقابل على أن لبنان سيواجه عزلة دولية وعقوبات اقتصادية مشددة إذا لم تُشكل حكومة تلتزم بالإصلاحات المطلوبة دولياً وتعمل على تقليص نفوذ “حزب الله”. وأكدت مصادر دبلوماسية أن الرسالة الأميركية إلى بيروت تضمنت تحذيرات واضحة بأن أي حكومة تضم الحزب ستؤدي إلى تعليق الدعم المالي الدولي، ما يعمّق الأزمة الاقتصادية التي يعيشها لبنان منذ سنوات.

وتسعى الإدارة الأميركية إلى فرض هذا التوجه عبر تنسيق مكثف مع شركائها الأوروبيين والخليجيين، حيث تسود قناعة لدى العديد من العواصم الغربية والعربية بأن تقليص دور “حزب الله” في الحكومة اللبنانية قد يكون مدخلاً أساسياً لإنعاش الوضع الاقتصادي المتردي في البلاد. إلا أن الموقف اللبناني يظل معقداً، حيث يمثل الحزب قوة سياسية وعسكرية وازنة في المشهد الداخلي، كما يحظى بدعم جزء كبير من القاعدة الشعبية اللبنانية.

تصعيد إسرائيلي وانتهاكات متواصلة لاتفاق وقف إطلاق النار

في موازاة ذلك، تواصل إسرائيل خرق اتفاق وقف إطلاق النار الموقع في 27 نوفمبر/ تشرين الثاني 2024، إذ شنت غارة جوية استهدفت بلدة البيسارية في قضاء صيدا، ما أدى إلى أضرار مادية كبيرة في المنطقة. كما نفذ الجيش الإسرائيلي تفجيرات في بلدة كفركلا الحدودية، في خطوة وصفتها مصادر لبنانية بأنها تصعيد خطير يهدد بانهيار الهدنة.

وكان الاتفاق الذي أنهى جولة القتال الأخيرة بين “حزب الله” والجيش الإسرائيلي قد نص على انسحاب القوات الإسرائيلية من البلدات التي احتلتها في جنوب لبنان خلال مهلة 60 يوماً، وهي المهلة التي انتهت في 26 يناير/ كانون الثاني الماضي، لكن إسرائيل لم تلتزم بشكل كامل بعملية الانسحاب. وبعد ضغوط أميركية ودولية، أعلن البيت الأبيض عن اتفاق جديد يقضي بتمديد المهلة حتى 18 فبراير/ شباط الجاري، إلا أن عمليات القصف والانتهاكات المستمرة تثير شكوكاً حول مدى التزام تل أبيب بالاتفاق.

حصيلة ثقيلة وواقع إنساني متدهور

أدى العدوان الإسرائيلي على لبنان إلى سقوط 4,098 قتيلاً وإصابة 16,888 آخرين، بينهم عدد كبير من النساء والأطفال، في حين تسببت العمليات العسكرية في نزوح نحو مليون و400 ألف شخص عن مناطقهم، مما أدى إلى تفاقم الوضع الإنساني في البلاد. ومع استمرار التصعيد، تتزايد المخاوف من انزلاق الأوضاع نحو مواجهة عسكرية جديدة، لا سيما في ظل عدم وجود آلية واضحة لضمان التزام إسرائيل ببنود الاتفاق.

لبنان بين الضغوط الخارجية والتعقيدات الداخلية

يجد لبنان نفسه اليوم أمام معادلة معقدة بين الضغوط الأميركية التي تطالب بإقصاء “حزب الله” من الحكومة، والمصالح الداخلية التي تجعل من مشاركة الحزب أمراً شبه حتمي نظراً لثقله السياسي والعسكري. في المقابل، يواجه رئيس الوزراء المكلف نواف سلام مهمة صعبة في تشكيل حكومة تحظى بقبول داخلي ودولي، وسط أزمات متشابكة تشمل الانهيار الاقتصادي، والتصعيد العسكري الإسرائيلي، والانقسامات السياسية الحادة.

وفي ظل هذه التعقيدات، يبقى التساؤل قائماً: هل ستنجح بيروت في تفادي الضغوط الدولية والحفاظ على استقرارها الداخلي، أم أن الانقسامات السياسية ستدفعها نحو مزيد من العزلة والانهيار؟

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق
إغلاق