الغارديان: جريمة بلير في غزو العراق أسست”لترنّح سياسي بريطاني”
لندن-بريطانيا-13-3-2023
اعتبر تقرير نشرته صحيفة “الغارديان” البريطانية، أنّ الحرب على العراق عام 2003، ساهمت بشكل كبير في خلق أزمة ثقة عامة مستمرة في الحكومات البريطانية ، وأنّ الغزو أسس “لترنّح بريطاني” سياسي مهم.
ونشرت الصحيفة مقالاً بعنوان “بعد 20 عاماً، ربما تلاشت ذكريات حرب العراق، لكنّها شكّلت المملكة المتحدة المتضائلة التي نعرفها اليوم”، للكاتب جون هاريس.
وبدأ هاريس حديثه قائلاً: “إنّ السياسة هي فن مظلم ومبتذل، لكنّ الواضح أنّ أحداث عام 2003 ساعدت في تدمير ثقة الجمهور في الحكومة البريطانية”.
ويصادف الإثنين القادم، مرور 20 عاماً على بداية غزو العراق، حيث أشار الكاتب إلى أنّ هذه “الذكرى المضطربة”، ليست فقط تذكيراً بمسؤولية توني بلير ومسؤولين آخرين، عن أكبر كارثة سياسية وإنسانية تورطت فيها المملكة المتحدة منذ الحرب العالمية الثانية، ولكنّها لحظةٌ اهتزّ فيها ثبات المركز السياسي البريطاني، ففجأةً أصبح في مكان “متهور وكارثي”.
وأشار هاريس إلى أنّ الذكرى السنوية هي تذكير لا يزال حياً بمخاطر التفكير الجماعي، وبالنتائج القاتمة لحصر الحقائق المعقّدة في روايات بسيطة.
وأوضح أنّ الناس في العراق لا زالوا يعيشون مع عواقب هذه الحرب كمسألة تجربة يومية، وأنّ العراق يُعاني من ندوبٍ عميقة، وهو والمنطقة من حوله عرضة للأزمات نتيجةً لمفاعيل الغزو، لكنّه على النقيض من ذلك تماماً، يتمتع معظم البريطانيين بالرفاهية المروعة في التفكير في الحرب على أنّها مجموعة بعيدة ومتلاشية من الأحداث.
ولفت الكاتب إلى أنّه في الأسبوع الماضي فقط، فكّر كاتب عمود في صحيفة “فاينانشيال تايمز” البريطانية، في أنّه “داخل العالم الغربي، لم تترك حرب العراق سوى القليل من الأثر”، وأنّ الغزو “لم يهز السياسة”، لكنّ تأثيرات عميقة كانت على المملكة المتحدة، وذلك بفعل “كارثة الحرب المطلقة”.
وأكّد المقال على حقيقة أنّ قضية مشاركة بريطانيا في الحرب سرعان ما تبين أنّها لم تكن على أي أساس في الواقع، وكانت النتيجة أزمة ثقة عامة، لا زالت تتفاقم، أزمة فقدان ثقة بين الجمهور والسلطة الحاكمة.
وبيّن هاريس أنّه كان هناك شعور مبكر بفجوة بين الجمهور والحكومة، في فبراير 2003، عندما وصل أكثر من مليون شخص إلى لندن للتعبير عن معارضتهم للحرب، والتي أصبحت أكثر احتمالاً كل ساعة، واختار الكاتب ذلك اليوم، مؤكداً على أنّ شيئاً واحداً على وجه الخصوص يحترق، هو “الشعور بأن السياسة والسلطة قد ابتعدتا عن الجمهور، وتركت فجوة ضخمة وغير مريحة للغاية”.
ونبّه إلى الهزيمة التي ألحقها “الحزب الوطني الأسكتلندي” بحزب العمال، في الانتخابات الاسكتلندية لعام 2007، وإلى خضوع سياسات ذلك البلد لتغيير فاصل، تماماً كما تنحى بلير، وأنّ ذلك حدث جزئياً لأنّ زعيم الحزب الوطني الاسكتلندي آنذاك ، أليكس سالموند، نجح في استغلال غضب شعبي هائل بشأن الحرب.
وأشار هاريس إلى تأكيد “تقرير تشيلكوت”، لعام 2016، بخصوص دور المملكة المتحدة في حرب العراق، أنّ توني بلير ومساعديه قدموا معلومات استخباراتية “ضعيفة وغير مكتملة”، كدليل “موثوق” على أسلحة الدمار الشامل العراقية، وأنّ بلير حاول الإيحاء مراراً بأنّه لم يتم اتخاذ أي قرار بشأن خوض الحرب من عدمه، ولكنّ تأكيده للرئيس الأمريكي آنذاك، جورج بوش الإبن، في يوليو 2002: “سأكون معك، أياً كان”، يوحي بأن عقله قد تم حسمه منذ فترة طويلة.
ربما تكون ذاكرتنا عن هذه الخدع قد تلاشت، لكن آثارها تستمر، هكذا أكّد كاتب المقال، كما قال: ” لقد لطّخ العراق بشكل بشع السجل المحلي لبلير وبراون، ووضع علامة على نهاية رؤية حزب العمال الجديد لبريطانيا كدولة واثقة من نفسها”!