العلاقات التونسية الهندية أي تاريخ وأي “أفق مستقبلية” ؟

قسم البحوث والدراسات 11/09/2025
تقديم :
منذ إقامة العلاقات الدبلوماسية عام 1958 حافظت الهند تقليديًا على علاقات ودية مع تونس. أُنشئت أول بعثة مقيمة على مستوى تونس عام 1963، ورُفعت إلى مستوى سفير عام 1976. أُنشئت السفارة التونسية في نيودلهي عام 1981. أعرب القادة التونسيون عن إعجابهم بديمقراطية الهند وقادتها، ك”غاندي “والبانديت جواهر”. كان نضال الهند من أجل الحرية مصدر إلهام لتونس.تلعب الانتماءات اللغوية والثقافية دورًا هامًا في تعزيز العلاقات الهندية التونسية، حيث يشترك البلدان في تاريخ غني من التفاعل من خلال اللغة والفن والتأثيرات المشتركة من الحضارات القديمة. يتعاون البلدان في العديد من القضايا المشتركة في المحافل الدولية، أهمها تصويت الهند على العضوية غير الدائمة لتونس في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة. وفي سياق تغير الأقطاب العالمية يطرح الشأن بخصوص العلاقات التونسية الهندية التاريخ والعلاقات.
أولا- تاريخ العلاقات
عرفت العلاقات الدبلوماسية الهندية التونسية تاريخ حافل بزيارات كبار الشخصيات الهندية إلى تونس: في جويلية 1964، زار نائب الرئيس السيد ذاكر حسين تونس، تلتها رئيسة الوزراء السيدة إنديرا غاندي في أبريل 1984، ونائب الرئيس السيد محمد هداية الله في ماي 1984. وزار رئيس الوزراء السيد ناراسيمها راو تونس برفقة الدكتورة نجمة هبة الله، نائبة رئيس مجلس الشيوخ الهندي (راجيا سابها)، في نوفمبر 1992. وفي نوفمبر 1999، زار رئيس الوزراء السابق السيد غوجرال تونس.
بالإضافة إلى زيارات كبار الشخصيات، جرت عدة زيارات وزارية بين البلدين. في عام 2000، زار السيد أ. ك. شارك بانجا وزير الدولة السابق للشؤون الخارجية، في الاجتماع الثامن للجنة المشتركة، وفي جوان 2003، زار وزير المنسوجات السيد كاشي رام رانا تونس. وفي عام 2005، زار السيد كابيل سيبال، وزير العلوم والتكنولوجيا، تبعه وزير الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات السيد دايانيدي ماران، الذي قاد وفدًا رفيع المستوى في نوفمبر من العام نفسه. ومن الزيارات الوزارية البارزة الأخرى زيارة السيد إي أحمد، وزير الدولة للشؤون الخارجية، وزيارة وزير الخارجية سلمان خورشيد في عام 2014، والتي كانت أول زيارة لوزير خارجية هندي إلى تونس. وفي عام 2016، أدت زيارة نائب الرئيس السيد محمد حامد أنصاري إلى توقيع اتفاقيات رئيسية، وفي عام 2017، زار تونس أيضًا السيد إم. جيه. أكبر، وزير الدولة للشؤون الخارجية، والسيد كيرين ريجيجو، وزير الدولة للشؤون الداخلية. زيارة وزير الخارجية . ثم في العام 2020 زار وزير الخارجية الدكتورجايشانكار تونس والتقى برئيس الجمهورية قيس سعيد. وخلال هذه الزيارة، تم توقيع مذكرة تفاهم لإنشاء “مركز الهند-تونس للابتكار في تكنولوجيا المعلومات والاتصالات” .
ثانيا – آليات الحوار الثنائي
دأبت تونس على دعم ترشيح الهند في مختلف محافل مؤسسات الأمم المتحدة والمنظمات متعددة الأطراف تحت مظلة الأمم المتحدة.
تُنظّم اللجنة المشتركة على المستوى الوزاري التعاون الثنائي بين الهند وتونس. وقد عُقد الاجتماع الأخير (الثاني عشر) للجنة المشتركة في نيودلهي على مستوى وزيري الخارجية حيث زار وفد برئاسة وزير الخارجية التونسي، خميس الجهيناوي، نيودلهي في أكتوبر 2017. كما رافق وفد تجاري تونسي وزير الخارجية التونسي، وعقد اجتماعات عمل مع اتحاد الصناعات الهندية (CII) واتحاد غرف التجارة والصناعة الهندية (FICCI) واتحاد منظمات الأعمال الهندية (FIEO). من المقترح عقد الدورة القادمة للجنة الوزارية المشتركة في عام ٢٠٢٥.
منذ عام 2001 انتظمت مشاورات وزارة الخارجية عُقدت خمس دورات لمشاورات وزارة الخارجية على مستوى الوزراء. وعُقدت الدورة الخامسة (الأخيرة) للجنة في تونس في ماي 2023 ومن المقترح عقد الدورة القادمة للجنة في عام 2030.مجموعات العمل المشتركة: هناك عدة مجموعات عمل مشتركة بين الهند وتونس لتعزيز التعاون الثنائي في مجالات مختلفة، بما في ذلك الأدوية والمستحضرات الصيدلانية، والعلوم والتكنولوجيا، وتكنولوجيا المعلومات والاتصالات، والمؤسسات الصغيرة والمتوسطة، والمنسوجات، والنفط والغاز الطبيعي، والتعاون القضائي، والتعاون الفضائي، والتعاون التجاري الدعم في المؤسسات متعددة الأطراف والأمم المتحدة في ضوء علاقات الصداقة والتعاون الوثيقة والودية بين البلدين.
ثالثا- العلاقات الإقتصادية يتصدرها “القطاع الرقمي”
يُعدّ التعاون الدولي في القطاع الرقمي أمرا بالغ الأهمية لتعزيز الابتكار وتبادل الخبرات. فمن خلال تضافر الجهود، تدفع الدول عجلة التنمية التكنولوجية، وتُهيئ الفرص الاقتصادية، وتُعزز قدرتها التنافسية على الساحة العالمية حيث تهدف تونس والهند إلى تعميق تعاونهما في قطاع التكنولوجيا، وهو طموح مشترك برز في الاجتماع الخامس للجنة التونسية الهندية المشتركة للتعاون العلمي والتكنولوجي.
أغلب الإتفاقات التي حصلت بين البلدين تركزت على تقديم مقترحات لتمويل مبادرات مشتركة تُركز على مجالات ذات أولوية، مثل الابتكار البيئي، والصحة الإلكترونية، والتكنولوجيا الجغرافية المكانية. وستُشرك هذه المشاريع أصحاب المصلحة الاقتصاديين والاجتماعيين، وستُستكمل بورش عمل مشتركة لتعزيز التبادل والتعاون بين الباحثين التونسيين والهنود.
تستند هذه المبادرة إلى اتفاقية التعاون العلمي الموقعة عام 1995، وشراكة عام 2023 التي أسست مركز تونس-الهند للابتكار في تكنولوجيا المعلومات والاتصالات إذ يقدم هذا التعاون منافع متبادلة. تُتيح الهند، المعروفة بخبرتها في التقنيات الرقمية والجغرافية المكانية، لتونس فرصةً قيّمةً للاستفادة من خبراتها مع تعزيز قدرات البحث والابتكار المحلية. كما تُمكّن هذه الشراكة الاستراتيجية الهند من توسيع علاقاتها مع شمال أفريقيا وتعزيز نفوذها في المجالات التكنولوجية الرئيسية، بما في ذلك مراكز الابتكار وتطبيقات الطائرات بدون طيار.
في الوقت نفسه، تعدّ تونس من أكثر دول أفريقيا ديناميكية في مجال التنمية الرقمية. فوفقًا لمؤشر تنمية تكنولوجيا المعلومات والاتصالات لعام 2024 الصادر عن الاتحاد الدولي للاتصالات، تحتل تونس المرتبة الثامنة في أفريقيا بنتيجة 77.2 من 100، مما يُبرز التقدم الملحوظ في قطاع تكنولوجيا المعلومات والاتصالات لديها.