العقل والقدرية لا يلتقيان
نمرود سليمان-سياسي سورية بارز
المنهج العلمي والمنطق السياسي يقودهما العقل ، ساهما ببناء الحضارة البشرية التي نتعايش معها في هذه المرحلة التاريخية ، وهما وراء التطور التكنولوجي الذي حوّل العالم الى قرية كونية صغيرة ، ويقفان وراء التطور والتنمية والتقدم في اوروبا وامريكا ، وساهما في كتابة الدساتير وصياغة القوانين في الدول المتقدمة وكانت نتائجها الاستقرار المجتمعي والحرية والديمقراطية وتداول السلطة .
القدرية : مصطلح قادم من المجهول لا لون لها ولا طعم ولا رائحة وغير محسوسة ولا تُرى ، لا يوجد لها دستور ولا قانون ولا تستطيع العيش إلا في المجتمعات الجاهلة ، يديرها شخص من هنا وهناك ، يضع لها مشروع حياة كما يراه منفرداً .
بالرغم من كل هذا سيطرة القدرية في القرون الوسطى على اوروبا وأدْخلتها في عصر الظلمات ومارست كل انواع القمع والاضطهاد وارتكبت جرائم بحق الانسانية ، استطاع المثقفون الاوروبيون شن حرب إعلامية سياسية وفكرية استطاعت القضاء عليها ودخلت أوروبا الدخول في عصر الانوار .
مئات السنوات والقدرية تسيطر على عقول شعوب الشرق الأوسط ، تحوّلت جغرافية الشرق الاوسط اغنى مناطق العالم بالثروات الطبيعية الى ساحة لحروب الدول الكبرى من أيام اسكندر الى العثمانني والفرنسي والانكليزي والان الامريكي ، انظروا ماذا فعل العقل القدري في السنوات العشرة الماضية المسلم يقتل المسلم ، السني يقتل من السنة اكثر ما يقتل من الشيعة وهكذا يفعل الشيعي ، اكبر نسبة من الأيتام موجودة في الشرق الاوسط ، واكتر الغرقى في البحار من الشرق الاوسط واكثر اللاجئين والنازحين .
بلاد الشام عمرها سبعة الاف عام وامريكا اربعمائة عام ونصف انظر الى الفارق بين الاثنتين .
قبل القدرية كانت الشرق الاوسط الاولى في العالم في المجالات كافة ، كان الاوربيون يأتون اليها للدراسة ، فيها اغلب اعاجيب العالم ، في سورية والعراق ظهرت الابجدية الاولى وبلاد ما بين النهرين وضعت الاسس الأولى للحضارة البشرية .
اينما توجد القدرية العقل يحمل حقائبه ويرحل .
علينا الاعتراف بجرأة وشجاعة بأن دودة الخل منه وفيه ، علينا الاعتراف بأننا السبب الوحيد فيما حصل ويحصل وسيحصل ، لا يمكن بناء الوطن بدون العقل .