الصين تعيد ضبط إيقاع أسواقها المالية بضخ تريليون يوان وتشديد إدارة صعود العملة

قسم الأخبار الدولية 04/12/2025

عزّزت الصين حضورها في أسواق السيولة وسعر الصرف عبر خطوة مالية كبيرة كشف عنها بنك الشعب الصيني، حين أعلن بدء تنفيذ اتفاقات إعادة شراء عكسية بقيمة تريليون يوان، بدءاً من 5 ديسمبر. وقد عكس هذا القرار رغبة واضحة في الحفاظ على سيولة «وفيرة وملائمة» داخل النظام المصرفي، خصوصاً مع اقتراب موسم عطلات نهاية السنة حيث يزداد الطلب على النقد وتشتد الحاجة إلى أوضاع تمويل مستقرة. وجاء هذا الضخ الكبير ليؤكد أن بكين تفضّل بيئة مالية ميسّرة تساعد على دعم الطلب المحلي، وتمنع في الوقت نفسه هوامش واسعة قد تؤدي إلى اضطراب في أسعار الفائدة.

وتحرّكت البنوك الحكومية الكبرى بالتوازي مع هذه العملية عبر تكثيف شراء الدولار داخل السوق الفورية، في خطوة غير معتادة هدفت إلى إبطاء صعود اليوان الذي بلغ أعلى مستوياته في 14 شهراً. وأفادت المصادر بأن هذه البنوك لم تلجأ إلى إعادة بيع الدولار عبر سوق المبادلات كما جرت العادة، بل احتفظت به لخفض سيولة الدولار ورفع تكلفة المراهنة على العملة الصينية، ما أدى إلى تراجع نقاط المبادلات وانخفاض العائد النسبي لحيازة اليوان. ويعكس هذا التدخل رغبة السلطات في إدارة مكاسب العملة بعناية، بحيث تستفيد من تحسنها التدريجي دون السماح بارتفاع سريع قد يضغط على الصادرات أو يدفع المستثمرين نحو خطوات غير محسوبة.

وجاء صعود اليوان الذي تجاوز 3 في المائة منذ بداية العام ليضع السلطات أمام معادلة حساسة: دعم ثقة المستثمرين الدوليين في العملة الصينية، وتعزيز مسارها التصاعدي عالمياً، مقابل حماية تنافسية الاقتصاد ومنع تدفقات مفاجئة للخارج. ولذلك حافظ البنك المركزي على توجيهاته اليومية لسعر الصرف ضمن نطاق مضبوط، مثبتاً «متوسط التداول» عند مستوى أضعف من التوقعات لتهدئة وتيرة صعود العملة.

ويتفق المحللون على أن التزامن بين ضخّ السيولة بكثافة وبين ضبط تحركات اليوان يجسّد استراتيجية دقيقة تتبناها بكين لضمان استقرار ثالث أكبر اقتصاد في العالم. فالصين تتحرك في نهاية 2025 على أكثر من خط لحماية نظامها المالي، ودعم السوق الداخلية، والسيطرة على حركة العملة، بما يضمن توازناً يسمح للاقتصاد بالتماسك في مواجهة الضغوط العالمية المتزايدة.