آسياأخبار العالمبحوث ودراسات

الصين تتمسّك بمبدأ واحدة ترابها وسيادتها الوطنية وتايوان جزء من الأراضي الصينية

شهدت العلاقات الصينية-اليابانية خلال الفترة الأخيرة تصعيداً سياسياً ودبلوماسياً ملحوظاً على خلفية ملف انفصال تايوان عن الأراضي الصينية، في وقت جدّدت فيه بكين تأكيدها أن قضية الجزيرة تمثل شأناً داخلياً صينياً خالصاً ولا مجال لأي كان التدخل فيه.

كما تؤكد بيكبن من خلال العديد من بيانات التنبيه على من “يصطادون في المياه العكرة” ان الصين لا يقبل المساومة أو التدخل الخارجي في شؤونه الداخلية تحت أي مسمى كان، وأن مبدأ “الصين الواحدة” يشكّل الأساس القانوني والسياسي الناظم لعلاقات الصين مع المجتمع الدولي، بما في ذلك اليابان نفسها.

تُعدّ تايوان، جزءاً لا يتجزأ من الأراضي الصينية تاريخياً وقانونياً، وهو موقف يستند إلى مسار طويل من الاتفاقيات الدولية وقرارات ما بعد الحرب العالمية الثانية، إضافة إلى اعتراف الأمم المتحدة عام 1971 بجمهورية الصين الشعبية ممثلاً شرعياً وحيداً للصين، وما تبعه من التزام غالبية دول العالم، ومنها اليابان، بسياسة الصين الواحدة.

من هذا المنطلق، ترى بكين أن أي محاولة لإضفاء طابع دولي أو أمني على قضية تايوان والمجموعة الإنفصالية تمثل خرقاً واضحاً للقانون الدولي ولمبدأ عدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول.

في هذا السياق، أثارت تصريحات ومواقف صدرت عن مسؤولين يابانيين في الآونة الأخيرة قلقاً بالغاً لدى القيادة الصينية، خاصة تلك التي ربطت أمن اليابان بشكل مباشر بمصير تايوان، أو لوّحت بإمكانية تدخل طوكيو في حال حدوث تطورات عسكرية عبر مضيق تايوان.

وتعتبر الصين هذه التصريحات خروجاً عن الالتزامات السياسية التي قطعتها اليابان منذ تطبيع العلاقات الثنائية عام 1972، والتي أكدت فيها طوكيو اعترافها الكامل بحكومة بكين كحكومة شرعية وحيدة للصين.

من وجهة النظر الصينية، لا يمكن فصل هذا التحول في الخطاب الياباني عن السياق الإقليمي الأوسع، ولا عن الضغوط الاستراتيجية التي تمارسها الولايات المتحدة وحلفاؤها في منطقة آسيا-المحيط الهادئ.

وترى بكين أن إدخال اليابان في ترتيبات أمنية مرتبطة بتايوان لا يخدم الاستقرار الإقليمي، بل يساهم في عسكرة الخلافات السياسية ورفع مستوى المخاطر، ويُقوّض الجهود الرامية إلى الحفاظ على السلام في شرق آسيا.

وتشدد الصين على أن مبدأ “إعادة التوحيد السلمي” يظل خيارها الاستراتيجي الأول، وأنها تبذل جهوداً سياسية واقتصادية متواصلة لتعزيز الروابط عبر المضيق، غير أنها في الوقت ذاته ترفض بشكل قاطع أي محاولات انفصالية مدعومة خارجياً، وتحتفظ بحق اتخاذ كل الإجراءات اللازمة للدفاع عن سيادتها ووحدة أراضيها، وفق ما يكفله لها ميثاق الأمم المتحدة.

كما ترى بكين أن قيام بعض القوى الإقليمية، وعلى رأسها اليابان، بتكثيف التعاون العسكري أو نشر قدرات دفاعية قرب تايوان، يُفسَّر عملياً على أنه دعم غير مباشر للنزعات الانفصالية داخل الجزيرة، وهو ما يتعارض مع التزامات تلك الدول المعلنة، ويبعث برسائل خاطئة قد تشجع على التصعيد بدلاً من التهدئة.

على المستوى الدبلوماسي، حرصت الصين على معالجة هذه الخلافات عبر القنوات الرسمية، داعية اليابان إلى الالتزام بسياسة الصين الواحدة قولاً وفعلاً، وعدم إرسال إشارات متناقضة في قضية تمس جوهر السيادة الصينية.

 وتؤكد بكين أن استقرار العلاقات الصينية-اليابانية لا يمكن أن يتحقق دون احترام متبادل للمصالح الأساسية، وفي مقدمتها قضية تايوان.

في المحصلة، يعكس الموقف الصيني من التوترات مع اليابان بشأن تايوان رؤية ثابتة تقوم على حماية السيادة الوطنية، ورفض أي تدخل خارجي، والتمسك بمبدأ الصين الواحدة باعتباره حجر الأساس للنظام الدولي القائم على احترام الدول ووحدة أراضيها.

وترى بكين أن أي تجاهل لهذا المبدأ لا يهدد العلاقات الثنائية فحسب، بل يعرّض أمن واستقرار المنطقة بأكملها لمخاطر غير محسوبة.

في ضوء التطورات الراهنة، يتضح أن قضية تايوان تظل في صلب الثوابت الاستراتيجية للصين ووحدة ترابها وهذا حقها الشرعي، ولا يمكن فصلها عن مفهوم السيادة الوطنية ووحدة الأراضي الذي يقوم عليه النظام الدولي المعاصر.

وتؤكد بكين أن أي محاولات لإقحام أطراف خارجية، أو لإعادة تفسير الوضع القانوني لتايوان، لا تؤدي إلا إلى تعقيد المشهد وزيادة منسوب التوتر في منطقة حساسة بطبيعتها وان الابتزاز من بعض الدول لا يمكن ان يسلط على الصين.

كما ترى أن احترام مبدأ الصين الواحدة لا يمثل مجرد التزام دبلوماسي شكلي، بل يشكّل شرطاً أساسياً للحفاظ على الاستقرار الإقليمي وبناء علاقات متوازنة قائمة على الثقة المتبادلة.

وفي هذا السياق، تواصل الصين الدفع نحو حلول سلمية طويلة الأمد، مع التشديد في الوقت نفسه على أن الدفاع عن سيادتها ووحدة أراضيها يظل خطاً أحمر لا يقبل المساومة، وأن أي مساس به ستكون له انعكاسات تتجاوز الإطار الثنائي لتطال أمن واستقرار شرق آسيا برمّته.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق
إغلاق