السودان يتأرجح بين التهدئة والعنف
ما حدث أمس الإثنين، بمدينة الأُبيّض بالسودان من سقوط قتلى ومصابين خلال مسيرة لتلاميذ المعاهد الثانوية، يؤشر مرة أخرى إلى أن الوضع في هذا البلد لا يزال متأرجحا بين التهدئة والعنف، في ظل شراكة هشة بين المجلس العسكري الذي أطاح بالرئيس عمر حسن البشير وبين قوى التغيير والحرية.
ففي حين حمّلت قوى التغيير والحرية في بيان لها، أمس الإثنين، المجلس العسكري المسؤولية عن قتلى الأبيّض، وحثت على “الخروج في مواكب بكل الولايات لتحقيق مطالب الثورة المتمثلة في تسريع نقل السلطة إلى المدنيين لإقامة الحكم الانتقالي”، أعلن رئيس المجلس العسكري الحاكم، عبد الفتاح البرهان، اليوم الثلاثاء، ضرورة” إجراء محاسبة فورية بعد مقتل ما لا يقل عن أربعة تلاميذ بالرصاص خلال فض احتجاج في مدينة الأبيّض” مضيفا أن “ما حدث في الأبيّض أمر مؤسف وحزين وقتل المواطنين السلميين غير مقبول ومرفوض وجريمة تستوجب المحاسبة الفورية والرادعة”.
ويرى عديد المراقبين أنه ليس مصادفة أن تحدث “مجزرة” الأبيّض، بعد 48 ساعة من إعلان النائب العام المكلف عن ملخص التحقيقات حول المجزرة التي وقعت في 3 يونيو 2019 بساحة الاعتصام بالخرطوم.
وحسب صحف سودانية صادرة اليوم، يتردد بقوة وسط مواطني الأبيّض، نقلا عن بعض التلاميذ أن” شبابا” جاؤوا إلى المدرسة وطلبوا منهم الخروج بسبب ندرة المياه وغلاء الأسعار وانعدام الغازولين وارتفاع تسعيرة المواصلات، ولا يعرف أحد هوية هؤلاء الشباب الذين أخرجوا التلاميذ. ويتهم مواطنون في الأبيّض أعضاء النظام القديم والحركة الإسلامية بأنهم وراء جر التلاميذ إلى هذه المجزرة.
وجاءت ردة فعل الشارع السوداني واسعة إذ خرج المواطنون في مدن مختلفة منددين بالمجزرة، وشهدت مناطق متفرقة من الخرطوم عودة المتاريس، كما صدرت بيانات عن تجمع المهنيين وقوى إعلان الحرية والتغيير وحزب الأمة القومي وحزب المؤتمر السوداني كلها تحمّل المجلس العسكري مسؤولية الحادثة وطالبت بتسليم الجناة إلى العدالة فورا.
ويسجل عديد المراقبين أنه كلما حصل تقدم في المفاوضات بين المجلس العسكري وحركة التغيير والحرية، إلا وتبرز عراقيل غير متوقعة، في مؤشرات لا تستبعد.